“النبطية نحمي تراثها”.. انطلاق ورشة الدفاع عن عمارتها

في النبطية، يمكن القول إنّ قطار الدفاع عن الإرث الثقافيّ والعمرانيّ انطلق بوتيرته الأهليّة والمدنيّة، وهذا يعني هنا، أنّ جمعيّات وأندية وجهات مدنيّة وأهليّة ومحلّيّة قررت الدفاع عن العمارة التقليديّة التي طالما أصابتها إسرائيل في الصميم جرّاء عدوانها المتكرّر على المدينة منذ العام 1974، وصولًا إلى حرب الـ 66 يومًا الأخيرة، الضروس التي دمّرت حيّزًا كبيرًا من الوسط التجاريّ القديم ومن أبنية ودور تنتشر في أحيائها ويفوق عمرها الـ 100 عام، ناهيك بما قوّضته المشاريع العمرانيّة والحديثة لتقوم حركة تجاريّة بامتياز على حساب التراث وإرث الآباء والجدود.

لا تقف هذه الجمعيّات الثقافيّة والنسائيّة والاقتصاديّة والفنّيّة في النبطية وحدها في مواجهة التخريب الحاصل منذ عقود طويلة والإهمال المتعمّد المطيح بعشرات البيوت القديمة، بل جذبت إليها بدرجة أولى بلدية مدينة النبطية ومركز المحافظة ووزارة الثقافة اللبنانيّة والمديريّة العامّة للآثار وغيرها من جمعيّات مدنيّة واجتماعيّة وثقافيّة محلّيّة وعلى المستوى الوطنيّ، لتجعل لها شركاء في الدفاع عن العمارة التقليديّة وحمايتها من الهدم والاندثار، كي يمنع جرفها في المرحلة الأولى، ويصار إلى ترميمها لاحقًا، واستثمارها في مشاريع تربويّة وثقافيّة وسياحيّة وحتّى إنتاجيّة وتجاريّة.

إحصاء تراثيّ بعد الحرب

ساعدت جمعيّات النبطية والجوار في الانخراط بحملة الدفاع عن الإرث المعماريّ والتاريخيّ عملية إحصاء البيوت والدور والأطلال التراثيّة في النبطية التي قامت بها “جمعيّة بلادي” (تراثي حقّي) بالتعاون مع طلّاب العمارة في الجامعة اللبنانيّة مباشرة بعد توقّف الحرب خلال كانون الأول (ديسمبر) 2024، بالتنسيق مع بلدية النبطية قبل الانتقال إلى النبطية الفوقا وكفرتبنيت وزوطر الشرقيّة وزوطر الغربيّة، جارات النبطية، وبالتعاون مع بلديّاتها، وأفضت إلى وجود  147عمارة تراثيّة في النبطية (التحتا) عاصمة المحافظة، وإلى 240 موقعًا أو يزيد عنها في بلدات الجوار الآنفة الذكر.

التراث المعرّض لخطر التدهور في النبطية، والذي يقدّر بنحو 25 في المئة من المباني التراثيّة قبل الحرب، يبلغ الآن أكثر من 75 في المئة

أنجزت وثيقة “بلادي” الإحصائيّة والتقديريّة بعد أشهر من العمل في الميدان. تقول رئيس الجمعيّة جوان فرشخ بجّالي “كان فريق بلادي أوّل من قام بتقييم الأضرار على الأبنية التراثيّة بعد وقف إطلاق النار في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، وامتدّ العمل من كانون الأوّل (ديسمبر) 2024 إلى أيّار (مايو) 2025، وشمل التقرير حالة 389 موقعًا تراثيًّا تمّ إحصاؤها في النبطية وأربع بلدات مجاورة”. وتوضح بجّالي لـ “مناطق نت” أنّ “المعلومات التي جمعتها “بلادي” على الأرض كشفت أنّ التراث المعرّض لخطر التدهور في النبطية، والذي يقدّر بنحو 25 في المئة من المباني التراثيّة قبل الحرب، يبلغ الآن أكثر من 75 في المئة نتيجة الحرب التي مزّقت هذه المنطقة؛ وتظهر هذه النتائج خطر تحوّل جذريّ في تاريخ المنطقة”.

وتقول بجّالي: “إنّ التاريخ المعماريّ والتراث المادّيّ للمنطقة بأكمله هو الذي يتعرّض إلى خطر كبير، والهويّة الاجتماعيّة والمعماريّة والثقافيّة بأكملها في جنوب لبنان موضع تساؤل، لأنّ فقدان مكان ما يعني قطع الارتباط به بين الأجيال”، مشيرة إلى أنّ “منظمة بلادي غير الحكوميّة مشاركة في البيانات التي تمّ جمعها وتحليلها على عيّنة تمثيليّة في بلدات النبطية الخمس بعد الحرب الأخيرة التي قامت بها إسرائيل”.

وثيقة تاريخيّة رائدة

ما قامت به جمعيّة “بلادي” اعتُبر لدى بلديّة النبطية ووزارة الثقافة “وثيقة رائدة” تسلّط الضوء على حال المباني التراثيّة بعد الغارات الإسرائيليّة على النبطية التحتا والنبطية الفوقا وبلدات زوطر الشرقيّة والغربيّة وكفرتبنيت. و”قدّمت الوثيقة اكتشافات حاسمة عن عواقب التفجيرات الإسرائيليّة على التراث العمرانيّ الكبير، لهذا الجزء من جنوب لبنان، وبخاصّة المباني السكنيّة والأسواق والمساجد والمدارس التاريخيّة، التي تغطّي الفترة من سنة 1700 إلى سنة 1950″ تقول بجّالي.

بدورها تشير المهندسة المعماريّة والمحاضرة في الجامعة اللبنانيّة والمديرة الأكّاديميّة في “بلادي” رنا دبيسي، إلى أنّها اعتمدت على “تعاون طلّاب الهندسة المعماريّة من الجامعة اللبنانيّة (UL) الذين وقّعت معهم منظّمتنا غير الحكوميّة مذكّرة تفاهم، وكان انطباعنا الأوّل أنّها منطقة جرّدت من تاريخها ونسيجها الحضريّ وهويّتها الثقافيّة”. وتضيف لـ “مناطق نت”: “لقد اندهش أهالي المنطقة والشركاء أوّلًا لرؤيتنا نتحدّث عن تراث النبطية وأهمّيّته، وكانوا متعاونين للغاية على الرغم من جروحهم التي خلّفتها الحرب الدامية والمدمّرة”.

دار الحاج حسن نصار في حي البياض-النبطية

وذكرت أن العمل الميدانيّ “تعرض إلى تحدّيات أساسيّة، بما في ذلك عدم وجود جَردٍ محدّد مسبق لهذه المباني التراثيّة، وعدم وجود خرائط أصليّة يمكن للخبراء البناء عليها. لذلك كان عليهم أن يصنعوا خرائطهم الخاصّة باستخدام ‘الإبداع‘ لتوثيق الأضرار التي لحقت بعد الحرب. ومع ذلك، فإنّ النتيجة هي دقّة نادرة: خرائط متراكبة تظهر المباني المتدهورة ولكن القابلة للاسترداد، وتلك التي تمّ تدميرها جزئيًّا، إلى تلك التي تمّ تدميرها بالكامل. وتحدّد هذه الخرائط نفسها نوع المبنى وتاريخ بنائه وقيمته المعماريّة وحالته الحاليّة”.

“النبطية نحمي تراثها”

شكّلت هذه الخطوات الإيجابيّة وتراكمها في مدّة زمنية ضئيلة حافزًا لدى الجمعيّات الأهليّة في النبطية، فسارعت إلى إقامة ندوة ترشيديّة في مركز جمعيّة تقدّم المرأة في النبطيّة بدعوة منها ومن المجلس الثقافيّ للبنان الجنوبيّ بالتعاون مع المهندس الدكتور حبيب صادق _الأستاذ الجامعيّ ورئيس “مؤسّسة الجادرجي من أجل العمارة والمجتمع”_ تحت عنوان “دور المجتمع المدني في حماية الذاكرة والتراث” خلال الـ 22 من آذار (مارس) الماضي.

ثم واصلت الجمعيّات تحرّكها تحت شعار “النبطية نحمي تراثها” بالشراكة والتنسيق مع بلديّة المدينة ومحافظ النبطية الدكتورة هويدا الترك وجمعيّة “بلادي” و”الجمعيّة التنظيميّة لتجّار النبطية والجوار”، و”ملتقى أطياف الفنّيّ” وأقامت الأسبوع الماضي مؤتمرًا تراثيًّا في مركز بلديّة النبطية الثقافيّ برعاية وزارة الثقافة وحضور المدير العام للآثار المهندس سركيس الخوري ومهندسين من المديريّة العامّة للآثار دعت إليه فاعليّات بلديّة وجمعيّات وشخصيّات مختلفة.

جرى في حينه عرض تقرير “بلادي” وافتتاح معرض تشكيليّ في قاعة “بيت المغترب” التابع لـ “المجلس القارّيّ الأفريقيّ” بمركز البلديّة، تحت عنوان “تراثيّات النبطية وجماليّاتها التشكيليّة” وتضمّن مجموعة كبيرة من اللوحات التشكيليّة، نفّذها فنّانون من المنطقة والجنوب، وتتمحور مواضيعها حول العمارة التراثيّة في مدينة النبطية، وذلك كمبادرة للتشجيع على حماية التراث.

بطاقات بريديّة توجيّهيّة

كذلك أقامت الجمعيّات برعاية وزارة الثقافة وبلديّة النبطية في اليوم التالي، السبت السادس من أيلول (سبتمبر) الجاري لقاءً موسّعًا في مركز جمعيّة تقدّم المرأة جرى خلاله إطلاق علبة بطاقات بريديّة طباعة ديجيتال (قياس 11 سنتيمترًا × 16 سنتيمترًا) تحتوي على 24 بطاقة، تتضمّن مجموعة من تسع صور فوتوغرافيّة لعدد من بيوت النبطية التراثيّة (بعدسة كامل جابر) التي دمّر العدوان أو الإهمال بعضها، و15 صورة عن اللوحات التشكيليّة التراثيّة من أعمال الفنّانين المشاركين في المعرض الذي افتتح مجدّدًا في مركز “تقدّم المرأة” بحضور الفنّانين.

تضمّنت البطاقات (توثيق وتصميم كامل جابر) على جهتها الخلفيّة نصوصًا تعرّف بالبيوت وتاريخ بنائها وبُناتها الأوائل وأوضاعها المعماريّة ودورها في الحياة الاجتماعيّة أو الثقافيّة والإنسانيّة في النبطية، إلى مآلها الأخير، ومنها دارة سعيد شاهين (صورة فوتوغرافيّة ولوحة تشكيليّة للفنّان هشام طقش) في حيّ الميدان المبنيّة منذ نحو مئة عام، وقام العدو الإسرائيلي بتدميرها تدميرًا كاملًا في 10 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2024، ودار آل خريزات (صورة ولوحة تشكيلية للفنانة خولة الطفيلي ولوحة للفنانة ميّ جعفر) في حيّ السرايَ المبنيّة بين 1890 و1920 التي أتت عليها غارة إسرائيليّة ليل الـ 25 من تشرين الثاني 2024.

إلى دارة محسن شميساني (صورة فوتوغرافيّة ولوحتان للفنّانة سنيّة فرّان والفنّانة منى حمزة) في حيّ البياض التي بنيت على مرحلتين بين 1900 و1930 ولم تزل تتوافر في غرفها السفليّة “الكواير” وسقوف من جذوع الأشجار (زنزلخت)، هذه العمارة التي تضمّ في جنباتها نماذج العمارة التقليديّة اللبنانيّة تعرّضت ليل الـ 25 من تشرين الثاني (نوڤمبر) الماضي إلى أضرار جسيمة بعدما استهدفت غارة إسرائيليّة مبنى تراثيًّا يقع إلى جانبها.

حول معرض “تراثيّات النبطية وجماليّاتها التشكيليّة” الذي أقيم بالتعاون مع “ملتقى أطياف الفنّيّ” وعدد من الفنّانين التشكيليّين يقول الزميل كامل جابر لـ “مناطق نت”: “هو خطوة متقدّمة تحمل في مضمونها رسائل إبداعيّة وفنّيّة وإنسانيّة تدعو من خلال لوحات تنطق بالجمال إلى الاعتناء بالموروث التراثيّ والتاريخيّ وتحويله إلى فعل يحثُّ على الإبداع والخلق والاستفادة من جماليّة العمارة التقليديّة التي كانت سائدة في النبطيةِ وتحويلِ ما أمكن من هذه القصور والدور إلى منتديات ثقافيّة ومكتبات ومعارضَ مفتوحة ستصبحُ حتمًا نواة متحف خاصّ بعاصمة المحافظة السادسة في لبنان، النبطية أو متاحف متعدّدة ومزارات تنطقُ بالجمال والإبداع، وتدلّلُ على ثقافتنا ورجالاتنا وتاريخنا الفكريّ والأدبيّ والفنّيّ”.

بيوتنا مرآة جذورنا العميقة

حول الخطوات المتّبعة في النبطية من أجل حماية التراث المعماريّ والثقافيّ، يقول رئيس الجمعيّة التنظيميّة لتجّار النبطية والجوار محمّد بركات جابر: “نعتبر أنّ اللقاء في مركز بلدية النبطية وما شهدناه في جمعيّة تقدّم المرأة ليس مجرّد فعاليّة عابرة، بل هو إنجاز نوعيّ وخطوة تأسيسيّة، إنّها بداية مسار طويل يجب أن يستمرّ بديمومة وأن يتحوّل إلى مشروع تكامليّ بين وزارة الثقافة والبلديّات والمجتمع المدنيّ، يُترجم بقوانين وتشريعات واضحة تحمي آثارنا ومعالمنا من الضياع وتعيد الاعتبار إلى تراثنا المعماريّ والثقافيّ والاجتماعيّ”.

ويضيف جابر في حديث لـ “مناطق نت”: “نحن في الجمعيّة التنظيميّة لتجّار النبطية والجوار نؤكّد أنّ حماية التراث ليست مسؤوليّة المثقّف وحده، ولا الباحث ولا المعنيّ الرسميّ فقط، بل هي مسؤوليّة التاجر والطالب والعامل وربّة البيت وكلّ فرد في المجتمع. لأنّ كلّ حجر من بيوت أجدادنا يحمل قصّة كفاح، وكلّ زقاق قديم هو حكاية عيش مشترك، وكلّ معلم أثريّ هو شاهد على جذورنا العميقة”.

ويدعو جابر إلى المشاركة الجَمعيّة “فمثلما نؤمن بالتراث المعماريّ نؤمن كذلك بالتراث الثقافيّ والاجتماعيّ، من عاداتنا وتقاليدنا وأغاني الزجل والدبكة وأطباق المطبخ الجنوبيّ وذاكرة الأسواق الشعبيّة. هذه العناصر مجتمعة هي هويّة متكاملة إذا فرّطنا بواحدة منها اختلّت الصورة الكاملة. فلنكن جميعًا، من رسميّين ومدنيّين، كبارًا وصغارًا، أوفياء لهذا التراث ولنرفع صوتًا واحدًا شعار: النبطية نحمي تراثها. فحماية التراث حماية للذاكرة وحماية الذاكرة حماية للوطن”.

المخاطر على التراث العمراني

يقول المهندس الدكتور حبيب صادق: “لقد شكّلت مبادرة ‘بلادي‘ من خلال جردها التوثيقيّ، حول الأضرار، التي لحقت بالتراث المعماريّ في مدينة النبطية ومنطقتها نتيجة العدوان الإسرائيليّ (2024)، مدخلًا تحفيزيًّا للاهتمام بهذا التراث العمرانيّ الغنيّ، ودوره الكبير في تاريخ التراث المعماريّ والثقافيّ اللبنانيّ بمراحله التاريخيّة العميقة والمتجذّرة عبر طبقات الأزمنة المكوّنة والمؤسّسة للبنان التاريخيّ والمعاصر”.

ويضيف: “يوجد تحدٍّ مزمن في لبنان، هو القصور في التعامل مع التراث العمرانيّ الحيّ من قبل السلطات المحلّيّة والبلديّات، وبهذا الصدد تتحمّل البلديّات مسؤوليّة استثنائيّة، هناك ثغرة كبيرة لدينا في إدارة هذا التراث وقوانينه، والذي يشكّل رمز تضامننا الاجتماعيّ وأحد المصادر الاقتصاديّة الأساسيّة، ليس فقط على مستوى السياحة، وإنّما على مستوى حياة الناس، فالتراث ليس ماضٍ، التراث هو حاضر، وأهمّيّته تكمن في كيفيّة حضوره في مستقبلنا، ومستقبل حواضرنا في جانبه الاجتماعيّ الاقتصادي، وجانبه الثقافي”.

ويرى المهندس صادق لـ “مناطق نت” أنّ “الإشكاليّة الرئيسة، هي في تحديد الدور والرؤية الاجتماعيّة- الاقتصاديّة والسياسة العامّة لدى الدولة اللبنانيّة، في توظيف وتأهيل دائم للتراث، لتفعيل دوره في مستقبل التحوّلات الحضريّة. وهذا تحدّ كبير أمام بلديّة النبطية، في كيفيّة مواجهة التدهور الكبير في واقع المناطق التاريخيّة الحيّة على مستوى المدينة والقضاء، يضاف إلى ذلك معالجة آثار الاعتداءات الاسرائيليّة المتكرّرة، والفوضى العمرانيّة، وغياب الدراسات التوثيقيّة لهذا التراث”.

منزل كمال كمال في حيّ السراي-النبطية
المنطقة التراثية الخاصّة

ويجد الدكتور صادق ضرورة “لإنشاء نظام المنطقة التراثيّة الخاصّة، حيث تصبح البلديّة معنيّة بتوثيق تراثها، وتبدأ ببناء المعرفة المحلّيّة والتي تنطلق على المستوى البلديّ والمجتمع المحلّيّ. وتحديد قيمه الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتي تشكّل جزءًا من هويّتنا ورمزيّة وجودنا في هذا البلد المميّز. والتركيز على حماية النسيج العمرانيّ التراثيّ. يجب أن تعمل البلديّات على توظيف المعرفة المحلّيّة في التنمية من خلال نظام المنطقة التراثيّة الخاصّة، وهنا يُخضع قانون البناء إلى شروط المحافظة على التراث، بحيث تصبح القيمة الاجتماعيّة الاقتصاديّة على مستوى الاستثمار في الريف والمدينة أولويّة بما يخدم المصلحة العامّة، متقدّمًا على الاستثمار الريعيّ الفرديّ”.

ويعدّد المهندس صادق أهداف المنطقة التراثيّة الخاصّة على النحو الآتي:
– الحفاظ على المنطقة التاريخيّة باعتبارها نسيجًا، من خلال نظام للمباني يحافظ على الطابع التاريخيّ.
– دعـم المنطقـة اقتصـاديًّا مـن خـلال توفيـر البنيـة التحتيّـة الداعمـة للنشـاط الثقافيّ- السـياحيّ والخدماتيّ. ورفع مستوى ودور سوق النبطيّة التاريخيّة والتقليديّة.
– التركيز على الخدمات التقليديّة المتميّزة والسكن المميّز.
– تحسين الحركة والتنقّل وإعطاء الأولويّة القـصوى لحركة المشاة.
– التوظيف الأمثل للساحات والمباني.
– الحفــاظ عـلـى اســتخدام مناســب ومســتدام للقيمــة التراثيّــة، وتأمين الدعم للاستثمار.

النبطية والتحدّيات الكبيرة

ويشير المهندس صادق إلى أنّ “مدينة النبطية تشهد بعد الحرب الإسرائيليّة الأخيرة (2024) تحدّيات كبيرة، نتيجة هجرة كثيفة من قرى وبلدات جنوبيّ الليطاني، حيث تبرز الحاجة إلى توسّع الخدمات والبنى التحتيّة والتجهيزات التربويّة والصحّيّة وكذلك تزداد الحاجة إلى المساكن والمساحات والفضاءات للعمل. يشكّل كلّ ذلك تحدّيًا كبيرًا أمام إعادة التعمير وتأهيل البنى والأنسجة التاريخيّة، لذلك يجب إعداد التصوّرات والخطط والتوجّهات لمواجهة هذه التحدّيات”.

مدينة ضاربة في التاريخ

يقول رئيس بلديّة مدينة النبطية الحاج عبّاس فخرالدين: “النبطية أميرة المدن وحاضنة القرى وهي مدينة ضاربة في التاريخ. هي ليست مجرّد عمارة مدينيّة، إنّها ذاكرة حيّة تختزن في حجارتها وأزقّتها وأسواقها العتيقة، نبض الأجداد وحكاياهم. وهي تاريخ وتراث، حاضر ومستقبل، هجرة وإقامة، كتاب ودفتر وقراءة وإبداع. هذا التّراث الذي ورثناه هو روحنا وهويّتنا، هو الدّم الذي يجري في عروق تاريخنا، لكنّ يد الغدر لم ترحم، فقد هدم العدو بيوتنا وأسواقنا ومساجدنا محاولًا طمس ذاكرتنا، غير أنّ النبطية صمدت وواجهت وتحدّت وبقي التّراث شاهدًا على أن ما يُهدم حجرًا، يُعادُ بناؤه بالإرادة والإيمان”.

وأضاف: “النبطية اسم جسّد مكانته في الزمن والحاضر، وعلينا أن نرفعه الى مستوى الفضيلة الكاملة، من هنا واجبنا أن نُحيي هذه اللّقاءات والمؤتمرات والمعارض والندوات ونضمّها إلى تراثنا وجذورنا كي نضع السكة على الثلم القويم، ونحافظ على الرصيد الجميل، فألف تحيّة لمن يعمل على حمايتها ويصمّم وينتج ليذكّر بوجودها وضرورة صونها من الإهمال والدمار والاندثار. معاً نرفع النبطية إلى أعلى مستوياتها، وكل التقدير إلى من يعمل على رفعة هذه المدينة العريقة”.

ساحة النبطية بريشة د. مصطفى جرادي 2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى