الحراك الثقافي في البقاع الغربي..جمعيات كثيرة بنشاطات قليلة
خالد صالح
على مدى العقدين الماضيين، شهد البقاع الغربي تفعيل العديد من الجمعيات الثقافية الإجتماعية وولادة جمعيات وملتقيات أخرى، لكن نشاطاتها ظلت قليلة قياساً على عددها، ولعل عودة الحياة إلى المجالس البلدية ساهم في عودة عجلة هذه النشاطات إلى الدوران، من خلال تفعيل الحركة الثقافية والإجتماعية، وتشجيع كل ما من شأنه تنمية الثقافة وتغليب عناصر الوحدة على عناصر التفكك الثقافي القائم على الطائفية والمذهبية والعائلية، ونشر ثقافة العيش المشترك والوعي الحقوقي من خلال المنتديات الثقافية.
تعمل اللجان الثقافية في كل المجالس البلدية على إحياء الأنشطة الثقافية والإجتماعية على السواء، من خلال إقامة الندوات والأمسيات الشعرية واللقاءات الحوارية، لأنها تعتبر هذه النشاطات بوابة لتفعيل عمل المواطن وإشراكه في صناعة الوجه الحضاري للبلدة، وقد لاقت هذه الخطوات الإستحسان الكبير من قبل المتابعين والمهتمين، وحذت حذوها الجمعيات التي تحمل نهجاً ثقافياً، فإستعادت حضورها وديناميكيتها، وبدأت ترسم خطها البياني بوضوح لمفهوم الثقافة ودورها في بناء المجتمعات.
يعتبر” المجلس الثقافي الإجتماعي للبقاع الغربي وراشيا ” و ” بيت المحترف في راشيا ” و ” رابطة شباب البقاع الغربي وراشيا “، من الجمعيات الناشطة على هذا الصعيد، فهذه الجمعيات الثقافية توفّر فرصة مثالية للإلتقاء والتواصل وحقلاً معطاء وشاسعا لتبادل الرؤى والآراء، حيث أنها تضم المبدعين والمثقفين المتعطشين إلى العطاء والإبداع الفني والأدبي والشعري والإجتماعي، والساعين إلى التواصل وتبادل المعارف والتجارب والخبرات، فيجد المبدع نفسه بالتالي في إطاره الملائم الذي يوفر له سبلاً عديدة وآفاقا متنوعة ومتنفسا لترجمة أفكاره وهواجسه ومشاريعه الإبداعية.
مؤخراً، شهدت منطقة البقاع الغربي سلسلة من النشاطات الثقافية المهمة، والتي لاقت صدىً إيجابي، اللجنة الثقافية في بلدية المرج نظمت أمسية شعرية تحت عنوان ” المرج وطن الشعر والحب “، شهدت حضوراً ملفتاً، ولاقت تجاوباً كبيراً من محبي الشعر، أيضاً أقام المجلس الثقافي الإجتماعي حفلاً لتوقيع الديوان الأخير للشاعر الأستاذ صالح الدسوقي ” عزف على جراح الحرية ” في بلدة جب جنين، بحضور كوكبة من رجال الفكر والإعلام والأدب، ومشاركة كبيرة من أهالي المنطقة.
الأستاذ صالح الدسوقي أكد أن العمل الثقافي في المنطقة ليس على المستوى المطلوب، لكن يوجد محاولات دؤوبة لتفعيل النشاطات الثقافية والفنية بكل وجوهها، كي يواكب البقاع الغربي بقية المناطق اللبنانية، ويسعى المجلس الثقافي الإجتماعي لرسم خارطة طريق لحركة ثقافية متعددة الجوانب، لنقدم للمواطن البقاعي فسحة عامرة بوجبات ثقافية تشبع نهمه للمعرفة.
الدكتور محمد أبو علي تحدث عن أهمية النشاطات الثقافية لاسيما الأدبية والشعرية منها، لما في ذلك من مردود مهم في طريقنا لإستعادة أمجاد لغتنا العربية، وكل كتاب أو ديوان شعر يصدر هو لبنة في مدماك هذه اللغة العظيمة، لذلك نعمل دوماً على تشجيع الإصدارات بشرط أن تكون في المستوى المطلوب أسلوباً ومضمونا.
رئيس اللجنة الثقافية في بلدية المرج وليد درويش، أكد أن بلدية المرج تولي الشأن الثقافي الأهمية الكبيرة والمتابعة اللازمة، وقد حفلت السنة المنصرمة بجملة من النشاطات المنضوية تحت هذا العنوان، أمسيات شعرية وندوات صحية وتوجيهية إضافة إلى بعض النشاطات في المناسبات الوطنية.
ومواكبة لهذا الحراك الثقافي، المتصاعد حيناً والمتراجع أحياناً أخرى، تعمل منسقيات الأحزاب في منطقة البقاع الغربي وراشيا، على الوقوف وسط الخارطة الثقافية، من خلال عقد جلسات الحوارات المفتوحة، مع رجال السياسة والصحافة والفكر والإعلام، فشرائح المجتمع البقاعي تشعر بنهم كبير للحضور الثقافي، لاسيما وأن المنشآت من قاعات ومسارح باتت متواجدة في كل بلدة، وأنه آن الآوان لمسح الغبار المتراكم عنها منذ سنين.
لا ريب في أن الجمعيات الثقافية بشكل عام تلبي حاجة المبدع إلى إطار إبداعي يعمل في خضمه، إلا أن نشاط الجمعيات الذي يعتبر نشاطا تطوعيا بالأساس قد يأخد من وقته وحتى من ماله جزءا هاما، لم يزل خجولاً نوعاً ما على مستوى منطقة زاخرة بالطاقات كالبقاع الغربي رغم بعض المحاولات الحثيثة لتنشيط هذا الحراك، لذلك يمكن ملاحظة أن الحماس والإقبال على هذا النشاط يتراجع تدريجيا ليضمحل شيئا فشيئا كي يعود المبدع إلى دائرة السلبية، خصوصاً وأن الجزء الأكبر من المبدعين والمثقفين لا يملكون الإمكانيات أو الموارد المالية الكافية التي تخوّل لهم هذا النوع من الاستقرار النفسي لغاية التفرغ للإبداع والإنتاج.