زحلة – البقاع الأوسط .. بازل إنتخابي ولوائح بالجملة
كتبت ميرنا دلول
تقف مدينة زحلة ودائرة البقاع الأوسط على أبواب الإستحقاق الإنتخابي المقبل، وسط تداخل معقّد لا تعرفه أي دائرة أخرى، نظرة لطبيعة المدينة ونسيجها وللإمتداد الشعبي في جوارها، والتي من المتوقع أن تشهد ” عجقة مرشحين ” من كل الأطراف السياسية ومن كل المذاهب، والذي قد يُسفر عن ولادة أربع لوائح وربما أكثر.
زحلة التي كانت ” الكلمة الفصل ” في أكثرية العام 2009 مختلفة اليوم إختلافاً جذريا، فالقانون ” المربك ” ساهم بشكل رئيسي في خلط الأوراق سواء من الناحية السياسية وإنتماءات أهالي المنطقة، أو من ناحية المزاج الشعبي الآخذ في التصاعد كلما إقتربنا أكثر من السادس من أيار المقبل.
أنّ أوليت وجهك ستسمع أحاديث إنتخابية. في الشارع المسيحي عشرات المرشحين، ولدى الكتلة السنية أيضاً، وبنسبة أقل لدى الطائفة الشيعية، ولأن القانون الجديد يُحتم على المرشحين الإنتظام في لوائح قبل أربعين يوماً من موعد الإنتخابات، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، فالجميع يترقب التحالفات ليبني على الشيء مقتضاه، والجميع ينتظر مرجعيته السياسية ليدرك مساره.
وبينما تتحضر الماكينات الإنتخابية للبدء في حملاتها، ولمعرفة بعض ملامح معركة زحلة لا بد أن تعرف تركيبتها الديموغرافية أولاً، ومن ثم المحركات السياسية العاملة في المنطقة، وطبيعة المجتمع المدني ودوره بعيداً عن خارطة الأحزاب، ومدى إنعكاس الحالة السياسية في البلاد منذ التسوية وحتى اللحظة.
حسب آخر إصدار من وزارة الداخلية لقوائم القيد في آذار من العام الماضي، تعتبر الطائفة السنية الأكبر ( 48867 أي ما نسبته 28,32 بالمئة)، فالكاثوليك ( 32295 أي ما نسبته 18,72 بالمئة)، ثم الطائفة الشيعية ( 27537 أي ما نسبته 16 بالمئة)، فالموارنة( 27000 أي ما نسبته 15,68 بالمئة) ثم الأرثوذكس( 16470 أي ما نسبته 9,54 بالمئة)، ثم يأتي الأرمن(8604 أي ما نسبته 4,99 بالمئة) وأخيرا السريان( 5491 أي ما نسبته 3,18 بالمئة)، وفيها سبعة مقاعد ( 2 للكاثوليك، مقعد واحد لكل من السنة والشيعة والموارنة والأرثوذكس والأرمن ).
أما في التوزيع السياسي، فلا يزال تيار المستقبل يستحوذ على النسبة الأكبر من القاعدة السنية بينما يستحوذ الثنائي الشيعي على الغالبية المطلقة شيعياً، أما لدى المسيحيين فإن التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وبدرجة أقل حزب الكتائب يمتلكون قاعدة محترمة، ثم تأتي بعض الأسماء ” الزحلاوية ” الوازنة كالوزير نقولا فتوش والسيدة ميريام سكاف والمهندس أسعد نكد ورجل الأعمال سيزار معلوف وبعض الوجوه العائلية التي تحظى بتأييد مرموق.
أحد فعاليات المنطقة والعارف بتركيبتها الديموغرافية ( تمنى عدم ذكر إسمه لأسباب إنتخابية ) تحدث لـ ” مناطق.نت ” فقال : ” كل طرف سياسي قادر وحده على الوصول إلى الحاصل الإنتخابي، وبالتالي ضمانه لمقعد على الأقل، وتقوده تحالفاته للحصول على أكثر من ذلك حسب التركيبة، ومن خلال القراءة الأولية لواقع زحلة، يبدو أن هناك أربع لوائح يتم التحضير لها على نار هادئة، الأولى للتيار الوطني الحر، والثانية للقوات اللبنانية والثالثة للثنائي الشيعي بالتنسيق مع الوزير نقولا فتوش والأخيرة للسيدة ميريام سكاف “.
أضاف : ” ومن خلال التدقيق في تركيبة اللوائح المحتملة، يبدو أن اللوائح الأربع لن تكون مكتملة، فهي ستضم مقعداً واحداً عن المذاهب الست، ويبقى مقعداً كاثوليكياً فارغاً على اللائحة، حرصاً من المرشحين الرئيسيين على عدم تشتيت الأصوات التفضيلية، لهذا وحده تيار المستقبل المستحوذ على قاعدة سنية تتجاوز الـ 65 في المئة يستطيع تجيير كمية لا بأس بها من الأصوات لمرشح آخر، ويبدو حتى اللحظة أن التيار قد حسم مرشحيه وهما النائب الحالي عاصم عراجي عن المقعد السني والإعلامية بولا يعقوبيان عن المقعد الأرمني، وهو يراقب مسار التحالفات ليحسم أمر إنضمامه لإحدى اللوائح، وإن لم تكن التركيبات على قدر تفاهماته السياسية العليا، فهو قادر على تأمين الحاصل الإنتخابي بمفرده، وبالتالي إحتمال ولادة لائحة خامسة “.
أما الثنائي الشيعي أيضا قد حسم أمره من ناحية موضوع تبني العنوان العريض للترشيح، لا مرشحاً حزبياً سواء لحركة أمل أو حزب الله، بل مرشح لا يثير إستفزاز أهالي المنطقة أولاً وثانياً منهم فلا يتم إسقاطه من منطقة أخرى، لهذا تتجه الأنظار إلى زحلة المدينة ومرشحيها، وحتى اللحظة هناك أكثر من خمسة مرشحين لكل مقعد، بينما من المنتظر أن تكون معركة المقعدين الكاثوليكيين على أشدها نظراً للأسماء الوازنة التي تستعد لخوض المعركة.
” الفسيفساء ” الإنتخابية في دائرة زحلة – البقاع الأوسط معقدة للغاية، وستعيش المدينة والسهل على السواء تجاذبات شديدة الحساسية حتى تاريخ إنتظام المرشحين في اللوائح، وستظل الإحتمالات مفتوحة على مصراعيها، ولا يمكن قراءة أي نتائج مسبقة للائحة على حساب أخرى، فإذا إستثنينا المقعدين السني والشيعي، فإن المعركة ستكون طاحنة بإمتياز على المقاعد المسيحية الخمسة، ففي الواقع الزحليّ القائم لا تكاد تذكر صيغة ما حتى يسارع أحدهم إلى القول إن وضعها موضع التنفيذ مستحيل، لكن في زحلة كل شيء وارد ولا مستحيل .