انتخابات زحلة .. عقدة التمثيل الكاثوليكي بين زحلة ومحيطها

كتبت ميرنا دلول
تستفيق مدينة زحلة صبيحة كل يوم على وقع أخبار إنتخابية جديدة، وصيغ للتحالفات غير تلك التي إنقضى عليها الأمس، وترتفع ” بورصة ” أسماء وتهبط أخرى، وحتى اللحظة لم تتظهر الصورة الكاملة، إيذاناً بإنطلاق المعركة، التي يتوقع لها الكثيرون أن تكون طاحنة بإمتياز، فالصراع في زحلة ليس على مقعد نيابي، بل هو على زعامة هذه المدينة.
للوهلة الأولى تشعر أن زحلة منفصلة عن دائرتها، رغم التأثير الكبير للمحيط في نتائج الإنتخابات، وكأن زحلة دائرة صغرى، وبقية البقاع الأوسط دائرة أخرى، ولأن القانون الجديد سمح للجميع بالتنافس لاسيما على مستوى الصوت التفضيلي، على إعتبار أن اللاعبين الكبار في المدينة بمقدورهم تخطي عتبة الحاصل الإنتخابي، تستعد زحلة حسب المراقبين لمعركة إستعادة ريادة البقاع الأوسط.
ولعل إختصار زحلة المدينة لمعركة زحلة الدائرة، أثار حفيظة بقية الأطراف، على إعتبار أن هذا الأمر فيه من التهميش الشيء الكثير لبقية مكونات المنطقة، وفيه ” تذويب ” لقرار المنطقة تماماً في حيثيات قرار زحلة، وإن كان الثنائي الشيعي قد أعلن تحالفه مع الوزير نقولا فتوش، فإن القاعدة الأكبر في الدائرة ” تيار المستقبل ” ما يزال على تموضعه المراقب لمجريات الأمور تمهيداً لإتخاذ القرار المناسب في التوقيت الصائب، على الأقل بالنسبة له.
الكل يبحث عن ” الحاصل الإنتخابي ” أولاً، يقول مصدر مطلع في حديث خاص لـ ” مناطق نت ” : لقد قصم الحاصل الإنتخابي ظهر الجميع، تيار وقوات وكتائب والكتلة الشعبية، من هنا كان إستغناء التيار الوطني عن المرشح الكاثوليكي ميشال ضاهر، لأنه لمس في هذا الترشيح إمتعاضاً كبيراً من القاعدة الزحلاوية، لأنها تعتبر تمثيل زحلة كاثوليكياً يجب أن يكون من المدينة وليس وافداً إليها، هذا الإستغناء قابله تبني ترشيح المهندس أسعد نكد عن المقعد الأرثوذكسي، ويواكب هذا التبني محاولة من التيار لتسويق مرشحه عن المقعد الماروني النائب السابق سليم عون “.
مصادر أخرى مواكبة للحراك السياسي في زحلة أكدت لموقعنا : ” تدارك التيار الوطني الحر للحيثية الزحلاوية، فتحت الطريق أمام الوزير فتوش والسيدة ميريام سكاف، وإن كان الأول قد حسم موقف تحالفاته، فإن سكاف لم تصل بعد إلى الصيغة التي تريدها، وهي على تواصل مع تيار المستقبل الذي يعي هذه الحيثية، والأمور تسير كما يجب، وربما بعد أن يعلن التيار الأزرق مرشحيه في العشرين من الشهر الحالي كما هو متوقع، قد نشهد ولادة هذا التحالف خصوصاً أن سكاف تعرف أن التيار يؤمّن لها حاصل إنتخابي كبير قد يتجاوز الفوز بثلاثة مقاعد إلى أربعة للطرفين “.
تضيف المصادر : ” نترك زحلة وندخل إلى عمق الدائرة مسيحياً، فالحالة المعترضة على تهميش أي دور لهم، قد يثير النقمة على الجميع، وقد يلجأ الكثير منهم إلى محاربة الخصوصية الزحلاوية التي تريد الحصة المسيحية كاملة بما فيها المقعد الأرمني، وقد نراهم في مقلب آخر بعيداً عن صيغ التحالفات المتوقع ولادتها بين ليلة وأخرى، من هنا يأتي تأنّي تيار المستقبل في رسم مسار تحالفاته، لأنه وبمعزل عن أي صيغة تحالفية يستطيع توفير حاصل إنتخابي للفوز بمقعدين من دون أن يشكل هذا الأمر تعارضاً مع أحد، أو تضارباً في مصالحه الإنتخابية في دوائر أخرى “.
القوات اللبنانية حسمت تقريباً إسم مرشحها الكاثوليكي” المحامي جورج عقيص ” والكتائب باقية على ” النائب إيلي ماروني ” ومعالم تحالف ” القوات – الكتائب ” على وشك الظهور، بينما لم تنفع الزيارة الخاطفة التي قام بها ميشال ضاهر إلى الضاحية واللقاء على مدى ساعة ونصف بنائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، في نفي تقاربه مع القوات، بينما يبدو طريق رجل الأعمال سيزار المعلوف سالكاً بإتجاه لائحة الثنائي الشيعي – فتوش عن المقعد الأرثوذكسي.
الخارطة السياسية في مدينة زحلة تتداخل على شكل ” متاهة ” الكل في وسطها من دون إن يمتلك البوصلة لتحديد المخرج للتحالفات، قد يُساعدهم في ذلك إعلان مرشحي المستقبل والثنائي الشيعي، حينها تصبح عملية الإستشعار عن بعد سهلة نسبياً في قراءة المتغيرات ومسار التحالفات، وتنزوي الإشاعات أمام ولادة اللوائح والتي من المرجح أنها لن تكون كاملة عند جميع الأطراف .
في زحلة خصوصية المقعدين الكاثوليكيين تطغى على ما عداها، لأنها أولا عاصمة الكثلكة في الشرق، وثانياً لأنها شكلت كلمة فصل في إنتخابات الـ 2009، رغم الإختلاف الكبير ما بين تلك الدورة والإنتخابات المقبلة، لاسيما من جهة الخطاب السياسي، وثالثاً لأن مكونات المدينة متنوعة سياسياً وللمحيط تأثيره الكبير على نتائجها بالكامل.