بعد معاناة مع مطمر الناعمة..أهالي عبية وعين درافيل أمام معاناة أخرى مع بلديتهم!


راغدة الحلبي
وكانت قد حصلت البلديات المجاورة للمطمر على حوافز مالية عائدة من مطمر عبيه – عين درافيل المعروف بمطمر الناعمة. وبما أن 90 % من مساحة مطمر الناعمة في أراضي عين درافيل، والتي تتبع لبلدية عبيه – عين درافيل، لذلك فقد بلغت قيمة الحوافز المالية التي أقرها القانون لهذه البلدية ما يقارب 12 مليون دولار.
بناءً عليه كان قد وصل إلى الصندوق المالي لبلدية عبيه – عين درافيل 9 ملايين دولار كدفعة أولى من الحوافز. فعلق أهالي البلدتين آمالهم على أن المجلس البلدي الذي انتخبوه عام 2016 ، سيُحسن استثمار هذه الأموال الضخمة، لكن آمالهم ذهبت سدى.
فعلى الرغم من أن بلدية عبيه – عين درافيل كانت من أوائل البلديات في لبنان التي أنشأت معملاً لفرز النفايات، وحلّت هذه المشكلة التي ضربت مختلف المناطق اللبنانية بعد إقفال مكب الناعمة. إلا أن آمال الأهالي تحطمت بعد أن مرّ عامان ولَم تعمد البلدية لإنشاء مشاريع إنمائية في البلدتين تهم المواطن وتوفر له متطلبات حاجاته اليومية، أو تتأسس على رؤية مستقبلية ودراسات وخطط منهجية تحدث نقلة نوعية في واقع بلدتي عبيه وعين درافيل.
بالمقابل أقامت هذه البلدية من دون الأخذ بالأولويات، مشاريع تفتقد للأهمية وللمنفعة العامة للمواطنين، فأنشأت حديقة عامة تحت الطريق عند مدخل البلدة بلغت تكلفتها 145 مليون ليرة، في الوقت الذي كان يعاني فيه أبناء عبيه وعين درافيل من انقطاع للمياه الأمر الذي يرتب على الأهالي دفع تكاليف شرائها منذ شهر آب 2017. وقد تمنعت البلدية عن حل هذه المشكلة معللة هذا الأمر بأنه من واجب وزارة المياه والطاقة وليس من واجب البلدية.
أيضاً عمدت البلدية إلى شق طرقات فرعية جديدة وتزفيت بعضها وبناء جدران وتلبيسها بالحجر الأصفر. وبالرغم من رداءة التنفيذ وعدم استعمال المواد الأولية الوارد ذكرها في القرار البلدي، كانت قيمة الفواتير باهظة جداً وأسعار المواد خيالية لا يقبلها عقل ولا منطق. كما تعمدت البلدية إيلاء الاهتمام فقط لأبناء البلدة الذين يدينون بالولاء والطاعة لرئيس البلدية.
والمؤسف، أن رئيس بلدية عبيه – عين درافيل الأستاذ غسان حمزة، استغل موقعه ونفوذه كرئيس بلدية، فخالف القانون بأن شيّد بناء له في حي عين الشاوي بحيث يعلو طابقاً إضافياً عن غيره من المباني المجاورة. علما بأنه معروف عن تشدده في منع أي من أبناء عبيه وعين درافيل من القيام بأعمال ومخالفات قانونية، إلا من هم من محسوبياته ومن لديه مصالح خاصة معهم، فيحق لهم مخالفة القانون بكل سهولة دون محاسبة.
على أثر ذلك بدأت تنبعث من أروقة المجلس البلدي أخباراً تتحدث عن هدر أموال طائلة من الحوافز المالية التي تلقتها البلدية. الأمر الذي دفع عدداً من أبناء عبيه، فِي شهر كانون الثاني 2018، إلى التقدم بطلبات عدة للبلدية يطلبون من خلالها معرفة موازنات البلدية على مدى السنوات التي استلم المجلس البلدي الحالي العمل فيها، وفواتير وتكاليف المشاريع والأعمال التي قامت بها البلدية والهدف من إنشائها. فرفض رئيس البلدية الرد على الطلبات وتسليم المستندات لطالبيها. فعلت صرخات المطالبين، ووقف إلى جانبهم مختار عين درافيل الأستاذ جوزيف أبي سليمان، الذي نشر على الفيسبوك بيانات بعدة طالب فيها البلدية بالتصريح عن العديد من الأمور منها حصة عين درافيل من الحوافز المالية، خصوصا أن الأخيرة لا زالت تفتقد للكثير من المشاريع الإنمائية ولَم تحصل على حقها من الحوافز المالية، لكنه لم يلق من رئيس البلدية ومجلسها إلا التجاهل لطلباته والأعمال الكيدية.
اعتمد الناشطون من أبناء عبيه مواقع التواصل الإجتماعي للتعبير عن استيائهم من سوء تصرف البلدية، حيث نشروا العديد من المستندات التي تثبت هدر الأموال وصوروا الكثير من المخالفات التي قامت بها بلدية عبيه – عين درافيل. ما اضطر المجلس البلدي إلى إصدار بيان اعتبر فيه بأن البلدية تتعرض لحملة إعلامية ممنهجة. وعوضا عن الاستجابة لمناشدات الأهالي، أصرت البلدية على عدم نشر المستندات والفواتير على الموقع الإلكتروني الخاص بالبلدية، وأصدرت قراراً رفعت فيه سعر كل ورقة يطلبها المواطن من أهالي عبيه بقيمة 10,000 ل.ل. عشرة آلاف ليرة لبنانية.
من جهته استمر رئيس البلدية غسان حمزة رفضه للاجتماع مع الأهالي لتوضيح طريقة العمل البلدي وتكاليف المشاريع والهدف من إنشائها.
بعد تصاعد المواجهة بين الناشطين من أبناء عبيه والبلدية، بادر الناشطون إلى التقدُّم بشكاوى قضائية عدة على البلدية في كل من قائمقامية عاليه، ووزارة الداخلية والبلديات، ووزارتي البيئة والصحة. وكان مضمون كل هذه الشكاوى المخالفات القانونية الكثيرة التي تقوم بها البلدية، ومنها حرق نفايات في معمل الفرز الذي أنشأته. ومنها إخبار أمام النيابة العامة ضد بلدية عبيه – عين درافيل يتعلق بهدر أموال معزز بالمستندات تثبت أن الهدر في البلدية يطاول كل مشروع سواء كان صغيرا أم كبيراً.
في المقابل تقدمت بلدية عبيه – عين درافيل بشكوى قدح وذم لدى قاضي الأمور المستعجلة في عاليه ضد ثلاثة من أبناء عبيه وهم: (ر.ح)، (أ. ح) و( ش. ح.)، وتعمدت البلدية تحييد مختار عين درافيل وعدم الإدعاء عليه في الشكوى كي لا تكون في موضع الشك أمام القضاء.
والمفاجأة كانت أن صدر قرار قضائي يمنع المدعى عليهم من متابعة الحديث عن مخالفات البلدية على مواقع التواصل، فما كان من المدَّعى عليهم إلا أن طعنوا في القرار، خصوصا وأن قاضي الأمور المستعجلة قد أصدر حكمه دون أن يستدعي المدعى عليهم لجلسات للإستجواب.
وفِي 27 نيسان 2018، فوجئ الأهالي بدعوتهم لحضور مؤتمر في عين درافيل برعاية وحضور النائب أكرم شهيب، حيث طالب الأخير المسؤولين بمتابعة دفع الحوافز المالية للبلديات المحيطة للمطمر. المؤتمر الذي قاطعه أهالي عبيه قاطعه مختار عين درافيل جوزيف أبي سليمان أيضاً.
مطالبة شهيب بدفع الحوافز لبلدية عبيه قابلها الناشطون من أبناء البلدة بالمطالبة بإعطاء الحوافز لجميع البلدات المحيطة بالمطمر باستثناء عبيه ريثما تتكشف ملفات التحقيق حول أعمال الهدر القائمة في البلدية ومحاسبة أعضائها الذين خالفوا القانون.
حضور شهيب المفاجئ والمستغرب ورعايته للمؤتمر الذي لم يلق أي تجاوب أو حضور من أهالي بلدتي عبيه وعين درافيل علما بأن الدعوة عامة، عكس امتعاض الأهالي من آداء البلدية، وطرح علامات استفهام عن جدوى المشاريع التي تقوم بها من الحصول على الحوافز المالية لأنهم أصبحوا يدركون جيدا أن هذه الأموال لن تسخر في إقامة مشاريع إنمائية لبلدتيهما، بل ستذهب هدراً إلى جيوب المنتفعين. والمؤسف أن الستة ملايين دولار التي صُرفت هدرا على مشاريع غير مهمة، كانت كفيلة ببناء مستشفى ضخم يُؤْمِن وظائف لأبناء عبيه وعين درافيل، الذين هاجر معظمهم أرض الوطن ومنهم من يعاني من البطالة.
الحصول على الحوافز المالية كتعويض لأهالي بلدتي عبيه وعين درافيل عن المعاناة التي سببها وجود المطمر في أراضيهما لمدة 17 عاماً هو حق للأهالي وليس مِنة من أحد، ورعاية الوزير شهيب للمؤتمر في عبيه هو إمعان في حرمان البلدتين المنكوبتين والمحرومتين من حقّهما في الانماء، وهو تغطية غير مباشرة لكل أعمال الهدر والفساد التي تحصل في بلدية عبيه – عين درافيل!