ليس للبحر سيّدًا أو صديقًا 140 حالة غرق سنويًّا
في 19 نيسان/أبريل الماضي انتشل مركز صور البرّيّ والبحريّ في الدفاع المدنيّ اللبنانيّ، خمسة غرقى قضى ثلاثة منهم؛ وكذلك في 26 نيسان انتشل فريق الإنقاذ البحريّ في الدفاع المدني جثة الغريق محمد محمود مهدي “أبو علي” عضو مجلس بلديّة القصيبة، بعدما بحث عنه أكثر من ساعة عند الشاطىء البحري الجنوبيّ لمدينة صور، وكان فريق الدفاع المدني قد أنقذ غريقين في المكان عينه. وفي 27 منه غرقت مجموعة مكوّنة من 7 أشخاص من النازحين السوريّين في بحر الرملة البيضاء، تمّ إنقاذ 5 منهم.
في جبيل أيضًا حصلت حادثة غرق الأحد الماضي في 12 أيار/مايو، ذهب ضحيّتها ثلاثة شبّان، حادثة تُشير إلى حجم الخطر الذي يهّدد روّاد السباحة في البحر من جنوب لبنان إلى شماله، مرورًا بعاصمته بيروت، وهذا ما يحتّم على كلّ هواة السباحة التنبّه إليه.
أسباب الغرق في هذا الوقت
كثيرة هي حالات الغرق التي تحدث على الشواطىء اللبنانيّة في هذا الوقت من العام، ففي شهر أيار من العام الماضي وقعت حالات غرق في البحر اللبنانيّ، منها على سبيل المثال لا الحصر غرق أحد الشبّان مقابل الروشة بعد ثلاثة أيام من فقدانه، وأيضًا حادثة وفاة أحد الشبان خلال محاولته القفز عن صخرة عالية في منطقة الروشة ما أدى إلى اصطدامه بالصخور، وقبلها في شهر نيسان توفّي أحد المواطنين في عمشيت غرقًا خلال ممارسته رياضة الغطس.
كثيرة هي حالات الغرق التي تحدث على الشواطىء اللبنانيّة في هذا الوقت من العام، ففي شهر أيار من العام الماضي وقعت حالات غرق في البحر اللبنانيّ، منها على سبيل المثال لا الحصر غرق أحد الشبّان مقابل الروشة بعد ثلاثة أيام من فقدانه
“كثيرة هي الأسباب التي تؤدّي إلى الغرق في البحر، ولكن هذه الظاهرة تشهد انتشارًا واسعًا بين نيسان وأيار في كلّ عام، علمًا أنّ عدد حالات الغرق سنويًّا تصل إلى 140 حالة”، بحسب رئيس وحدة الإنقاذ البحريّ في الدفاع المدنيّ اللبنانيّ سمير يزبك، والأسباب برأيه “كثيرة ومتعدّدة وأبرزها إهمال المواطنين وعدم امتثالهم لنصائح الدفاع المدنيّ، ففي هذا الوقت من العام وعندما ينتقل الطقس من البرد إلى الحر تكون الأمواج عاتية وعالية، والتيارات داخل المياه قويّة للغاية، وهنا الخطر يكون على الشاطىء بشكل أساسيّ”.
ويضيف: “مع كلّ خبرتنا نحسب ألف حساب للنزول إلى البحر، فكيف حال المواطن غير المجهز؟ علمًا أنّنا حاولنا منذ مدّة منع الناس من النزول إلى البحر في منطقة الرملة البيضاء فكان التجاوب شبه معدوم نتيجة غياب المسؤولية لدى المواطنين”، مشيرًا إلى “أنّ المشكلة لا تطال السبّاحين فقط، بل أيضًا أصحاب الزوارق والصيّادين الذين يتعرّضون إلى كثير من الحوادث خلال وقوفهم على الصخور لأجل الصيد”.
ومن الأسباب التي تؤدي إلى الغرق يقول يزبك لـ”مناطق نت”: “التيّارات المائيّة القويّة، الأمواج العالية، حالات صيد السمك، حيث تقذف الأمواج الصيّاد وتؤدّي إلى غرقه، القفز من أعالي الصخور، والغطس تحت الماء عبر حبس النفس، ما يؤدّي إلى الغرق”.
تحدّيات ومراجل
من جهته يعود رئيس المركز اللبنانيّ للغوص يوسف الجنديّ بالذاكرة إلى حادثة حصلت منذ مدّة عندما كانوا يبحثون عن غريق في منطقة الروشة، كاشفًا أنهم عندما سألوا عن الوقائع التي أدّت إلى غرق الشاب تبيّن أنّه كان يخوض تحدّيًا على وسائل التواصل الاجتماعي للسباحة بظلّ الموج المرتفع، فقضى غريقًا، مشيرًا في حديث لـ”مناطق نت” إلى “أنّ عدم الالتزام بالتعاليم هو السبب الرئيس للموت غرقًا في البحر اللبنانيّ”.
سمير يزبك: مع كلّ خبرتنا نحسب ألف حساب للنزول إلى البحر، فكيف حال المواطن غير المجهز؟ علمًا أنّنا حاولنا منذ مدّة منع الناس من النزول إلى البحر في منطقة الرملة البيضاء فكان التجاوب شبه معدوم
ويضيف: “في كلّ مرة يكون البحر هائجًا والتيّارات البحريّة قويّة تصدر بيانات عن الدفاع المدنيّ للتحذير من السباحة، ولكن أحدًا لا يلتزم، ففي منطقة صور على سبيل المثال لا تزال التحضيرات جارية لافتتاح الموسم، وحاليًا لا يوجد لا دفاع مدنيّ ولا عناصر صليب أحمر ولا شرطة بلديّة على الشاطىء ومع ذلك تقصد الناس المكان للسباحة، علمًا أن السباحة في المنطقة السياحيّة بالمحميّة آمنة، ولكن هناك أناس يقصدون المنطقة العلميّة غير المخصّصة للسباحة ويسبحون فيها”.
في إحدى المرات، بحسب الجندي، وُضعت لوحة “ممنوع السباحة” عند أحد الشواطىء في لبنان، “فلم يلتزم أحد بها بل استخدموا اللوحة لنشر المناشف عليها والجلوس تحتها، وهذا يبيّن لنا غياب المسؤوليّة، علمًا أنّ تحدّي البحر هو أمر مستحيل، فليس للبحر سيّدًا”.
نصائح إلى اللبنانيين
يُشير سمير يزبك إلى “أنّ البحر اللبنانيّ يكون متقلّبًا في غالبيّة أيام العام، ولذلك يجب التنبّه إلى هذه المسألة، ومحاولة الابتعاد عن الأماكن التي لا يتواجد فيها المراقب البحريّ، أو المنقذ”، مقدّمًا بعض النصائح إلى اللبنانيين:
الانتباه للأطفال حتّى ولو كانوا يجلسون على الشاطىء لأنّهم معرّضون لأن تسحبهم الأمواج خلال ثوان قليلة، وإبقاء العين عليهم حتّى ولو كان ثمّة منقذ بحريّ في المكان.
الامتناع عن السباحة في البحر عندما تكون الأمواج مرتفعة.
الامتناع عن السباحة في البحر في الفترة التي تشهد تبدّلًا في الطقس، وانتقالًا بين الفصول.
لبس “لايف جاكيت” لممارسي هواية ركوب الدرّاجات المائيّة وعدم المخاطرة بالدخول في الأمواج المرتفعة.
انتباه الصيادين للصخور التى يقفون عليها، وعدم الدخول مسافات طويلة في البحر.
وفي السياق عينه يدعو الجنديّ لاحترام التعاميم، والتعاطي بمسؤوليّة عالية مع البحر، وارتداء ملابس السباحة، لأنّ الملابس العاديّة لن تساعد في إنقاذ الغريق لنفسه، عدم السباحة لمن لا يعلم كيفيّة السباحة حتّى ولو ظنّ نفسه واقفًا على الرمال بسبب وجود التيّارات والحفر الرمليّة المخفيّة التي قد يسقط الشخص فيها من دون سابق إنذار.