عن «تويوتا» جريصاتي و«موتوسيكل» بولا و«بسكلات» هاغوب: «شوفيني يا..»
زهير دبس
وأنت تشاهد الوزير جريصاتي يقود سيارة «تويوتا» عادية والنائب بولا يعقوبيان «موتوسيكل» مع خوذة على الرأس وزميلها هاغوب ترزيان «بسكلات» مع خوذة أيضاً على الرأس، تعتقد أن المشهد هو في النرويج أو الدانمارك أو السويد أو في أحد شوارع هولندا وليس في ساحة النجمة، وتعتقد أيضاً أن الثلاثة ذاهبون إلى مجلس العموم البريطاني أو مجلس النواب الفرنسي أو غيرهما من البرلمانات التي يبدو المشهد فيها عادياً ومألوفاً وهو جزء من سلوك عام طبيعي وغير مصطنع، وليس إلى مجلس النواب اللبناني الذي شهد أكبر حفلة كاريكاتورية و«تنكرية» قل نظيرها.
الصورة هنا تبدو «فاقعة» وبعيدة كل البعد عن المضمون الحقيقي لحياة هؤلاء النواب، وليس لها علاقة بسلوكهم اليومي في حياتهم العادية وإلا لكانوا اعتمدوا ذلك كوسيلة دائمة للتنقل، وليس لاقتناص الصورة وجذب عدسات المصورين وهي باللبناني «عدة الشغل» أو «شوفيني يا منيرة» وليس لها أي تفسير آخر.
الصورة تختصر إلى حدٍ كبير سلوكيات مجتمعية تسعى بالكثير من الجهد والإتقان إلى إسقاطات تجميلية على مجتمع مهشّم أبلغ دليل عليه هو المكان الذاهبون إليه هؤلاء النواب الثلاثة ليفضح الصورة الخارجية المثلثة بشكل مريع، فحفلة الجنون المستمرة مدى ثلاثة أيام لا تستطيع أي صورة أخرى «روتشتها» أو منتجتها سواء استعان أصحابها بالفوتوشوب أو بأي برنامج آخر.
ليس انتقاصاً من صورة «التويوتا» ولا من صورتي الدراجتين النارية والهوائية، فهذا ما نحلم ونصبو إليه ونأمل أن يصبح حقيقة في يوم من الإيام بل من إسقاط صور مشتهاة على واقع لا يشبهها مطلقاً ولا يشبه حتى أصحابها، وهو يرقى إلى المغالاة في التصرّف، تقرُّباً وتحبُّباً من العدسة والشاشة ومن خلالهما إلى الجمهور الذي تلقّف تلك الصورة بالكثير من اللامبالاة والكثير من التعليق الذي جافى واقعيتها وفضح دوافعها.
صحيح أن ما يحلم به اللبنانيون هو أن تختفي من طرقاتهم تلك المواكب العملاقة التي تكلّف ملايين الدولارات ويدفع ثمنها المكلف اللبناني من جيبه وتعبه، لكن الصحيح أيضاً أن ما يحلم به اللبنانيون هو أن يشاهدوا نوابهم ووزراءهم يقتنون سيارات عادية ودراجات تشبههم يستقلونها كجزء من نمط حياة وسلوك وليس كسباً لصورة ولفتاً لانتباه.