kishk ..الكشك البعلبكي على منتجات مستوحاة من مطابخ الأمم والشعوب وكبريات الشركات العالمية

حسين حمية

سبق لنا أن تناولنا الكشك في “مناطق نت” سابقا، لكن هناك ما يستدعي الكتابة مرة ثانية عن هذا الموضوع.

يتعامل اللبنانيون مع “الكشك” وكأنه “إهانة” غذائية تلحق بالبعلبكيين الذين ما زالوا يواظبون على انتاج هذه الأكلة وترسيخها على أنها جزء من الهوية الثقافية لمنطقتهم. ومع أن المطبخ اللبناني يعكس أذواق المطبخ السياسي للدولة اللبنانية بما فيه من انحياز وتمييز طوائفي ومناطقي وتنكر فئوي، دخل الكشك سوق الأطعمة اللبنانية، فلم يعد مقتصرا على “المونة”، بل تحوّل إلى أكلة غزت أفران معظم المناطق اللبنانية على شكل منقوشة تستهويها الأفواه والبطون.

غير أننا اليوم نقف أمام مفارقة ملفتة، فإذ أهمل البعلبكيون منقادين لمعايير الذوق اللبنانية السائدة، منتجهم الغذائي، إلا أن الشركات العالمية الرائدة في صناعة المنتجات الغذائية وتسويقها على أمم وشعوب العالم، أعادت الاعتبار إلى هذه الأكلة، واعتبرتها من التراث القديم للمطبخ اللبناني.

شركة دانون الفرنسية الشهيرة عالميا بصناعات مشتقات الحليب، عرضت ضمن منتوجاتها  المستوحاة من المطبخ العالمي “اللبن”، وعلى غلاف عبوة اللبن زوّدت المستهلك بمعلومات تاريخية عن هذه الأكلة، فربطت بين اللبن واسم لبنان المأخوذ من بياض الثلوج الذي يغطي جباله، كما عددت استخدام اللبن في الطعام اللبناني في أكثر من طبخة ولوجبات مختلفة، ثم ذكّرت بالكشك وطريقة تحضيره باختصار ونسبته لأهل الجبال منذ أكثر من ألف سنة واعداده وفق تقاليد معينة.

لا نعلم ما المقصود بأهل الجبال، وهل يتوسع ليشمل أهل البقاع وبعلبك تحديدا، مع أنه قد يكون إعداد الكشك قد انتقل من الجبل إلى بعلبك مع العائلات الشيعية التي نزحت من هناك من في أواخر القرن التاسع عشر.

في روايته “صخرة طانيوس”، كعادته يستخدم أمين معلوف الإحالات التاريخية ولا يتصرف بها كراو إنما كمؤرخ، وفيها يتحدث عن الكشك ويصفه: “حساء سميكا وحامضا مؤلفا من اللبن والقمح، وهو أحد أقدم المعالم الغذائية التي يمكن زيارتها اليوم”، ويرد إعداده إلى آلاف السنين، ثم يذكر في فقرة كيفية تصنيعه: بوضع القمح المجروش في خوابي مع اللبن لأيام عدة كي يتشربه “فنحصل بعدها على العجينة المسماة بالكشك الأخضر، والتي يعشقها الأطفال، وتنشر هذه العجينة على جلد غنم مدبوغ لتجف على السطوح، ثم تتناولها النساء في أيديهن ويقمن بتفتيتها قبل نخلها للحصول على المسحوق المائل للبياض الذي يحفظ في أكياس قطنية طوال الشتاء”.

على صلة: الكشك..وبلديات بعلبك والدكتور الحص والأتراك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى