أنصار كل الحكاية… سيرة المكان وناسه
زهير دبس
بعيداً عن التنميط في كتابة السير المكانية بحيِّزها التاريخي والاجتماعي مع كل ما يتضمنانه ماضياً وحاضراً، يقدم الكاتب عبد الحليم حمود في كتابه “أنصار كل الحكاية” توليفاً مغايراً عن السائد من حيث السردية والنص والمنهجية في صناعة التأريخ المكاني. ولعل عنوان الكتاب الذي اختاره حمود لكتابه “أنصار كل الحكاية” ويختصر الى حد بعيد مضمون الكتاب يندرج ضمن المغاير في ذلك فهو يبدو أقرب الى الحكاية منه الى التوثيق. فالتاريخ الذي لبس ثوب الحكاية في الكتاب انسحب على مجمل فصوله ونواحيه ليتحول الى قصة مشوقة تتوالى صفحاتها وتستدرجك لتقرأها بشغف مستمتعاً بما ترويه من احداث الجزء الاكبر منها هو بلسان ابنائها الذين صاروا هم الحكاية.
الكتاب الذي يقع في ٣٦٠ صفحة ويتضمن ٥٥٠ صورة اعتمد فيه حمود على الحوارات المباشرة مع ابناء بلدته رووا فيها سيرهم وسير عائلاتهم الذاتية بأسلوب عفوي ومبسط تحوَّل مع نهاية الكتاب إلى لوحة فسيفسائية تختصر ذاكرة المكان مع كل ما يتضمنه المكان من حيز جغرافي وتاريخي يمتد من لحظة التكوين إلى يومنا الحاضر. متخففاً من كل ما يثقل كاهله من مطولات تعترض طريقه في الوصول إلى الفكرة الأساسية التي جعلت من الكتاب حكاية.
يؤرخ الكتاب الذي يندرج ضمن خانة سير الأمكنة لبلدة انصار ماضياً وحاضراً مع كل ما يتضمنانه من حراك وأحداث ونواحي وحقول، فيؤرخ لناسها وأعلامها ومجتمعها وللعادات والتقاليد وأبرز الاحداث. يعرض لتاريخها ولحياتها الاقتصادية التي كان عمادها الزراعة من خلال عرض لأبرز زراعاتها وتطور تلك الزراعة إلى يومنا هذا، ويتحدث عن تطور العمران منذ أن كانت البلدة بيوتاً طينية قبل أن تفرد جناحيها وتصبح أقرب إلى المدينة منها إلى القرية النائية، يتحدث عن حركتها التجارية منذ أن كانت حوانيت صغيرة معدودة تزنر تلك الساحة القديمة وصولاً إلى سوقها التجاري العامر الذي يتوفر فيه كل شيء الآن. يتحدث عن حراكها السياسي ونشوء الاحزاب وتاريخها النضالي والمطلبي وأيضاً عن قطاعات التعليم والصحة والأندية الرياضية والسياحة وغيرها.
يعكس كتاب “أنصار كل الحكاية” الغِنى الثقافي والسياسي الذي امتازت به أنصار عبر تاريخها الطويل وهو ما انعكس غنىً في طبيعة أهلها المحبين للحياة وللثقافة وتقبُّل الآخر. وهو يصلح لأن يكون نموذجاً يُحتذى قي كتابة سيرة الأمكنة وناسها، من حيث السردية والعرض والحوارات والصور وهو ما جعل عنوان الكتاب يعكس مضمونه، يغريك لقراءته لكي تكتمل الحكاية.