العنوسة ليست امرأة!
قمر غصن

حرف التاء في كلمة العنوسة ليست للتأنيث، فلماذا يصر المجتمع على تحريفها وجعلها كذلك.

عند سماع هذه العبارة يتبادر لأذهاننا تلقائياً صورة امرأة فاتها قطار الزواج، وتتجسد تلك الصورة من خلال مشهد متخيّل يرسم تلك المرأة وهي تجلس وحيدة في منزل بائس، محاطة بقطط لا عمل لها سوى الاهتمام بها!!

هذه هي الصورة النمطية للمرأة العانس، وهذا ما قد اكتسبناه من مجتمع يُصر على وضعنا بقالب محدود ومُحدّد، يطلق علينا الصفات ويحدد أدوارنا ومهامنا ضمن قوانين ومصطلحات لا يجب علينا تخطيها. وليس مستغرباً من مجتمع لا يزال الفكر الذكوري فيه يسيطر على عقول أغلب نسائه ورجاله على حد سواء أن يستغل أي صفة ليصم به المرأة على أنها ناقصة.

في بحوث انتشرت مؤخراً عن نسبة “العنوسة”، فاز لبنان في المركز الأول عربياً بنسبة 85 في المئة ليتصدر الخبر وسائل التواصل الاجتماعي ويأخذ مساحة بارزة في نشرات الأخبار والبرامج التليفزيونية.

ما هي العنوسة؟
العنوسة وفق تحديد المجتمع وآراء الناس هي مصطلح يُطلق على الشخص الذي أصبح في سن يُعتبر فيه أنه قد تخطى المهلة المتاحة للزواج. وفي مجتمعنا الشرقي وُضعت قوانين لذلك حيث تُعتبر المرأة «عانس» في سن الـ 30 أما الرجل فيُمدد له حتى الـ 40 وهو ما نشهده في عصرنا الحالي أي مع مواكبة التطور والإنفتاح. في حين أن الزواج بحد ذاته هو خيار شخصي يندرج ضمن الحرية الفردية التي يحق للشخص وحده التقرير بشأنه أو الاستغناء عنه.

لكن المثير للدهشة هنا ليس فقط تحديد عمر الزواج أو إطلاق الصفات والمصطلحات على الشخص الذي يُقرر أن يكسر السائد المعمول به، بل تخطي ذلك لتكون تلك الكلمة مربوطة بالنساء حصراً، حيث أصبحت كلمة «عانس» مرادفة لكلمة امرأة من دون شريك أو من دون زواج.

«خلي الخاص ممنوع.. خليكِ عم تتغنجي وخليكِ عند بيّيك»!
«نعم لتعدد الزوجات للتخلص من العنوسة»
هذه عيّنة من بعض العبارات الكثيرة التي انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل بعد هذه الإحصائيات. مضافاً إليها ولترسيخ منطق الفكر الذكوري وضع صور لنساء تارةً بفساتين فرح وتارةً أُخرى في تظاهرات لتكون الصورة الرئيسة لخبر العنوسة!

علامات استفهام كثيرة ترتسم وتضعنا أمام حقيقة مُؤلمة بعيدة كل البعد عن ما ندعي به من تقدّم ووعي. حقيقة أننا لا زلنا نعيش في مجتمعات ذكورية متأصلة فينا حيث الغلبة فيها لذلك الفكر الذكوري. والمؤسف أننا في بلد يُهلّل لحقوق المرأة ويستخدمها لتبييض صورته أمام الغرب ويتاجر بها وبقضيتها للمصالح الشخصية، في بلد لا تستطيع المرأة أن تعطي جنسيتها لأولادها وأن تمنحهم اسمها. في بلد الطوائف وحرمان الأم من طفلها تحت الشعائر الدينية… لا شيء يصدمنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى