خليل ديب.. من مشتل التبغ إلى الترشح للنيابة
لا يعدو الترشح إلى الانتخابات النيابية، بالنسبة للمرشح خليل حسن ديب مهمة نضالية من المهمات التي بدأها العام ١٩٧٣، يوم انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني، في عمر السادسة عشرة.
قرار ديب، في الترشح عن دائرة الجنوب الثالثة (بنت جبيل) لم يكن قرارًا شخصيًا، فهو استجاب لرغبة حزبه، رغم تصويته في اللجنة المركزية للحزب مع قليلين، ضد مشاركة الحزب الشيوعي في الانتخابات النيابية.
والحكاية الأهم، أن خليل ديب ٦٥ عامًا، ليس من الفئة، التي ترشحها الأحزاب عادة، ولا المجتمعات الأهلية (طبيب، مهندس، محام وغيرهم) فهذا الحزبي المزارع، حاز على تسمية أكثرية حزبية، كونه يحمل من مواصفات المرشح الجماهيري، ولم يترك ساحات النضال المطلبي والعمل المقاوم في صفوف حزبه، الذي سبق أن رشح أول طبيب شيوعي في قضاء بنت جبيل العام ١٩٧٢، هو الدكتور أحمد مراد في مواجهة ما كان يعرف حينها بالاقطاع السياسي في المنطقة والجنوب عمومًا.
هذه المرة خرق خليل ديب (أبي نمر) الشكليات التي تنطبق على غالبية المرشحين، ولم يرتدِ بزة رسمية ولا ربطة العنق، خلافًا لسائر المرشحين في اللائحة التي انضوى فيها (معًا نحو التغيير) على قاعدة من يغير عادته تقل سعادته.
أنهك منطاع التبغ، وهو أداة مصنوعة من الخشب والحديد، تغرس في الأرض، لتحضن شتلة التبغ، يدا خليل ديب، ابن بلدة شقرا، الواقعة على كتف وادي الحجير (السلوقي) فقد عاش ديب، ضمن عائلة فقيرة مزارعة، لا تستحوذ على الملكية، توفي والداه مبكرًا، فاضطر إلى رعاية أشقائه الخمسة، كونه أكبرهم سنًا، فساعد في تعليمهم وتربيتهم. وكان هذا الظرف، إلى جانب الظرف المعيشي القاسي، واحدًا من الأسباب، التي دفعت بالفتى خليل إلى عدم إكمال دراسته الثانوية. فاستبدلها بحمل السلاح مع بداية الحرب الأهلية في العام ١٩٧٥ والتنفل على الجبهات. وأصيب أكثر من مرة.
في عودته إلى تلك الأيام يقول: ديب ل “مناطق نت” بعدما تركت الدراسة، رغم أنني كنت من المجتهدين، عملت في مجالات عديدة، ومنها عاملاً على مرفأ بيروت وثم في دار للسينما، إلى أن تعلمت مهنه الدهان، حملتها معي من بيروت إلى قريتي شقرا ، لكنني لم أستطيع متابعتها، نتيجة التزاماتي الحزبية، التي انعكست على عملي، فلجات في منتصف تسعينيات القرن الماضي إلى زراعة التبغ، بعد استحصالي على إذن من إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي) بمزاولة هذا العمل الشاق والمضني لي ولافراد عائلتي الصغيرة التي بقيت إلى جنبي كتفًا إلى كتف في الزراعة. وكانوا لي سندًا قبل وبعد تخرجهم من الجامعات. فابني الوحيد الذي اغترب إلى افريقيا قسرًا بسبب فقدان فرص العمل، يساعد حاليًا في إعالتي، بعد تراجع إنتاج التبغ وتدني الأسعار، كما أن ابنتي تخرجتا وتزوجتا، فيما ابنتي الثالثة تكمل دراستها.
يضيف أنني باق، إلى جانب مزارعي التبغ وحمل قضاياهم، من خلال الإطار العمالي الذي أنشأناه قبل سنوات تحت مسمى (تجمع مزارعي التبغ).
تنقل الفلاح خليل ديب في مهام حزبية عديدة، فكان عضوًا في محافظة الجنوب، ومسؤولًا عن منطقية جبل عامل (بنت جبيل) وانتخب عضوًا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في مؤتمر العام ٢٠١٦ ومؤتمر العام ٢٠٢١، وترشح ثلاث دورات إلى المجلس البلدي في شقرا مع آخرين في مواجهة لائحة تحالف حزب الله وحركة امل وحصل في الانتخابات البلدية الأخيرة على أكثر من ٨٧٠ صوتاً لم تؤهله الفوز، ويختم ديب، إننا في لائحة “معاً نحو التغيير”، نعمل على التغيير الحقيقي، من خلال برنامج، تم التوافق عليه، يتماشى مع ثوابت الحزب السياسية.