المرأة البقاعية تصارع الأزمة.. أعباء مرهقة وفرص عمل ضئيلة أصغر من الطموحات
للأزمات الاقتصادية والمعيشية في لبنان، تبعاتها السيئة على النساء، ولكن للنساء في البقاع خصوصية تتفرد بها عن باقي المناطق، كونها تعيش في الأطراف حيث تعاني النساء في الأصل من بعد المراكز التعليمية وقلة فرص العمل وتزويج القاصرات وعدم المساواة بين الجنسين ناهيك عن العادات والتقاليد التي تحد من طموح النساء وتطورهن.
فمنذ عامين، ولبنان يرزح تحت وطأة الانهيار الاقتصادي الّذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وجائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، ناهيك عن أزمات الدواء والمحروقات والخبز.
هذا الواقع، حمل عددا كبيرا من نساء البقاع للتفكير بوسائل متنوعة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وفي هذا التقرير، نحاول تسليط الضوء على قصص بعض النساء وكيفية مواجهتهن الأزمة. الطرق التي اعتمدت، واقعهن، والصعوبات والتحديات التي واجهتهن، من خلال حوار أجراه “مناطق.نت” مع عدد من النساء، ومع ناشطين/ات في الشأن الاجتماعي هناك.
رحلتي الأسبوعية
“من الجمعة للأحد، ثلاثة أيام، بشتغل بـ “كاراج سوق” بمنطقة مار مخايل ببيروت. أنا وزوجي سامي منطبخ أكلات تقليدية، متل المجدرة والكبسة والرز بفول، ومنعمل سندويشات فاهيتا وطاووق وشاورما، وكتير أصناف مطلوبة” تقول زينب يونس (33 سنة) لـ “مناطق.نت”. وتضيف “لقمتنا كتير طيبة، والناس حبت أكلاتنا وحبتنا، بلشنا من سنة وبعدنا مكملين”.
يونس التي تسكن في منطقة جب جنين البقاعية، اختارت النزوح إلى العاصمة بيروت، والعمل في غير اختصاصها. “معي شهادتين جامعيتين، ما خصهن بالطبخ. بس الأزمة الاقتصادية، فرضت نروح ع غير خيار، ولأن نَفَسي طيب بالأكل، قدرت أمّن شغل وكون ناجحة فيه”.
تقول “جربنا بالأول نبيع سندويشات سريعة بالبيت، متل السجق والشاورما، ونجحنا، وشاركنا بسوق أبو رخوصة بقلب العاصمة”، ولكن الحاجة إلى الاستقرار في عمل ثابت حمل زينب وزوجها لاستئجار طاولة في “كاراج سوق”، والاستمرار إلى الآن.
وعن الإقبال “الناس بتحب اللقمة الطيبة والنضيفة، وأنا بطبخ بحب، والناس جوات السوق وبراتها بتجي بتاكل عنا، أيام بيكون البيع منيح وأوقات بيكون خفيف، بحسب المناسبات والأيام”.
ورغم ذلك، تعاني يونس، ككل اللبنانيين، من ارتفاع كلفة المعيشة والفواتير الأساسية، وبالكاد تتمكن من الاستمرار بدفع المستحقات ولكنها تقول “ما كان طموحي هيك. بس الحمدلله بعد فيه شغل وفيه مدخول”.
مهن مختلفة
ومثل زينب، نساء كثر في البقاع، لديهن شهادات جامعية، ولا يعملن في اختصاصاتهن. بعضهن بدأ العمل حديثاً، أو امتهن مهنة جديدة لمواجهة الأزمة المتفاقمة، مثل صناعة المونة والكروشيه والتطريز وبيع الألبسة، لا سيّما الأوروبية منها والمستعملة، وأدوات التنظيف وغيرها من المنتجات، وقد كان لافتاً استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لصناعاتهن ومنتجاتهن.
وتتفاقم الأزمة أكثر يوماً بعد يوم في لبنان، إذ انخفضت قيمة العملة الوطنية، وارتفعت أسعار السلع والخدمات، حتى الغذائية والطبية منها، وفُقد عدد كبير منها.
“مونتك من عنا”
لطالما اعتادت النساء في قرى وبلدات البقاع، صناعة المونة، مثل المربيات على أنواعها والمكدوس واللبنة وشراب الورد وغيرها من الأصناف التي تتوافر في كل بيت بقاعي. إلا أن المفارقة، تكمن في أن أصناف المونة هذه، حولتها النساء، من مونة منزلية إلى مونة للتجارة، لمواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة، وتحقيق مدخول جيد للأسرة.
وهذا ما قالته زهراء السيد (36 عاماً) وهي أم لأربعة أولاد تعمل في صناعة المونة في بلدة قصرنبا البعلبكية، لـ “مناطق.نت”، “من سنتين امتهنت صناعة المونة، قبل هيك كانت مجرد هواية، ولتأمين حاجة البيت. بس كل ما كانت عم تقوى الأزمة، كنت عم حس إنو لازم حوّل إنتاج هالمونة لبزنس”.
لجأت السيد بداية، للدورات التدريبية من أجل تحسين جودة إنتاجها، وحصلت على دعم مادي من إحدى الجمعيات، حسبما تقول، واليوم باتت تقوم بتدريب النساء.
“صرت عم حمّس النساء يشتغلوا، وبخبرهن قديش هيدا الشي مهم للمرا. وبحكيلهم كيف بلشت من الصفر، من أول مرطبان اشتغلتوا، وما يئست، لحد ما قدرت أعمل شغلي الخاص، اللي صار مصدر رزقنا أنا وعيلتي، لأن زوجي موظف دولة، وراتبه ما بكفينا شي”، حسبما تؤكد.
السوشيال ميديا كأداة
لقد بدا واضحاً، خلال العامين الأخيرين، استخدام النساء في البقاع، وسائل التواصل الإجتماعي، للترويج لصناعاتهن وأعمالهن والسلع التي يبعنها، على صفحاتهن الخاصة.
وهكذا فعلت السيد، إذ تقول “عملت صفحة على انستا (انستاغرام) وفيسبوك، حتى الناس يتعرفو ع شغلي أكتر، وصارت مونتي مطلوبة من وين ما كان” إلى جانب مشاركتها في معارض بمناطق مختلفة من لبنان.
من جهتها، ومنذ البدء بتنفيذ فكرة “خيطان”، أنشأت نسب الحاج أحمد صفحاتها على انستاغرام وفيسبوك. وخيطان مشروع أشغال يدوية يقوم على صناعة الكروشيه.
تقول الحاج أحمد وهي أم لثلاثة أطفال، تسكن في البقاع الغربي، بدأت فكرة المشروع صدفة، من خلال ڤيديو على يوتيوب، حسب ما تؤكد، “ومن هونيك بلشت، كنت اشتغل قطع زغيرة وحطها بأماكن شغل رفقاتي”.
اليوم، تصنع الحاج أحمد قطعاً كثيرة من ثياب الأطفال والحرامات وزينة البيت والمعاطف والإكسسوارات وسجاد للأرض وأنواع أخرى كثيرة، وتحضر هدايا خاصة بالمناسبات.
بالـ”Whatsapp”
ومنذ حوالي عامين أيضاً، قررت بغداد عزالدين، وهي ربة منزل وأم لأربعة أولاد، من منطقة المرج في البقاع الغربي، بيع ثياب وأدوات منزلية عبر الواتس أب.
تقول لـ “مناطق.نت” “الرجال (أيّ زوجها) لوحدو ما كان عم يقدر يلحق ع مصروف البيت، والأزمة الاقتصادية خلتني فكر شو ممكن إشتغل لساعدو، وخصوصاً إنو عندي ولدين بعانوا من مشاكل صحية”.
يعمل زوج عزالدين، في معمل مختص بصناعة البلاستيك في بيروت، ولا يكفي راتبه، بعد غلاء الأسعار، في تأمين عيش كريم للعائلة.
وهكذا تمكنت عزالدين من مساعدته ولو قليلاً، عبر الطلبات التي تصلها عبر الواتس أب. ولكي لا تتكبد تكاليف التوصيل، تطلب من زبائنها القدوم إلى منزلها وأخذ مشترياتهم، فيما ترسل بعض الطلبات، مع أفراد من العائلة والأصدقاء لمن هم في عرسال وزحلة وبعض المناطق الأخرى.
أكثر من مناضلات
ناهد جهماني (45 عاماً)، قدِمت من سوريا قبل تسعة أعوام، مصابة بسرطان الثدي، تتلقى العلاج المطلوب، ولكنها رغم ذلك، وكما اعتادت منذ سنوات، تساعد سيدات في الأعمال المنزلية.
تقول لـ “مناطق.نت”: “رغم وضعي الخاص، بطلع وبشتغل لأمن أجار البيت وإشتري حاجياتي الأساسية ومنها الدوا”.
وتضيف “الحمدالله ما نقطعتش من الدوا لهلأ، قدر شخص يأمنلي ياهن من الأردن. تعذبت شوي بس ربنا فرجها”.
جهماني التي تواجه الأزمة المعيشية الخانقة ومرض السرطان معاً، تسكن هي وعائلة أخيها، في منزل متواضع في إحدى قرى البقاع الغربي. تخرج صباح كل يوم إلى عملها، لتكسب رزقها.
نساء كثيرات يمتهن العمل في المنازل، من جنسيات مختلفة، سورية وفلسطينية ولبنانية، لا سيّما بعد سفر عدد كبير من العاملات من الجنسيات الأخرى، كالأثيوبية والهندية والفيليبينية.
“ما فيه شي بيجي بدون تعب أكيد” تقول جهماني، وتضيف “صرت اشتغل أكتر بالفترة الأخيرة، لأن كل شي غالي، وبدنا نعيش”.
وكما جهماني نساء كثيرات يمتهن العمل في المنازل، من جنسيات مختلفة، سورية وفلسطينية ولبنانية، لا سيّما بعد سفر عدد كبير من العاملات من الجنسيات الأخرى، كالأثيوبية والهندية والفيليبينية.
وتختلف دوامات عملهن. فبعضهن يعمل مقابل بدل أجر على الساعة، تنخفض قيمته، أي البدل، بين منطقة وأخرى، ومنهن من يلتزم العمل شهرياً وفق دوام كامل يحدد مسبقاً.
“لم يكن سهلاً”
مواجهة الأزمة وفق الإمكانات المحدودة، لم يكن سهلاً على كثير من النساء في البقاع، تقول السيد “كنت بحاجة لتمويل ومعدات وخبرة تقنية وكيف إحسب كلفتي وما أوقع بخسارة بسبب تبدل سعر صرف الدولار وبالتالي تبدل أسعار السلع اللي بتدخل بصناعة المونة، ومن بعد ما تأمنلي إتعلم كل هول، صار عندي ثقة بمنتجاتي وبجودتهن العالية”.
من جهتها، تؤكد الحاج أحمد أن الأمور ليست سهلة حتى الآن، بسبب الانهيار الاقتصادي الحاصل، “كتير اشتغلت ع ضو الشمعة، بعيد الميلاد، أبسط الإشيا منا متوفرة” وتضيف “الظروف صعبة بس أكيد بضل فيه أمل”. إضافة إلى أزمة الكهرباء، تعاني الحاج أحمد من ارتفاع أسعار الصوف والمواد التي تحتاجها في صناعتها.
نسب الحاج أحمد: “كتير اشتغلت ع ضو الشمعة، بعيد الميلاد، أبسط الإشيا منا متوفرة.. الظروف صعبة بس أكيد بضل فيه أمل”
نظرة دونية؟
“ينظرون إلينا بنظرة دونية”.. هذا ما قالته الحاج أحمد، بوصفها لكيفية تعاطي بعض الناس في المنطقة مع العاملين في الأشغال اليدوية، “ما فيه تقدير للأشغال اليدوية متل ما لازم، صار الربح كتير قليل بس لحتى نقدر نكمل، ورغم هيك فيه ناس عم تستغلي، وبصير فيه كتير إحراج”.
ونسب معلمة رياضيات وفيزياء، اختارت العمل في حياكة الصوف، وهو في الأصل فن وهواية، وذلك نتيجة تدني رواتب المعلمين في البقاع، وكي تتمكن من تربية أولادها والاعتناء بهم بشكل أفضل، والعمل وفق أوقاتها التي تناسبها.
صعوبات جمة
إضافة إلى ما ذُكر سابقاً، اختارت النساء العمل في صناعة الحلويات المنزلية، واعتمد جزء كبير منهن على بيع المنتجات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا لا يلغي وجود عدد من النساء المتعلمات والذين يعملون في وظائف مختلفة مثل المحاسبة وإدارة الموارد البشرية والطب والتمريض والمصارف وغيرها من الوظائف المتاحة.
ولكن، رغم ذلك تعاني النساء من صعوبة في تسويق منتجاتهن بشكل صحيح، وهناك من يستعين بأفراد وشركات متخصصة في هذا المجال، ولكن هذه القدرة غير متاحة للجميع.
من هنا، لعبت بعض الجمعيات في البقاع، دوراً مهماً، في توعية النساء وتدريبهن على كيفية الترويج لمنتجاتهن. مع العلم أن هناك نساء أخريات، متعلمات وغير متعلمات، لم يجدن فرصتهن بعد للعمل على مشروعهن الخاص، وفق ما تؤكد الناشطة الاجتماعية، زينة القمعي، والتي عملت مع عدد كبير من الجمعيات الناشطة في البقاع.
وتضيف القمعي لـ “مناطق.نت”: “هناك بعض النساء اللواتي لديهنّ محلات لبيع الأدوات المنزلية أو الملابس، وقد تأثرن بمنافسة الأونلاين لهن، كونها أقل كلفة، فيما بعض الميسورين/ات بدأوا بالتوجه إلى المولات حيث الماركات المعروفة”.
المواجهة كخيار
تتعدد طرائق المواجهة، التي تعتمدها النساء في البقاع، خلال مرحلة الانهيار الاقتصادي الحاصل في البلاد، كل حسب قدرتها وما متوفر لديها.
تلفت الناشطة في العمل النسائي، على مستوى البقاع، وعضو الهيئة الإدارية في التجمع النسائي الديمقراطي، ليلى مروة لـ “مناطق.نت”، إلى أن الموضوع كبير وشائك، ورغم التطور الّذي حصل على مستوى المرأة في كل لبنان، وطال المرأة بالبقاع أيضاً، لكن الأزمة الاقتصادية وكورونا وانفجار المرفأ، وتبعاتهم، كان تأثيرهم على النساء مضاعفا، لأن أغلب المؤسسات أقفلت أبوابها وبعضهم صرف عماله، فكانت المرأة المتضرر الأكبر.
كما أن بقاء النساء في المنزل بسبب كورونا تسبب بعنف أكبر تجاه النساء، وفق إحصاءات قوى الأمن الداخلي التي تحدثت عن أن النسب ارتفعت 80 %، بسبب وجودهن في المنزل طوال الوقت وبسبب الأزمات المعيشية الخانقة.
وتشرح لماذا المرأة في البقاع، حالها نفس حال المرأة في كل لبنان، ولكن يبقى لها خصوصية تميزها عن باقي النساء. “لأن العادات والتقاليد متجذرة بشكل كبير، فيما يتعلق بوصولها إلى مراكز معينة ودخولها سوق العمل، والعقلية العشائرية المتحكمة بحياة النساء، والّذي يحد من تطور المرأة”.
ليلى مروة: الأزمة الاقتصادية وكورونا وانفجار المرفأ، وتبعاتهم، كان تأثيرهم على النساء مضاعف، لأن أغلب المؤسسات أقفلت أبوابها وبعضهم صرف عماله، فكانت المرأة المتضرر الأكبر.
فسحة ضوء؟
تقول مروة، “من جهة، عادات وتقاليد، ومن جهة أزمات البلد المستجدة، ولكن يبقى هناك فسحة ضوء، لأن المرأة في البقاع قوية جداً، تعتمد على نفسها، وهي رغم كل الصعوبات، تمكنت من أن تكون شريكا اقتصاديا داخل الأسرة البقاعية. وأن تساهم في الإنتاج، وقد راكمت وعيا كبيرا جداً، ربما نتيجة الأزمات أو نتيجة الحركات النسائية إضافة إلى وجود سوق عمل مفتوح أمامها، لاسيّما أن النساء في البقاع تمكنت مؤخراً من الوصول إلى مستويات تخصص عالي، وقد شهد التعلم قفزة نوعية على مستوى البقاع.
تحدٍ كبير
رغم كل الصعوبات، تمكنت المرأة في البقاع من التكيف مع الأزمة، من حيث مستوى المعيشة والانخراط في سوق العمل خصوصاً في القطاع الخاص لتحسين دخل الأسرة.
كيف؟
قسم من النساء يعمل مع جمعيات فاعلة في البقاع. الموظفات كالمعلمات مثلاً، كن يعشن بمستوى لائق، ولكن تدنى كثيراً مستوى معيشتهن، وبتن يعملن بدوام مسائي في التعليم أو في الخياطة والتطريز والمونة وفي أشغال حرفية ويدوية مختلفة.
أما النساء اللواتي كنّ ربات منزل ليس أكثر، وكنّ يرفضن العمل لأسباب عدة، منها أنهم يعتبرنه أمرا مهينا، بات قسم كبير منهم يعمل في هذه المهن، مثل العمل في تنظيف المنازل، وزراعة مساحات صغيرة بأنواع الخضار التقليدية، وبيع الملابس المستعملة، حتى أن بعضهن يعمل في مهن كادت تنقرض مثل مهنة تصليح الملابس.
وبالتالي، بدأت المرأة بالتفكير على مستويين، التوفير داخل المنزل من جهة، كالاعتماد على المونة المنزلية وتموينها كل فصول السنة والتحول في أنواع الطبخ، كطهو البرغل أكثر من أي أصناف أخرى، إذ لم تعد حياة الرفاهية كما في السابق، باستثناء الّذين يتقاضون فريش دولار. وابتكار طرائق ومبادرات للعمل من خلالها.
نساء كانوا ربات منزل ليس أكثر، وكانوا يرفضن العمل لأسباب عدة، منها أنهم يعتبرونها أعمال مهينة، بات قسم كبير منهم يعمل فيها، مثل العمل في تنظيف المنازل، وزراعة مساحات صغيرة بأنواع الخضار التقليدية، وبيع الملابس المستعملة، حتى أن بعضهن يعمل في مهن كادت تنقرض مثل مهنة تصليح الملابس.
المرأة السورية أيضاً
ولا تنفصل النساء السوريات عن هذا الواقع، رغم أن أسلوب حياتهن مختلف، بسبب فرارهن من الحرب في سوريا والظروف التي عايشوها.
فمنهن من تعمل في أعمال مختلفة كالزراعة والتنظيف، وتتقاضى بعض الأموال والمساعدات من الأمم المتحدة، ومنهن من تحصل على بعض المساعدات من أقارب لها في الخارج، وبعضهن لا حول لهن ولا قوة ويعشن واقعاً صعباً جداً وحالهن يرثى لها، بحسب ما تؤكد مروة.
تزويج القاصرات
يذكر أن ظاهرة تزويج القاصرات، كانت قد ازدادت بعد النزوح السوري، على المستويين السوري واللبناني، ومن ثمّ انخفضت، ليرتفع منسوبها مجدداً نتيجة تبعات الأزمة الاقتصادية.
مع العلم أنه ورغم تبدل الصورة النمطية التي تحصر دور المرأة بأنها ربة منزل، عند كثر من الأسر البقاعية، وسماح الأسر لبناتهن بالنزول الى المدينة لمتابعة تخصصاتهن أو السفر إلى الخارج، إلا أن الصعوبات المادية وحتى الشخصية تحد من وصول النساء. فمثلاً بعض الفتيات يتأثرن بالأفكار السائدة، وتكون الأولوية لديهن بالزواج من رجل مناسب، ويرفضن النزول إلى المدينة وخوض هذه المتاعب أو النقلة النوعية، كون العاصمة بالنسبة لهن سفرا بعيدا.
الجمعيات كلاعب أساسي
تؤكد مروة على وجود توسع استثنائي باتجاه الأطراف ولكن هناك أحياء وقرى لا تصلها الجمعيات، فمثلاً، التجمع النسائي الديمقراطي، الّذي تأسس منذ العام 1976، ومنتشر في المناطق اللبنانية كافة، لم يتمكن بعد من الوصول إلى جميع الأحياء والقرى في البقاع.
وتختلف المساعدات التي تقدمها الجمعيات هناك، وهي أحياناً تقوم على ورش عمل وتدريبات على كيفية صناعة المونة وتعليم حياكة الصوف وعناوين تتعلق بالتربية الصحيحة ومهارات حياتية مختلفة، مثل تعلم اللغة، والتزيين على مستوى المنتجات، وقد ساهمت بعض الجمعيات بإقامة معارض لبيع المنتجات التي تصنعها النساء، حسبما تؤكد القمعي.
ولكن، لا تزال حاجة النساء لدعم وتدريبات وتمويل، وهنا على الدولة أن تقوم بواجباتها، فالجمعيات، وبالرغم من الانتقادات التي توجه إليها أحياناً، لا يمكن أن تحل محل الدولة.
وفي هذا السياق، تجد مروة أن كل قضايا النساء والمواطنين لا تحل إلا بظل دولة علمانية تساوي بين المواطنين جميعاً. معتبرة أن مشكلة اللبنانيين الكبيرة هي في المنظومة القائمة، التي أوصلت البلد للإفقار. قائلة: “أمام اللبنانيين راهناً صندوق الاقتراع لاختيار من هم قادرون على وضع خطط اقتصادية تنهض بالبلد”.
في المحصلة، لا بد من الإشارة الى ميزة يتسم بها البقاعيون، وهي مساعدة بعضهم البعض، إذ إن الميسورين يلتفتون لجيرانهم، ومثل هذه المبادرات تخفف العبء عن الناس، ويحسب لهم هذا الكرم، على حد تعبير مروة.