الحرب الإسرائيليّة- الإيرانية تُلقي بظلالها على الجنوب حذرًا وترقّبًا

على أبواب الصيف، هل تبدّدت آمال الجنوبيين وتحديدًا أبناء صور وقضائها بقدوم المغتربين هذا الصيف جرّاء الحرب الإيرانيّة الإسرائيليّة، أم إنّه لا يزال هناك متّسع من الوقت كي يُصلح هدوء الأوضاع ما بدّدته الحرب؟ هذا ما يأمله أبناء قضاء صور الذي يتميّز بكثافة المغتربين المتحدّرين منه، ويأمل أبناء المدينة قدومهم من أجل تحريك العجلة الاقتصاديّة والتجاريّة خصوصًا أنّ معظم المغتربين لم يزوروا لبنان خلال موسمين منصرمين نتيجة للأوضاع الأمنيّة والعسكريّة التي شهدها الجنوب.

وبينما حسم عدد كبير من المغتربين قرارهم بالقدوم هذا الصيف إلى الجنوب، شكّلت التطوّرات الأخيرة الناجمة من الحرب الإسرائيليّة على إيران وما تبعها من مفاجأة كبيرة دفعت كثيرًا من المغتربين إلى توخّي الحذر وترقّب مسار الأحداث في الأيّام المقبلة.

كسلٌ بأسواق صور

لا يبذل المتجوّل في أسواق صور جهدًا كبيرًا ليتبيّن تأثُّر حركة تلك الأسواق بالحرب الدائرة رحاها على مقربة من المدينة، وهذا ما بدا بعد يوم واحد على بدء الحرب الإسرائيليّة وعبّر عنه أحد أصحاب متاجر بيع الألبسة، بامتعاضه من الأوضاع الاقتصاديّة التي تمرّ هذه الأيّام على المدينة، “فمنذ اندلاع الحرب يوم الجمعة الماضي لم يدخل محلّي شخص واحد، فالمغتربون لم يحضروا بعد، وأهالي المدينة منشغلون بالأحداث ولا أعتقد أنّ أحدًا مهتمّ بشراء ملابس جديدة في ظلّ هذه الظروف”، وفقًا لما قاله لـ”مناطق نت”.

على بُعد عشرات الأمتار من هذا المحل، تقع إحدى الصيدليات في وسط مدينة صور، وما إن تدخل إليها حتّى يبادرك الصيدلي إلى الحديث عن سوء الحركة الاقتصادية، فيُشير متهكمًا إلى أنه “يبدو أن المواطنين لم يعودوا يمرضون”، في إشارة إلى ضعف عمليات البيع. يشرح الصيدلي في حديثه لـ”مناطق نت” أن “الأهالي قلقون من تطور الحرب وهذا ما يظهر جليًا من خلال ضعف الحركة التجارية حتّى أنه يمكن ملاحظة انخفاض حركة المواطنين ليلًا”.

كسل يصيب الأسواق التجارية في صور
تراجع النشاط التجاريّ والاقتصاديّ

من جانبه، يشرح محمّد الحسينيّ، وهو أحد تجّار مدينة صور في حديث لـ”مناطق نت”، أنّه “منذ يوم الجمعة الماضية شهدت المدينة والبلدات المحيطة بها تراجعًا ملحوظًا بالنشاط التجاريّ والسياحيّ والخدمات”. ويلفت إلى أنّه “منذ انتهاء الحرب الإسرائيليّة على لبنان كانت الحركة الاقتصاديّة خجولة وتتصاعد تباعًا مع استقرار الأوضاع وبداية حضور المغتربين من أبناء القرى والبلدات الجنوبيّة”.

ويوضح الحسيني أنّه “مع بدء المواجهات بين إسرائيل وإيران وتصاعد الأحداث تحوّل الوضع في صور ومنطقتها إلى شلل تامّ وذلك لأسباب عدّة، فالصواريخ الإسرائيليّة الاعتراضيّة كانت تنفجر فوق لبنان، وبشكل عامّ فإنّ المغتربين غير معتادين على هذه الأجواء، لذا هناك كثير منهم فضّل تأجيل زيارته أو الانتقال إلى بيروت في الوقت الحاليّ”.

ويضيف الحسيني “يمكن ملاحظة هذا الجمود في الحركة السياحيّة والتجاريّة من خلال جولة سريعة في المدينة والقرى المحيطة بها، حتّى أنّ الشاطئ الرمليّ الذي عادةً ما يعجّ بالروّاد على مدار الأسبوع لم يسجّل حركة كثيفة خلال نهاية الأسبوع المنصرم”. ويُشير إلى أنه “من الملاحظ أنّ منطقة صور والقرى المحيطة بها باتت تعجّ بالمواطنين، فأهالي البلدات والقرى الحدوديّة الذين لم يتمكّنوا من العودة إلى قراهم بسبب الحظر الإسرائيليّ آثروا الاستقرار في قرى مدينة صور باعتبارها الأقرب جغرافيًّا إلى بلداتهم”.

ضاهر: الحرب الإسرائيليّة انعكست على الحركة التجاريّة في الجنوب، فهناك تجّار يأتون من بيروت أو مناطق أخرى بغية القيام بأعمال تجاريّة فضّلوا تأجيل حضورهم خوفًا من تطوّر الأحداث

ويؤكّد الحسيني أنّ “هذا ما جعل من صور ومنطقتها تزدحم بالمواطنين، وانعكس على المستوى السُكّانيّ بحيث شهدنا حركة إشغال كبيرة للوحدات السكنيّة وارتفاع في أسعار الإيجارات. أمّا على صعيد الحركة التجاريّة فإنّ النازح عادةً ما يقدم على شراء الضروريّات ولا يقترب من الكماليّات إذ إنّه لا يملك ترف الرفاهيّة”.

المغتربون يؤجّلون

من جانبه، يوضح نائب رئيس جمعيّة تجّار صور، حسن ضاهر، في حديث لـ”مناطق نت”، أنّ “الحرب الإسرائيليّة انعكست على الحركة التجاريّة في الجنوب، فهناك تجّار يأتون من بيروت أو مناطق أخرى بغية القيام بأعمال تجاريّة فضّلوا تأجيل حضورهم خوفًا من تطوّر الأحداث، فالخطّ الممتدّ من صور إلى بنت جبيل يُعتبر في أقصى الجنوب لناحية فلسطين المحتلّة”.

ويروي ضاهر أنّ “أحد العاملين في مجال التصوير أبلغني أنّ هناك خمسة أعراس كان قد تعاقد مع أصحابها جرى إلغاؤها، وهناك كثير من المغتربين، ومنهم أبنائي، قرّروا تأجيل حضورهم”. ويوضح أنّه “قبل هذه التطوّرات كان الوضع الاقتصاديّ في قضاء صور يتحسّن تدريجًا، إلّا أنّ ما حدث دفع المواطنين إلى الحذر، وهذا ما بدا واضحًا من خلال الانخفاض الكبير في نسب المبيعات”. ويؤكّد ضاهر أنّ “التوقّعات تُشير إلى أنّه في حال انتهاء هذه الحرب فإنّ المنطقة ستشهد تحسنًا كبيرًا في الحركة التجاريّة والاقتصاديّة خصوصًا أنّ كلّ المؤشرات تفيد بأنّ أعداد المغتربين ستكون كبيرة هذا العام”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى