«الموحدون الدروز عبر التاريخ» لفيصل المصري يسبر أغوار الماضي ويعيد تركيب الجغرافيا
زهير دبس
بأسلوبه المبسّط والشيق والذي يعتمد السرد الحكائي يعرض فيصل المصري في كتابه «المدونات الفيصلية… الموحدون الدروز عبر التاريخ» أبرز الأحداث والمحطات في تاريخ الموحدين الدروز، ويسلط الضوء على العديد من الشخصيات والمعتقدات والرمزيات التي تتعلّق بالمذهب الدرزي، بدءاً بالخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله الذي وصفه المصري بالحاكم المُفترى عليه مروراً بالعديد العديد من الشخصيات التي لعبت دوراً مؤثراً في تاريخ المذهب.
الكتاب الذي يقع في ٣٦٨ صفحة من القطع الوسط هو عبارة عن مجموعة من المدونات نشرها المصري على مدونته على شبكة الانترنت والتي تحمل اسمه ويتابعها مئات الآلاف من القراء حول العالم. وهو يقول في مقدمة الكتاب: «هذه المدوَّنات أخذت عُصارة تفكيري، وشغلت مُعظم وقتي، وأخذتني إلى عهود سابقة غابرة، وسنوات ظالمة ومُظلمة للعقل والتفكير. حسبي في سَبْر غور الماضي الذي فيه افتراء لا يُمكن وصفه أو تدجينه، ومن ثم عودتي إلى وقتي الحاضر، كانت تنتابني الحيرة في كل مرَّة أعود حيث السخط يرافقني ويُؤلمني في كتابة مدوَّناتي».
يحاول المصري من خلال مدوناته تصويب العديد من المرويات التاريخية التي يعتبر أن فيها إجحافاً كبيراً بحق الموحدين الدروز، وأيضاً يسلط الضوء على العديد من الشخصيات الدرزية التي لعبت أدواراً وطنية مهمة في أوطانها ولم تلقَ التكريم اللائق.
بأسلوبه الساخر واللاذع يهاجم المصري بعض المؤرخين العرب ويتهمهم بأنهم زوّروا التاريخ وحرّفوا الوقائع، وكان لهم اليد الطولى في ما وصل إليه حال الأمة العربية اليوم من حروب وقتل ودماء. يعرض لأبرز الأحداث المضيئة في تاريخ الموحدين الدروز ولأبرز الشخصيات أمثال سلطان باشا الأطرش والشهيد كمال جنبلاط، ويعرض أيضاً لأبرز النساء الدرزيات اللواتي كان لهن بصمات مميزة في تاريخ الموحدين ومنهن الست زهر أبي اللمع ونظيرة جنبلاط وغيرهن. خصص المصري في مدوناته مقالات عن أبرز الأماكن التي لها حيثية لدى الدروز كخلوات البياضة ومقام السيد عبدالله التنوخي في عبيه وبعقلين ومسقط رأسه صليما.
يصوّب المصري في كتابه المتنوع للأحداث التي كان لها علاقة بالموحدين الدروز ضمن سلسلة مقالات منها «المُوحِّدون الدروز وصلاح الدين الأيوبي»، «الموحِّدون الدروز وفضيلة الشيخ أمين طريف»، «الموحِّدون الدروز والأمير شكيب أرسلان»، «الموحِّدون الدروز وجمال عبد الناصر وحُكَّام مصر الحاليين والسابقين»، الموحِّدون الدروز في فلسطين»،
«الموحِّدون الدروز والمملكة العربية السعودية».
الموحدون الدروز عبر التاريخ لفيصل المصري كتاب جريء يقارب بطريقة مختلفة وقائع وأحداث قرأنا وسمعنا عنها الكثير، لكن المصري يدحض الكثير منها ويكشف المستور فيها، فتنقلب الوقائع رأساً على عقب من خلال الوثائق والمصادر والمراجع الموثوقة. ينفض المصري الغبار عن أحداث كبيرة ويحاكم في كتابه ممن جعلهم التاريخ أبطالاً فينزع عنهم صفة البطولة ويكشف المستور من أعمالهم.
كتاب المصري كتاب مميز يضاف إلى المكتبة العربية لعله من خلال مقاربته الجريئة لمسار الأمور يعيد غبناً وقع ويعيد من خلاله وصل ما انقطع.