الحرب الكونية على التيار.. تابع!
أصبحت مملة ومستهلكة ومكررة جميع الأخبار التي تتحدث تارة عن انقطاع الكهرباء أو المحروقات أو الدواء أو الخبز. وتارة أخرى عن فقدان المواد الغذائية أو تحليق سعر صرف الدولار. وأيضاً أخبار التكليف والاعتذار والتأليف والاستشارات النيابية والتسريبات عن عملية تشكيل الحكومة والتحقيق في انفجار المرفأ. كل تلك الأخبار صارت عادية وجزء من يومياتنا التي اعتدنا عليها ويبدو أننا سنعتاد عليها طويلاً.
الخبر غير العادي الذي كان ملفتاً إلى حد الضحك والذي يبدو للوهلة الأولى خبراً ساخراً هو تصريح مسؤول العلاقات الدولية في “التيار الوطني الحر” الدكتور طارق صادق. وقد جاء فيه ما حرفيته:
جدد مسؤول العلاقات الدولية في “التيار الوطني الحر” الدكتور طارق صادق في تصريح التأكيد “ان الحرب الكونية على “التيار” ليست بسبب تحالفه مع “حزب الله” بل بسبب وقوفه في وجه المنظومة المافيوية المتحالفة مع المجتمع الدولي”.
كيف لخبر كهذا أن يمر من دون الوقوف عنده خصوصاً أنه صادر عن مسؤول العلاقات الدولية في تيار يعتبر نفسه يمثل شريحة واسعة من اللبنانيين ويملك أكبر كتلة نيابية في البرلمان.
الحرب بين الكون وكوكب التيار
للوهلة الأولى هل يعني مسؤول العلاقات الدولية في التيار الكلام الذي قاله وهل يخاطب به المجتمع الدولي الذي هو أصلاً موكلاً بتنسيق العلاقات معه. هل يشرح لنا المسؤول عن الحرب الكونية التي تُشن على التيار وأين تتمظهر. وهل هي حرب بين الكون وكوكب التيار؟ ومن هو هذا الكون الذي يشن تلك الحرب. والسؤال ينسحب على أسئلة لا تعد ولا تحصى وبعضها من وزن هل الكون واحداً لا تفرقه دول أو جغرافيا أو سياسات أو تناقضات أو مصالح. وكلها ذابت من أجل هدف واحد هو الحرب على التيار.
من السذاجة بمكان أن يصدر هكذا كلام عن مسؤول مفترض به أن يكون واجهة التيار إلى العالم. ومن السذاجة بمكان أن نعتبر أن العالم تخطى أكبر مشكلة يمرّ بها منذ عشرات السنين وهي جائحة كورونا، ونسي أيضاً المشاكل الاقتصادية الضخمة التي نتجت عنها ونسي أيضاً مشاكل المناخ والمهاجرين والمناطق الساخنة في العالم. نسي كل تلك المشاكل ووضعها جانباً من أجل قضية واحدة وهي مقارعة التيار الوطني الحر في لبنان.
والاستنتاج البديهي الذي نذهب إليه من خلال تصريح المسؤول المذكور أن ما يشهده لبنان من انهيار مريع ما هو إلا تفصيل صغير أمام هول الحرب الكونية التي يتعرض لها التيار. الدكتور صادق وهو مسؤول العلاقات الدولية في التيار الوطني الحر لم يقرأ ما يقوله يومياً المجتمع الدولي ومنه البنك الدولي والأمم المتحدة ومنظمة اليونيسيف والاتحاد الأوروبي بمعظم دوله وأميركا وروسيا من أن لبنان يلفظ أنفاسه وأنه يشهد أزمة اقتصادية هي الأقسى في العالم على الإطلاق، وعلى المسؤولين فيه مساعدة أنفسهم لكي نساعده.
حرب المنظومة المافيوية
هل يتجرأ ذلك المسؤول التياري ويسمي “المنظومة المافيوية المتحالفة مع المجتمع الدولي” والتي يقف في وجهها التيار الوطني الحر ؟. من هي تلك المنظومة؟ هل هي موجودة في السلطة أم لا؟ وهل تياره شارك في السلطة وتقاسم وتحاصص مع تلك المنظومة منذ العام ٢٠٠٨ أم لا؟ وليشرح لنا ذلك المسؤول كيف يكون تياره في السلطة بدءاً من رئاسة الجمهورية مروراً بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وصولاً إلى كل الإدارات والمؤسسات الأمنية. يتشارك ويتقاسم مع تلك المنظومة كل مغانم الدولة، وفي الوقت نفسه يدعي محاربتها، وبسبب ذلك هناك حرباً كونية تُشن عليه. ما هذه السذاجة التي تثير الغثيان!
التيار يطبق القاعدة الشواذ التي تقول أنا حاكماً لكني لست مسؤولاً. أنا أتشارك وأتحاصص كل شيء في الدولة لكني لست فاسداً. أدعي الوطنية وفي الوقت نفسه أخوض معارك الداحس والغبراء دفاعاً عن حقوق المسيحيين والتي بعرف التيار تختلف عن حقوق اللبنانيين.
ما لم يقله المسؤول التياري هو أن تياره جزء لا يتجزأ من المنظومة المافيوية التي يدعي الوقوف في وجهها. وما لم يقله أيضاً أن الحرب الكونية التي تُشن على التيار الوطني الحر. ما هي إلا حرباً شنتها تلك المنظومة المافيوية التي يشكل التيار إحدى ركائزها على لبنان واللبنانيين. والتي أدّت إلى هلاك بلد وتدميره وتشظيه، وتحويله إلى بلدٍ غير قابل للحياة.