حسن يغامر…بلا فلوس ولا “واسطة”!!
إيمان العبد

الركود الاقتصادي في لبنان والذي يتعمق يوماً بعد يوم يفضي إلى ارتفاع متواتر في نسب البطالة المستشرية التي يحجز الشباب اللبناني حصة وازنة فيها وهي نسب تخطت الـ ٤٢٪، وتطاول خريجي الجامعات بالدرجة الأولى الذين لا يجدون سوى الهجرة طريقاً وحيداً للخلاص من الظروف المأساوية التي يواجهونها، حيث لا عمل ولا من يعملون.

“إذا كان لبنان مقبرة الطموح لن أتخلى عن طموحي” هذا ما قاله حسن عطية الشاب العشريني، الحائز على شهادة ماجستير في الإعلام من الجامعة اللبنانية، ولم يحظَ بفرصة عمل في هذا المجال، فقطاع الإعلام في لبنان يشهد منذ سنوات أزمات كبيرة أودت بالعديد من الصحف ووسائل الإعلام إلى الإقفال، والباقي يعاني والعديد من المؤسسات لا تدفع للموظفين مستحقاتهم المالية. لكن باقي القطاعات ليست أفضل حالاً من الإعلام فجميع القطاعات متعثرة والأعمال متوقفة.

كل هذه الظروف التي واجهها حسن لم تؤدِ به إلى اليأس بل إلى المزيد من المثابرة والكفاح من أجل التفتيش عن بديل يقيه شر الهجرة ويفتح أمامه أملاً يجعله يبقى في لبنان ويستمر رغم كل الظروف، فكان مشروعه المبتكر الذي ينوي السير به وأطلق عليه «جاهز».

قبل «جاهز» كان شغف حسن الأول الذي حفّزه للدخول إلى كلية الإعلام هو عالم الصحافة الرياضية وبشكل خاص التعليق الرياضي، ولكن بعد محاولات حثيثة لدخول هذا المجال من خلال العمل في صحيفة مدة تسعة أشهر، فشلت المحاولة والسبب في ذلك “الواسطة” التي كانت أقوى من الكفاءة فترك حسن عمله وقرر أن يواجه معتمداً على كفاءته وخبرته وحدها.

“عايزين ناكل عيش.. يجب أن أرتب أموري في بيروت كوني أعيش وحدي” يقول حسن الذي حزم أمره بتأسيس شركته الخاصة وإطلاق مشروعه الخاص “جاهز” وهو عبارة عن شركة تسويق إلكتروني لا يزال يجري العمل على إطلاقها قريباً. وجهتها وضع خطط تسويقية لمؤسسات ومشاريع اقتصادية عبر منصات التواصل الاجتماعي (facebook, instagram, linkedin, Twiter).

يشرح حسن: مشروع «جاهز» هو جزء من شركة عربية قابضة، تعرف على مديريها واتفق معهم، وخلال 9 أشهر من التنسيق والترتيب أخذ منهم قسم الـ social media marketing محققاً بذلك حلمه والدخول في مجال الإعلام من باب آخر واسع اختاره لنفسه. ولإن العالم كله يتجه نحو الـ digital marketing في الترويج والإعلان وهو على دراية كاملة بالتأثير الذي تحدثه منصات التواصل الاجتماعي، قرّر خوض غمار التجربة التي يعتبرها شغفه واهتمامه الأول.

قدمت الشركة لحسن المكتب في بيروت على أن يتولى هو تجهيزه وتأمين المعدات اللازمة له من كاميرات وأجهزة يملك حسن جزء بسيط منها ليبدأ بمشروعه.

«لا يمكن أن يكون مستقبلي وطموحي إلا في مجال الإعلام» يقول حسن ويتابع «لا أرى نفسي إلا في هذا المجال وسأخوضه بمشروعي الخاص». لكن التحديات التي تنتظر مشروع حسن كثيرة وكبيرة وما قد يواجهه ويواجه أي شاب لبناني يعتمد على نفسه لاطلاق مشروعه هي العائق المادي الذي يبقى الحلقة المفقودة في أي مشروع. فالدولة ومؤسساتها والوزارت المعنية غائبة ولا تولي أي اهتمام بطموحات الشباب وبأحلامهم، وهي تفتقد السياسات التي تدعم وتشجع الشباب على القيام بمشاريعهم الصغيرة التي تؤمن بقاءهم في بلدهم وتفتح الطريق لبناء مستقبلهم في وطنهم. وهذا ينطبق أيضاً على المصارف التي تهمل هذا الجانب وتتجه إلى المشاريع التي تجني من وراءها أرباحاً طائلة.

ما يعترض مشروع حسن «جاهز» ويؤخر انطلاقته هو ما نتحدث عنه، وهو حسب قوله «لا يتعدى مبلغاً بسيطاً من المال لكي أنطلق»، خصوصاً أنه لا زال عاطلاً عن العمل. وكما يبدو واضحاً أن فشل المشروع بالنسبة إليه ليس وارداً وهو يشكل نقطة البداية في حياته المهنية ويحاول قدر المستطاع تخطي هذه العقبات «البسيطة» كما وصفها لينطلق بمشروعه ويطوره مع الوقت ويوسع عمله. فالانطلاق بمشروع خاص حسب حسن «ليس سهلاً ويحتاج إلى الكثير من الصبر وهذا ما لم يعتد عليه الشباب اللبناني بشكل خاص الذي ينتظر نتائجه الجيدة بسرعة وهذا لن يحصل».

«جاهز» ليس المشروع الوحيد لحسن عطية الذي يعمل على تحقيقه، فمنصته على «اليوتيوب» التي أطلق عليها أيضاً «حسن ــ يغامر» تُظهر مواهب حسن الفنية العالية من حيث الفكرة والتصوير والإخراج، وهو من خلالها يصور حلقات تبيّن موهبة حسن إذ يعالج فيها وبطريقة بسيطة لا تخلو من الفكاهة قضايا مرتبطة بحياتنا اليومية وهموم الشباب وهي تلقى تجاوباً كبيراً من متابعيه الذين أصبحوا بالآلاف. يعلقون ويثنون على أفلامه والقضايا التي يطرحها. من الحلقات اليوتيوبية المصورة التي عرضها حسن على منصته قضية عمال النفايات في بلدته، حيث نراه يصعد معهم في الشاحنة ويساعدهم في جمع النفايات، ويحاورهم حول طبيعة عملهم، بأسلوب عفوي لا يخلو من الطرافة.

حلقات أخرى متنوعة عرضها حسن على منصته «اليوتيوبية» تُظهر قدرات حسن ومواهبه الفنية وإلمامه بقضايا الناس وأيضاً الجهود الكبيرة التي بُذلت من أجل إنتاج تلك الحلقات.

«الحياة بالنسبة لي كل شيء فيها مغامرة» بهذه الجملة يشرح حسن ما يشاركه على قناته من تجارب اجتماعية حياتية بسيطة بعيدا عن الـ fantasia والاستعراض ليكون «اليوتيوبر» الأول في لبنان، فالمغامرة بحسب حسن «ليست بالضرورة تسلق الجبال والمخاطرة، بل بإيجاد أفكار جديدة وخلاقة، لذا من خلال منصة «حسن ـ يغامر» عملت في كل شيء، مسحراتي، بائع مياه، عامل نظافة وغيرها».

إضافة إلى مشروع «جاهز» الشركة التسويقية التي يعمل حسن على إطلاقها قريباً والقناة اليوتيوبية التي يعرض عليها أفلام قصيرة من إنتاجه خاض حسن عطية تجربة قصيرة على «الفايس بوك» وهي عبارة عن stand up كوميدي، برنامج ناقد وساخر، فضلاً عن مشاركته بالتمثيل في فرقة مسرحية لكنه رأى أنه من الأفضل أن يشارك أفكاره على «يوتيوب» ليكون الأول في لبنان.

ليس هناك من بدل مادي لحسن يجنيه من أعماله المتنوعة، فما يقوم به عبارة عن قصة «حسن ـ يغامر» وهي قصة الكثير من الشباب اللبناني الذي يراوده فور تخرجه من الجامعة كابوس البطالة، في دولة تنعدم فيها السياسات الداعمة للمشاريع الصغيرة الشبابية وجل ما تفعله بهم هو البحث الحثيث عن أقصر الطرق إلى الهجرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى