أزمة “السكن الجامعي” تضغط على الطلاب.. والأسعار تحلّق عالياً
من الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، إلى الحرائق التي تسلب لبنان مساحاته الخضراء فتحول أرضه إلى رماد. ومن الانقطاع المستمر للتيّار الكهربائي، وتحوّل الأسواق المركزيّة إلى معرض للأسعار الخياليَة والرفوف الفارغة، إلى رفع الدعم عن صفيحة البنزين وتحليق سعرها، تتهافت المصائب يومياً على اللبنانيين. وفي ظل كل هذه المشاكل، يبقى الطلّاب الحلقة الأضعف، وبخاصّة طلّاب الجامعات.
لطالما واجه طلّاب الجامعات في لبنان عوائق عديدة أمام مسيرتهم الأكاديميّة. غير أنّ السنتين الماضيتين ومع ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل جنوني تفاقمت هذه المصاعب، وتحديداً مع ارتفاع الأقساط في الجامعات الخاصة وتدهور وضع الجامعة اللبنانية. بالإضافة لذلك برزت أزمة جديدة تواجه الطلاب مؤخراً وهي أزمة السكن الجامعي التي زادت طين التعليم بلة، وضاعفت الأعباء التي يتكبدها الطلاب. فكيف سيواجه هؤلاء ما أصبح خارج قدراتهم وقدرات أهلهم؟
بدأت المشكلة في الارتفاع الجنوني لسعر صفيحة البنزين، الذي انعكس سلباً على الطلاب لناحية التنقل، لذلك يلجأ الطلّاب إلى السكن الجامعي اختصاراً للوقت والمسافات. لكن هذا البديل لم ينج من تداعيات الأزمة، الأمر الذي أضاف صعوبات جديدة أمام الطلاب الذين أصابهم الإحباط والقلق جرّاء الارتفاع الجنوني لأسعار السكن الجامعي.
جنون الأسعار
وفي جولة على مساكن الطلاب في الجامعات قامت بها “مناطق نت” تبيّن أن أسعار مساكن جامعة القديس يوسف أصبحت تتراوح بين 535 $ للسرير في الغرف المزدوجة، 760 $ للغرف المنفردة، 1,410 $ للاستوديوهات، و2,285 $ للشقق. تُدفع هذه المبالغ شهريّاً من خلال شك مصرفي على سعر صرف 3900 ل.ل. للدولار الواحد.
أمّا فيما يتعلَق بالسكن خارج الجامعة، فقد كشفت إحدى الطالبات لـ “مناطق نت”، أنّ بدل سكنها الجامعي كان قبل الأزمة (غرفة مفردة) 600 $ شهريّاً على سعر صرف 1500 ل.ل. أمّا بعد الأزمة فالسكن الجامعي الأنسب سعراً الذي وجدته في منطقة الأشرفية كان 1,500,000 ل.ل. أمّا المساكن الأخرى التي تقع قرب الجامعة وتأخذ بدلات الإيجار بالدولار (فريش)، فهي 305 $ بالإضافة إلى مبلغ 1,200,000 ل.ل. شهريّاً.
سيناريو ارتفاع الأسعار يتكرّر في الجامعة الأميركيّة في بيروت، إذ باتت تتراوح بدلات إيجار السكن الجامعي لكل فرد لديها بين 1,538 $ و2,500 $ حسب نوع الغرف، حيث تدفع هذه المبالغ بواسطة شك مصرفي على سعر صرف 3900 ل.ل. عن كل فصل.
بدلات الإيجار في الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة واصلت تحليقها حيث وصل سعر الغرفة المنفردة إلى 21,652,800 ل.ل. ووصل سعر الغرفة المزدوجة إلى 14,059,500 ل.ل. وذلك عن كل فصل في حرم بيروت. أمّا في حرم جبيل، فيتراوح السعر الذي يدفعه التلميذ الواحد عن كل فصل للغرفة المنفردة بين 12,472,200 ل.ل. و15,845,700 ل.ل. وللغرفة المزدوجة بين 7,491,900 ل.ل. و10,705,500 ل.ل.
السكن خارج الحرم الجامعي
أما فيما يتعلّق بمساكن الطلاب في منطقة الحمرا وهي قريبة من الجامعتين الأميركية واللبنانية الأميركية، فقد قالت إحدى الطالبات التي تدرس في الجامعة اللبنانيّة الأميركيّة لـ “مناطق نت” أنّها كانت تدفـع 233 $ شهريّاً لغرفة مشتـركة بسـعـر 700 $ في سكن قرب حرم الجامعة في بيروت، ولكنّها اضطرّت إلى الانتقال إلى سكنٍ آخر بسـعرٍ أدنى للغرفة المشتركة 450 $، حيث باتت تدفع 180$ شهريّاً.
ورغم كل ذلك، فإن الاضطراب يسيطر على الطلاب بسبب الزيادات التي يقررها أصحاب المساكن وتزيد من الأعباء عليهم حيث يلجأون إلى تغيير سكنهم باستمرار. وهذا ما حصل مع إحدى الطالبات التي أبلغها صاحب السكن في الحمرا بأنه سيرفع بدلات الإيجار للغرفة المنفردة من 300 $ إلى 800 $ أبتداءً من الفصل المقبل.
الجامعة اللبنانية
أمّا في الجامعة اللبنانية التي لم تستأنف دروسها باستثناء بعض الكليات، فإن مساكن الطلاب فيها غير متوفّرة إلا في الحدث. لكن نظراً لكثرة الطلب عليها والعدد المحدود من الغرف التي لطالما كانت تخضع لـ “تشغيل العلاقات”، فإن الطلاب يُجبرون على استئجار مساكن لهم خارج الجامعة. وهنا تبدأ معاناة أخرى حيث ارتفاع بدلات الإيجار تتناقض مع إمكانات محدودة، فهل يتخلّى هؤلاء عن حقّهم في التعلّم؟
مع ارتفاع أسعار بدل السكن الجامعي سواء داخل حرم الجامعات أم خارجها، واضطرار الطلاب للتفتيش عن مساكن أخرى أقل سعراً، تبرز مشكلة أخرى، هل المساكن البديلة مناسبة وآمنة؟ العديد من الطلّاب الذين انتقلوا إليها عبروا عن عدم رضاهم سواء لجهة موقعها أو الضجيج الناجم عن حركة المرور المستمرّة، والتي تقلّل من قدرتهم على التركيز أو أخذ قسط من الراحة. وبالتالي تؤثّر سلباً على أدائهم الأكاديمي. بالإضافة لذلك، أعربت إحدى الطالبات لـ “مناطق نت” عن تخوفها وعدم شعورها بالأمان والطمأنينة لدى مرورها بشارع سكنها الجديد.