استقالة الحريري في البقاع الغربي: صدمة وانتظار..والشائعات لتعبئة الوقت
كتب خالد صالح
بين الرؤوس الحامية والألسن الثقيلة، يتعايش اللبنانيون اليوم على وقع إستقالة الرئيس سعد الحريري، وبين قابض على خبر هنا ومتمسك بسر هناك، تشتعل الحوارات والتحليلات والتكهنات للمرحلة المقبلة .
الشارع في البقاع الغربي، هو إمتداد طبيعي لكل لبنان، ونبضه يتراوح بين متطير ومتخوف ومتمسك بالأمل، وحالة الحذر ما تزال ضمنية ولم تخرج للعلن حتى وإن أعلنها البعض صراحة بأن الرؤيا ضبابية ولا تبشر بالخير، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، فوقع الإستقالة كان شديداً على الجميع من دون إستثناء.
هنا تكتشف إلى أي مدى الإنقسام عمودي، بين مؤيد لخطوة الإستقالة منعاً لمزيد من الإنحدار السياسي والتنازلات من دون مقابل، وبين شامت ومستهزىء بالخطوة والطريقة التي جاءت بها، وبين من يطلق الإشاعات بشكل عشوائي مرة عن توقيف سعد الحريري المواطن السعودي على خلفية التوقيفات في المملكة، وبين الإقامة الجبرية المفروضة عليه، وبين من يستشعر أن أمرأً ما سيحصل، خصوصا من الناحية الأمنية، وسط هذا الكم الهائل من التحليلات التي تنذر بوقوع الحرب.
نبض الشارع يتوزع في عناوين عدة، فالمعلومة التي تداولها الإعلام عن إحباط محاولة لإغتيال الحريري على كل شفة ولسان، رغم نفي قوى الأمن أي أمر صدر عنها، لكن أنصار الحريري يخشون من هذا الأمر ويعتبرون أن أمنه الشخصي وسلامته فوق كل إعتبار وأهم من أي منصب، وأن البلد لا يمكنه تحمّل تداعيات عمل كهذا، خصوصاً أن لبنان حتى اللحظة لم يخرج من تداعيات إغتيال والده في الـ 2005 .
الحديث عن عودة الإغتيالات كان ملفتاً، إذ يرى الكثيرون أنه كلما إشتدت الأزمة السياسية في لبنان، تعود هذه اللغة لتحتل الشارع، ومن يراقب الأوضاع السائدة منذ العام 2005، سيجد الكثير من القرائن التي تنبىء بهذا الأمر، ويعتقد الناس أنه من المحتمل أن تحصل خلال هذه الفترة، بينما الحديث عن تجربة أيار الـ2008 يشغل بال الكثيرين وسط رفض أي محاولة للإستفزاز أو الدفع للمواجهة الشعبية .
أما الغالبية من الآراء، فتشعر أن هناك أمراً عسكرياً كبيراً قد يحصل، وأن المنطقة تسير بسرعة نحو المجهول، وأن الكباش السعودي الإيراني وصل إلى حدود المواجهة الحتمية، وأن هناك تحضيرات كبيرة للقيام بضربة عسكرية للقواعد الإيرانية وملحقاتها في لبنان وسوريا، وأن السعودية قد خرجت فعلياً من رهبة موقف المواجهة .
هنا في البقاع الغربي .. تراوحت المواقف بين من إعتبر أن موقف الرئيس الحريري هو تعبير صارخ عن نبض الشارع المؤيد له، الرافض لمزيد من التنازلات التي قدمها رئيس الحكومة في سبيل ضمان أمن البلاد وإستقرارها، والتي أثرت بشكل كبير على رصيده الشعبي، بينما يجد أنصار الوزير السابق عبد الرحيم مراد، أن الفرصة باتت مؤاتية لوصوله اليوم لسدة الرئاسة الثالثة، لاسيما بعد موقف الرئيس نجيب ميقاتي اليوم من دار الفتوى.
الإستقالة جعلت أهالي المنطقة يتخوفون من إرتداد إقتصادي سلبي على لبنان، وكأن الهم لم يكتفِ بما يعانونه، حتى تأتيهم أزمات تزيد من معاناتهم معاناة، فأزمة النازحين السوريين طغت على واقعهم المعيشي، ويخشون من تفاقمها أو من واقع أمني يزيد من الطين بلة .
ما عادت إستقالة الحريري مجرد إستقالة من رئاسة الحكومة، بل تعدّت لأكثر من ذلك، في ظل التجاذب بين المؤيدين والمعارضين، خصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي، والتي ضجت منذ الأمس بسيل من المواقف المؤيدة والساخرة، لكن الشارع يؤكد أمراً واحداً .. ما بعد الإستقالة لن يكون كما كان قبلها .