الحسن وزيرة الداخلية..امرأة في وزارة حديدية!
حسين حمية
توزير الوزيرة السابقة ريّا الحسن في وزارة الداخلية، كاد بالأمس بحدثيته أن يغمر حدث ولادة الحكومة نفسه، كان مفاجأة أثقل من المفاجأة الأم بعشراتها الثلاث، لولاه، لكان هناك كلام آخر، عن تحمل الرئيس سعد الحريري مغامرة تسليم حقيبة خدماتية كبرى ل”حزب الله” خلافا لمشيئة أميركية، لكان الدكتور جميل جبق هو صدر الحدث، أو لانشغل الكثيرون بالنكش عن خفايا توزير حس مراد، أو لكان هناك وقفة طويلة بوجود 4 نساء دفعة واحدة في سابقة لبنانية لم تحصل، كل هذا توارى خلف توزير الحسن، بما فيه وجود مي الشدياق المثيرة للجدل في الحكومة، أو توزير زوجة سنّي في مقعد مسيحي كما في سابقة فيوليت الصفدي.
اعتدنا أن يكون توزير نساء في حكوماتنا له وجهة واحدة، هو التحايل على الغرب وثقافته لنيل المساعدات الخارجية، كان للتغطي بقشرة هشة ورفيعة لإخفاء ذكورية الحكم، ولم يكن نتاج تبدل موقع المرأة في مجتمعنا، كما أن توزير النساء لم يكن يترك أي أثر يُذكر، فكان من ضمن معادلة مخادعة، هي تليين ذكورية المجتمع بما يتيح للمرأة الترقي بأنوثتها من دون نسويتها.
توزير الحسن يختلف عن توزير النساء الأخريات في هذه الحكومة وما قبلها، ليس من صنف ما قطفه إعلاميا الرئيس نبيه بري يتوزيره عناية عز الدين في الحكومة الماضية، أو اضفاء بعد أنثوي (وليس نسوي) على قرارات التيار الوطني الحر كما في توزير ندى البستاني، أو على شاكلة الديكورات النسوية لتوزيرات الرئيس ميشال سليمان، ما قام به الحريري هو أمر آخر.
هناك مكسب إعلامي كبير للحريري بتوزير الحسن في وزارة الداخلية، لكن هو مكسب وقتي وظرفي سرعان ما يزول، ومثل هذا المكسب لا يستحق مثل هذه المغامرة الخطرة، والحريري يدرك هذه الحقيقة، وليس هو بهذه السذاجة ليراهن على أمر لحظوي.
عندما قال الحريري منذ أيام قليلة أنه ينتظر اليوم الذي ستكون فيه امرأة على رأس الحكومة اللبنانية، كان كلامه على شيء من الغرابة، لم نكن في زمن انتخابي أو في مناسبة نسوية، كان فيه رومانسية أو فانتستيك (fantastic) لبناني إسلامي، لكن عندما تكون ريا الحسن في وزارة الداخلية لم يعد هذا اليوم بعيدا عن المرأة اللبنانية.
سبق لنا أن استهجنا يوما وزيرة الدفاع الاسبانية الحامل بشهر السادس وما فوق على ما أذكر، وهي تستعرض جنود بلادها من كافة الرتب، كان مشهدا مثيرا، سيكون مثل هذا في لبنان، عندما تزور الحسن المديريات العامة لقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة أو لدى حضورها جلسات مجلس الدفاع الأعلى.
لسنا أمام ديكور، قرارات وزارة الداخلية لا تحتمل المزاح والعاطفة، خصوصا أن الوزيرة هي في وزارة الوزارات كلها، في وزارة الواجهة والمشاكل والصدام، ولا يكفي لتحمل مسؤوليتها هدوء الحسن العميق وقدرتها على إظهار التعابير الحازمة على وجهها، وإن كان هذا شرطا على من يتولى وزراة الداخلية.
بتوزيره الحسن بدأت حكومة الحريري عملها، قبل أن تجتمع وقبل أن تنال الثقة، بدأت بالقرارات العميقة، وتوزير الحسن لا ينتمي حصرا إلى اللعبة الداخلية في لبنان، المنطقة كلها في زمن انتقالي، وإحدى بواباتها إلى النظام الإقليمي الجديد، هو موقع المرأة في مجتمعاتنا، فلنتابع ما يحدث في السعودية ومصر وسوريا والعراق، وتوزير الحسن في وزارة الداخلية اللبنانية، رافعة قوية للنقاش المحتدم في مجتمعات البلدان المذكورة التي تنزع عنها أثواب التشدد والتزمت والداعشية