الضمان «يخاصم» الأميركية: مخالفات وتلاعب!
تحت عنوان «الضمان «يخاصم» الأميركية: مخالفات وتلاعب!» كتبت صحيفة الأخبار أن إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قرّرت فسخ التعاقد مع مستشفى الجامعة الأميركية بسبب مخالفته بنود العقد النموذجي الموقع بينهما. المخالفات، بحسب مصادر الضمان، لا تنحصر بأحد بنود العقد، بل بغالبيتها، إذ إن المستشفى يستقبل مرضى الضمان بـ«القطارة»، ويفرض عليهم فروقات مالية طائلة… لائحة المخالفات طويلة، وإدارة المستشفى تردّ بأن الخطوة ذات طابع «سياسي»!
قبل نحو سنة وثلاثة أشهر، وجّه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إنذاراً إلى مستشفى الجامعة الأميركية محذّراً إياه من الإمعان في مخالفة بنود العقود النموذجي بينهما. يومها، قرّر الصندوق حرمان المستشفى من السلف المالية لنحو شهر قبل أن يعاد العمل بها. اليوم القصّة مختلفة. فالصندوق قرّر أن يفسخ العقد مع المستشفى بالاستناد إلى ما يكفي من الأسباب الموجبة.
المدير العام للضمان الاجتماعي محمد كركي أصدر أمس قرارين، يقضي الأول بفسخ التعاقد مع AUH، مستثنياً مركز سرطان الأطفال (سانت جود)، والثاني يوقف السلفات المالية المقرّرة له. القراران استندا الى تقرير رئيس مصلحة المراقبة الإدارية على المستشفيات حول مخالفات مرتكبة. مصادر هذه المصلحة تقول إنه رغم كل التحذيرات، فإن الضمان يتلقّى يومياً عشرات الشكاوى عن مخالفات في بنود العقد الموقّع مع المستشفى. أقصى المخالفات تتعلق بتدفيع المضمونين فروقات مالية طائلة، وأدناها يتعلق بالفوترة المتلاعب فيها.
وبحسب مصادر الضمان، فإن حجم المخالفات «لم يعد يحصى». فقد تبيّن للرقابة الإدارية، على مدى الأشهر الماضية، أن مرضى الضمان لا يتم استقبالهم في درجة الضمان المنصوص عليها في العقد إلا في ما ندر. كذلك يفرض المستشفى على المرضى المضمونين دفع فروقات مالية طائلة عن أعمال جراحية تدّعي إدارة المستشفى أن الضمان لا يغطيها، ولا تقلّ في كثير من الحالات عن 10 آلاف دولار، فيما هناك حالات يصل فيها الفارق إلى أكثر من 40 ألف دولار. ومن المخالفات أيضاً، أن إدارة المستشفى لا تحترم الكثير من الاتفاقات بين الطرفين، ولا سيما لجهة المستلزمات الطبية التي تستعمل في العمليات الجراحية. فالضمان اتفق على أن يتوقف المستشفى عن «فوترة» عدد كبير من هذه المستلزمات بالأسعار الباهظة الثمن، إلا أن المستشفى لم يلتزم بالاتفاق.
المستشفى يرد
مصادر في مستشفى الجامعة الأميركية قالت إن خطوة فسخ العقد كانت «صدمة» أتت من دون أي مبرّرات واقعية. «فالمستشفى رفع نسبة استقبال مرضى الضمان بشكل كبير في الشهرين الأخيرين ووصل عددهم الى أكثر من 1600 مريض مضمون رغم أن نسبة الإشغال في المستشفى تبلغ 87%». وأكدت أنه حُذف من لوائح الفواتير، بناءً على طلب الضمان، أكثر من 50 بنداً تتعلق بالمستلزمات الطبية المستعملة في المستشفى، لذا، فإنه «ليس هناك أي تفسير منطقي لهذه الخطوة سوى أنها تأتي بدافع سياسي للتعمية على ملفات الفساد التي بدأت تظهر أخيراً».
من يدفع الثمن؟
بين الاتهامات الموجّهة من الصندوق وردّ المستشفى، يدفع المضمونون الثمن مرتين: مرة بسبب المخالفات التي ترتكبها إدارة المستشفى، ومرة ثانية بسبب عشوائية قرارات الضمان التي لم تلحظ إلى جانب فسخ العقد، كيف يمكن تأمين العلاج للمرضى المضمونين الذين لديهم مواعيد للقيام بعمليات جراحية أو يستشفون من أمراض مستعصية مثل غسل الكلى والأمراض السرطانية وسواها، ولا أولئك الذين يأتون إلى الطوارئ.
مصادر الضمان تشير إلى أن هذا الأمر كان حاضراً في النقاشات التي أدّت إلى اتخاذ القرار. وأوضحت أن المرضى الذين يحصلون على علاج من الأمراض المستعصية وحصلوا على موافقات مؤخّرة من الضمان للاستشفاء في مستشفى الجامعة، يجب أن يستكملوا العلاج هناك وفواتيرهم ستدفع. أما من لديهم مواعيد لعمليات جراحية أو سواها، فعليهم أن ينتظروا معالجة المشكلة أو تغيير طبيبهم والمستشفى.
هدايا للمستشفيات
ويحصل مستشفى الجامعة الأميركية على سلفة مالية من الضمان الاجتماعي بقيمة 3.3 مليارات ليرة شهرياً، شأنه شأن كل المستشفيات المتعاقدة مع الصندوق وفق نظام السلف الذي وُلد على يد مجلس إدارة صندوق الضمان بشكل مخالف للأصول، مستنداً إلى أسباب تتعلق بتراجع قدرة الضمان على تصفية المعاملات. بحسب مصادر نقابة المستشفيات، فإن حجم المعاملات المتراكمة وغير المصفّاة يتجاوز 70%. والمشكلة أن هذه السلف تعدّ بمثابة هديّة للمستشفيات، علماً بأن الضمان لا يتأخر في تسديد المستحقات المالية المترتبة عليه، ولكنه يتأخر في تصفيتها.