أوليفر بُستاني وطارق شرف يبتكران عربة لمحبّي رياضة الغولف من ذوي الإعاقة

حقّق الشاب أوليفر بُستاني (22 عامًا) من منطقة سدّ البوشريّة، إنجازًا لبنانيًّا في الميدان الرياضيّ إذ صمّم عربة مخصّصة للأشخاص من ذوي الإعاقة خاصّة بلعبة الغولف في لبنان والعالم العربيّ، لتصبح شموليّة ودامجة لذوي الإعاقة.

ينهي بستاني دراسته الجامعيّة بعد أسابيع قليلة بتخصّص الهندسة الكهربائيّة، وقدّ استمدَّ مشروع التخرّج من هواياته في لعبة الغولف، وكمدرّب للعبة في برنامج رياضة الغولف المخصّصة للمدارس، لا سيّما المدارس الدامجة لذوي الإعاقة. وكانت الفكرة تشاركيّة مع صديقه طارق شرف، وهو دكتور متخصّص في إدارة الأعمال الرياضيّة، ومتخصّص في العلاج النفسيّ الرياضيّ.

فكرة المشروع وتنفيذه

يصف كلٌّ من بستاني وشرف لـ”مناطق نت”، فكرة المشروع “بالطريفة”، وأنّها أتت بعد محادثتهم مع صديق مشترك وهو لاعب غولف لبنانيّ دوليّ من ذوي الإعاقة اسمه نائل سميث، كان قد تعرّض لحادث سير في سن الثامنة عشرة، ما أدّى إلى شلل في القدمين، إلّا أنّ ذلك لم يمنعه من ممارسة عديد من الرياضات، منها التزلّج والغولف.

أوليفر بستاني مبتكر عربة الغولف الخاصة بالمعوّقين

حلم نائل كان المشاركة في بطولة “اتّحاد الغولف للاحتياجات الخاصّة في أوروبّا”، وقد أخبر صديقيه بستاني وشرف، أنّ الكرسيّ المتحرّك الذي يستعمله لا يُسمح له بالتنقل عليه في ملاعب الغولف لأنّها تعرّض العشب للتلف. فقرّرا الشروع بإنجاز “سكوتر” أو عربة مخصّصة لذوي الإعاقة، استغرق العمل عليها قرابة سنة.

تولّى بستاني الشقّ الإلكترونيّ والتصنيع والرسم الهندسيّ الثلاثيّ الأبعاد للعربة، وتكليف حدّاد بإنجاز هيكل حديديّ للعربة. وقد قام ببعض الاختبارات للتأكّد من جهوزيتها. وعمّا إذا كان الأشخاص المعوّقون حركيًّا، قادرين على اللعب والتنقّل بها، لا سيّما أولئك الذين يستعملون فقط يدهم اليسرى للعب.

عربة لـ10 ملايين رياضي معوّق

يقول بستاني لـ”مناطق نت”: “في بلدان العالم هناك فقط عربتان لذوي الإعاقة، تبلغ كلفة الواحدة 10 آلاف دولار أميركيّ، فيما الثانية 33 ألف دولار أميركيّ، وهو رقم خياليّ يحرم ذوي الإعاقة من ممارسة اللعبة. في حين تبلغ كلفة العربة التي صمّمناها بين 2500 و3000 دولار أميركيّ، وهذا رقم مقبول للمهتمّين بلعبة الغولف وتمكّنهم من المشاركة في بطولات عربيّة ودوليّة”.

ويتابع بستاني: “ستتيح العربة التي صمّمناها لحوالي 10 ملايين رياضيّ معوّق حول العالم ممارسة اللعبة، وقد أعلنّا عن ذلك في مهرجان رياضيّ أقيم أخيرًا في “البيال”، حيث كانت فرصة للذين حضروا المهرجان، إجراء تمارين على العربة. واهتمّت جميع الأندية الرياضيّة الأخرى بفكرة العربة المخصّصة لذوي الإعاقة كونها ستُمكّن اللاعبين الرياضيّين من فرق كرة السلّة والسباحة وغيرها من خوض تجربة لعبة الغولف وقد يصبحون من أبطالها”.

أوليفر بستاني: ستتيح العربة التي صمّمناها لحوالي 10 ملايين رياضيّ معوّق حول العالم ممارسة اللعبة، وقد أعلنّا عن ذلك في مهرجان رياضيّ أقيم أخيرًا في “البيال”، حيث كانت فرصة للذين حضروا المهرجان، إجراء تمارين على العربة

 

من جهته يلفت الدكتور شرف إلى “أنّ الهدف هو إتاحة اللعبة أمام جميع الأفراد من دون أيّ تمييز، وعلى عكس الشائع، هذه اللعبة ليست حكرًا على طبقة اجتماعيّة محدّدة، بل يمكن لأيّ فرد أن يتعلّم ويتدرّب عليها في لبنان، والدليل على ذلك إطلاق بطولة المدارس للاعبي الغولف التي تُقام سنويًّا، حيث يقوم نادي الغولف اللبنانيّ بواسطة مدرّبين بتعليم طلّاب المدارس من جميع الفئات ولا سيّما ذوي الإعاقة مجّانًا”.

سيقدّم مصمّم العربة وصانعها أوليفر بستاني المشروع مادةً للتخرّج في جامعة الـLIU. ويتحدّث عن اهتمام أساتذة جامعته بالمشروع، واعتباره “نموذجيًّا يراعي الفئات المهمّشة في المجتمع”.

تُعدّ فكرة المشروع إنجازًا لبنانيًّا شبابيًّا، إلّا أنّ المشروع لم يلقَ الاهتمام والدعم من الجهات الرسميّة اللبنانيّة، ولا سيّما وزارة الشباب والرياضة، “فليس الهدف الثناء على الفكرة والتصفيق للمخترعين، بل يجب الدعم ماليًا وتقنيًّا” وفق شرف. ويشير إلى “أنّ التوجّه الحاليّ هو عبر تسجيل الفكرة كبراءة اختراع في وزارة الاقتصاد والتي هي مكلفة مادّيًّا”.

إلى اليوم، أعدّ المشروع بتمويل رياديّ شبابيّ تشاركيّ بين كلّ من شرف واللاعب نائل سميث، وبدعم تسويقيّ من الاتّحاد اللبنانيّ والعربيّ للعبة الغولف. ولكي يصبح المُنتج مربحًا ماليًّا يجب تصنيع عديد من العربات وبيعها للمهتمّين، وهذه هي الخطّة المُستقبليّة التي يعمل عليها الشابّان بستاني وشرف، واللذان ينتظران عودة اللاعب نائل سميث من الخارج للقيام بتجارب على ملعب الغولف وإعطاء بعض الملاحظات لكي تصبح مُكيّفة مع أفراد ذوي الإعاقة.

يلفت بستاني إلى “أنّ العربة بشكلها الحالي سيكون من الصعب نقلها عبر طائرة، سنقوم بصناعة عربة تلائم من حيث الحجم والوزن والمعدّات نقلها مع اللاعب في الطائرة، لا أن تنقل قبل شهر بواسطة الشحن، والهدف خلق بيئة ملائمة لذوي الإعاقة. كما أنّ العربة مصنوعة من موادّ تراعي البيئة من حيث البطّاريّات المُستعملة والعجلات (الإطارات) المخصّصة لملائمة العشب في ملاعب الغولف ولا تعرّضه للتلف.

عربة الغولف للمعوّقين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى