النبطية وبلديتها والواقع المأزوم

بحركة متفاوتة بدأت مدينة النبطية تنفض عن أحيائها وطرقاتها وسوقها التجاريّة الركام وآثار الدمار، إذ سبّبت عملية إحصاء البيوت والمحال والأبنية السكنيّة والتجاريّة، من جهة، والحضور المخجل لمؤسّسات الدولة اللبنانيّة والوزارات المتخصّصة في تباطؤ إزالة الردم وسط سؤال تردّده أكثر من مرجعيّة محلّيّة: أين سنذهب بهذا الردم الكثير؟

وكانت مدينة النبطية قد منيت في حرب الـ 66 يومًا وما قبلها، بخسائر جسيمة في خيرة شبابها وفي مربّعاتها الاقتصاديّة والسكنيّة في وسط المدينة وساحتها وفي أحياء عدّة، جرّاء تعرضها إلى أكثر من زنّار نار (سلسلة غارات متزامنة) نفّذتها الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة والبوارج الحربيّة في عرض البحر، كانت أعنفها الإغارة على الوسط التجاريّ مساء السبت الـ 12 من تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، ثمّ الإغارة على مربّعات أخرى في شارع “حسن كامل الصبّاح” ومختلف نواحي المدينة ومنها مبنى البلديّة صباح الأربعاء الـ 16 من تشرين الأوّل، ثمّ في غارات متتالية على الشارع عينه الثلاثاء الـ 22 من تشرين الأوّل الماضي.

وبعد الضاحية الجنوبيّة لبيروت والقرى الجنوبيّة المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلّة تعتبر مدينة النبطية، من أكثر المدن تعرّضًا للغارات المتلاحقة التي سبّبت دمارًا واسعًا، ناهيك بالأضرار الجسيمة التي طاولت معظم بيوتها والمباني المجاورة لأماكن الغارات والاستهداف.

يضاف إلى ذلك أنّ عاصمة المحافظة أصيبت في الصميم جراء الغارة التي استهدفت بلديّتها وأدّت إلى استشهاد رئيسها الطبيب الدكتور أحمد كحيل وعضو المجلس البلديّ صادق إسماعيل وعدد من الموظّفين وأفراد فريق العمل الإغاثيّ، ثمّ في سقوط عضو المجلس البلدي محمد حسن عماد جابر في غارة على حيّ “التعمير” الأوّل من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وصولاً إلى تدمير مركز الصيانة في حيّ “الجزاير” السبت الـ 16 من تشرين الثاني الماضي.

النبطية تنفض ركامها بما تيسّر (تصوير كامل جابر)

ولكي تتماشى مع مرحلة النهوض من الخراب والدمار، سارعت بلديّة النبطية إلى انتخاب المهندس خضر قديح رئيساً لها، بعدما كان قد أصيب بجروح بالغة في الغارة التي استهدفت مبنى البلدية ودمّرته.

يقول رئيس البلديّة المهندس قديح في حديث تفصيليّ لـ “مناطق نت”: “لا شكّ في أنّ مدينة النبطية بعد العدوان الغاشم هي من أكثر المدن تضرّرًا، طبعاً بعد ضاحية بيروت الجنوبيّة والقرى الحدوديّة. أمّا أهلنا وناسنا في المدينة فهم على جري عادتهم بعد كلّ حرب يمثّلون نموذجًا في الصمود والتصدّي والعنفوان، ومنذ اليوم الأوّل لبدء وقف إطلاق النار توافدوا على المدينة وإلى بيوتهم وأرزاقهم، وشرعوا بدبّ الحياة في أحيائها”.

ويضيف “لذلك كان همّنا الأوّل تأمين المياه والكهرباء لهم، كي يتمكّنوا من السكن في البيوت التي تصلح للسكن وهي كثيرة، على رغم ضعف إمكانيّاتنا، فنحن في النبطية تأثّرنا كثيرًا في الغارتين اللتين استهدفتا بلدية المدينة، إذ استهدفت الغارة الأولى الرئيس وأعضاء وموظفين وعاملين في لجنة الإغاثة، أمّا الغارة الثانية فاستهدفت موظّفي الصيانة والمستودع الذي كان يحتوي على معدّات وأدوات وقطع غيار ولوازم تقدّر بعشرات الآلاف من الدولارات، لكن، وعلى الرغم من هذا العدوان الهمجيّ، صمدنا وبقينا واقفين”.

الكهرباء همّنا الأوّل

يعتبر رئيس البلديّة قديح أنّ “الهمّ الأوّل الذي كان على عاتق البلديّة هو تأمين اشتراك الكهرباء، عملنا وما زلنا حتّى اليوم على إيصال هذه الخدمة الضروريّة إلى معظم المنازل على رغم ضعف الإمكانات وقلّة الموارد وغياب الدولة. وصلنا اليوم بهذه الخدمة إلى أكثر من 65 في المئة من منازل المدينة ونحن لدينا شبكات كثيرة متضرّرة يمكن ترميمها، وشبكات تالفة بسبب الغارات باتت بحاجة إلى إعادة تمديد إذ لا إمكانيّة لترميمها، وها أنّ فرقنا تعمل ليل نهار على إيصال الكهرباء إلى جميع المنازل والمؤسّسات”.

قديح: الهمّ الأوّل الذي كان على عاتق البلديّة هو تأمين اشتراك الكهرباء، عملنا وما زلنا حتّى اليوم على إيصال هذه الخدمة الضروريّة إلى معظم المنازل على رغم ضعف الإمكانات وقلّة الموارد وغياب الدولة.

ويؤكد قديح أنّه بعد 18 يومًا من وقف إطلاق النار “عادت الحياة إلى مدينة النبطية، ومن يقصد السوق التجاريّة يرَ الازدحام و”العجقة” إذ إنّ كثيرًا من المؤسّسات والمتاجر أعادت فتح أبوابها، وأسواق النبطية اليوم تغصّ بالوافدين وبالناس وبالسيّارات خصوصًا أنّ بعض المدارس عادت إلى التدريس، والحياة تعود شيئًا فشيئًا إلى النبطية، لكن يبقى موضوع الأماكن المهدّمة والمتضرّرة بشكل كبير، نعمل مع الجهات المعنيّة على رفع الركام، ونحن نظّفنا شوارع المدينة ورفعنا الأنقاض والغبار عن الأرصفة وجوانب الطرقات”.

أزمة نفايات وأنابيب تالفة

وفي موضوع النفايات التي تتراكم بشكل لافت على جوانب الطرقات وفي الأحياء يقول المهندس قديح: “منذ أكثر من 12 يومًا نعمل على رفع النفايات، لكن بمجرّد أن تتحرّك الشاحنة بعد إزالة جبل من النفايات مئات قليلة من الأمتار، سرعان ما تعود النفايات وتعود السيارات لتجد جبلاً آخر حلّ مكانه بسبب إزالة الديكورات والجفصين والزجاج المحطّم وغيرها من أثاث البيوت ورميها في الشارع. نحن لا مشكلة عندنا، وعلينا واجب رفعها، لكن نأمل مزيدًا من التعاون من أهل المدينة وسكّانها في أن يحضّروا نفايات منازلهم قبل مرور الشاحنات كي لا نضطرّ إلى تكديسها لليوم التالي”.

ويشير قديح إلى أنّ “مياه خطّ الـ66 الذي هو خط الخدمات وصل إلى الآبار التي تغذّي المدينة وبدأت تتحسّن في وصولها إلى المنازل، إنّما ثمّة مشكلة بسبب الأنابيب والأعيرة المدمّرة، فعندما تصل المياه إليها تتفجّر في الطرقات، نحاول قدر الإمكان معالجة هذا الأمر لكن هناك صعوبة في الوصول إلى بعض الأماكن المردومة تحت الأبنية والبنايات المدمّرة، وهي مشكلة فعليّة، نحاول قطع المياه قبل المباني أو بعدها، إذ في مكان ما يجب أن نقطع كي تصل المياه إلى بقيّة المنازل ويشرب جميع الناس”.

“خسرنا كلّ شيء”

يتحدّث الرئيس الجديد للبلديّة بحزن شديد بعد أن شهد على استشهاد رئيس البلدية وأصدقائه ورفاقه في المجلس البلدي ومن الموظفين، فيما كانت إصابته بالغة ويحاول أن يتعافى من تداعياتها، فيقول: “نحن في بلديّة النبطية خسرنا كلّ شيء وفقدنا مختلف الإمكانات اللوجستيّة، فقدنا حيّزًا كبيرًا من الإمكانات البشريّة وأصحاب الخبرة والعلاقات التي تمتدّ إلى سنوات طويلة في البلديّة، لكن ذلك لن يوقفنا، سنكمل ولو بأضعف الإمكانات، التيسير على الله، هناك بعض الجمعيّات تقف إلى جانبنا (منها جمعيّة التنمية للإنسان والبيئة) بعديد من الخدمات والتقديمات وبعض الأصدقاء ومن أبناء المدينة بجهود شخصيّة”.

أزمة النفايات ترهق مدينة النبطية وبلديّتها (تصوير كامل جابر)

ويتابع: “إنّ عمّالنا ترفع لهم القبّعات، هم موظفو البلديّة الذين يقدّمون الخدمات من لا شيء، من لحمهم الحيّ، هم على الأرض بين ناسهم وأهلهم لتأمين جميع الخدمات، من كهرباء ومياه ورفع أنقاض ونفايات، فقط ينقصنا إعادة تشغيل “السيستم” (النظام الألكترونيّ للمعاملات والأرشيف) كي نتمكّن من مدّ المواطنين بالإفادات المطلوبة من هدم وغيرها لنتيح لهم تيسير أمورهم مع مجلس الجنوب والجهات التي ستعوّض عليهم،  نعمل على هذا الموضوع بدأب متواصل لتصدير الإفادات والرخص المطلوبة”.

ويبلغنا قديح بأنّ “أرشيف البلديّة دمّرته الغارة بكامله، لكن كانت لدينا نسخة احتياطيّة وبمجرد تركيب “النظام” و”أجهزة الخدمة” سنقدّم للناس ما يطلبون”.

مبادرات ودراسات

نسأل رئيس البلديّة عن المبادرات واللافتات التي ترفع وتبشّر بإعادة البناء على نفقة جهات معيّنة؟ فيرد: “إنّ المبادرات المعلنة لإعادة الإعمار لم تزل قيد الدراسات، وإذا ما تناولنا الوسط التجاريّ والساحة العامّة للمدينة، فإنّ ما يطرح حولها لم تزل مجرد أفكار ونحن معها، ونتمنّى أن تكون فرصة لتنظيم هذا الوسط التجاري وإعادته أجمل وأفضل ممّا كان وتوفير جميع الخدمات من مرائب للسيّارات ومواقف عموميّة وإشارات سير ومراحيض وغيرها من الخدمات التي تسهّل حياة التجّار والمواطنين في السوق”.

ويلفت المهندس قديح إلى أنّ “البلديّة اتّفقت مع مؤسّسة كهرباء لبنان على مدّ كابل مردوم تتوزّع منه مخارج للكهرباء على جميع أحياء المدينة مطمورة وغير ظاهرة، ونحن على تنسيق تامّ مع المؤسّسة والموضوع بات على مشارف التنفيذ”.

قديح: البلديّة اتّفقت مع مؤسّسة كهرباء لبنان على مدّ كابل مردوم تتوزّع منه مخارج للكهرباء على جميع أحياء المدينة مطمورة وغير ظاهرة، ونحن على تنسيق تامّ مع المؤسّسة والموضوع بات على مشارف التنفيذ

أين مستحقّات البلديّات؟

يشكر رئيس البلديّة “وزارة الأشغال العامّة التي كانت إلى جانبنا في رفع الردم والأنقاض وفتح الطرقات، لكن في الوقت عينه نعتب على الدولة، فنحن بلديّة منكوبة تحتاج في محنتها إلى سيولة، أقلّها أن تصرف لنا في هذه الظروف الصعبة أموالنا ومستحقّاتنا البلديّة حتّى نستطيع خدمة الناس والاستمرار، يجب أن تكون الأولويّة اليوم لبلديّات الجنوب والمناطق التي كانت تحت الحرب والنيران في إعطائها مستحقّاتها الماليّة قبل غيرها، لأنّنا بحاجة فعليّة لها، والمطلوب منّا كثير”.

ويفيدنا رئيس البلدية ردًّا على سؤال أنّ “إحصائيّات الأضرار والدمار لم تكتمل بعد، وليست البلديّة من يقوم بذلك، بل هناك جهات معنيّة بالتعويضات هي التي تتولّى هذا الأمر ونحن في البلدية نشرف على ذلك لكن لا نقوم به. وبرأيي الخاص، في مدينة النبطية هناك نحو 15 في المئة نسبة البيوت المهدّمة كلّيًّا، ومن 20 إلى 25 في المئة من الأبنية والمصالح المتضرّرة. يكفي أن نحصي شارع حسن كامل الصبّاح لنعرف مدى الأضرار التي لحقت بالنبطية على هذا الشارع وحده، إذ دكّت الغارات مربّعات بأكملها عليه، وكذلك في حيّ الراهبات وفي كفرجوز”.

ويتوقّع قديح أن تبدأ عمليّة دفع التعويضات الأسبوع المقبل “وسوف يُعلن عنها، ومن يقبض سيقم مباشرة بالترميم والبناء، يبقى موضوع مجلس الجنوب، وعلمت أنّه تمّ تلزيم مناقصة رفع الأنقاض، لكن لا نعرف متى سيبدأ هذا الأمر، ونحن قبل أن تبدأ عمليّة دفع التعويضات سنعمل بشكل سريع على استعادة أرشيفنا و”السيستم” كي نلبّي حاجة الناس”.

سوق برؤية تراثية متطوّرة

لم يغادر المهندس الدكتور يوسف حمزة (دكتوراه في تصدّع المباني والترميم) منزله في الحيّ الشرقيّ من مدينة النبطية. في أعقاب الإغارة على المربّعات التجاريّة والاقتصاديّة وساحة المدينة، تفقّد ما حصل لها وبها، وعاد إلى منزله كي يضع خطّة “تعوّض النبطية ما خسرته في هذه الحرب المدمّرة”.

يشرح لـ “مناطق نت” بعض مقترحاته في تحسين الوسط التجاريّ وإعادة بنائه، فيقول: “اقترحت أن يصار أوّلًا إلى تأليف لجنة علميّة هندسيّة قانونيّة متخصّصة للمتابعة على مدى 24 ساعة يوميًّا، تكون برئاسة محافظ النبطية وعضويّة المتخصّصين والمعنيّين في البلديّات وبحسب الصلاحيّات المطلوبة. والطلب إلى فوج الهندسة في الجيش اللبنانيّ الموجود في ثكنة النبطية القيام بالبحث عن الأسلحة غير المنفجرة وتحييدها فورًا وتسليم المواقع إلى المحافظ ولجنته. وتأمين خرائط المربّع المذكور ووثائق الملكيّة وعقود الأيجارات لتنفيذ مشروع إعادة البناء، كمشروع نموذجيّ في النبطية وفي بقيّة قرى وبلدات الاتّحاد وفي كلّ مواقع الدمار على صعيد لبنان”.

إزالة الدمار في النبطية (تصوير كامل جابر)

وفي موضوع التخلّص من الردم والأنقاض يقترح المهندس حمزة أن “يتمّ تأمين مكان لنقل الأنقاض، بعد فرزها من الخشب، وأبواب الحديد والألمينيوم والأثاث، وتحييد الحجارة الصخريّة العتيقة لاستخدامها في إعادة البناء بحسب المتوجّب، بعد فصلها عن البضائع المتبقيّة في المحال التجاريّة”.

حجر صخريّ وواجهات تراثيّة

ويتابع: “أمّا الأنقاض فنقترح نقلها إلى كسّارة تُستأجر لهذا الغرض وتعطى رخصة خاصّة بتكسير هذه الأنقاض من باطون مسلّح (إسمنت) بحيث يفصل الإسمنت عن الحديد، وأعرف من خبرتي في الترميم على مدى الحروب في لبنان بأنّه يوجد هناك أناس يقومون على عاتقهم بفصل الحديد عن الباطون وإعادة بيعه، أيّ الحديد، أمّا الباطون فيتمّ تكسيره في الكسّارة ويوضع (الستوك) لإعادة استعماله بحسب إرشادات المهندس وتحت مراقبة البلديّة، بعد اختبار مدى صلاحيته لإعادة استعماله وإذا ما تتناسب مواصفاته مع البناء”.

وبعد الأنتهاء من الجرف والتنظيف وبحسب رأي المهندس الخبير حمزة “يبدأ الجرف تحت الأرض بعمق ثلاثة طوابق: طابق سفلي ثالث لمواقف سيّارات البلديّة؛ وطابق سفلي ثانٍ مرآب سيّارات لأصحاب المحال والمكاتب؛ وطابق سفلي أوّل مستودع لأصحاب العقارات على أن يكون الطابق الأرضيّ متناسقًا مع الشارع الرئيس، شارع الساحة الفوقا. ويتمّ جرف الساحة مقابل الجامع الكبير لاستخدامها في مواقف سيارات للعموم وكاراجات للقرى مع متطلّباتها من اكسبرس ومراحيض حديثة ومكاتب لراحة السائقين على أن يتجانس البناء بواجهات تراثيّة بارتفاع أربعة أو خمسة أمتار”.

ويشدّد الدكتور حمزة على أنّ المواد التي سيتم استعمالها في البناء “هي الحجر الصخريّ في بناء العقد والواجهات، والحجر الرمليّ في الطابق الأرضيّ مع أبواب تراثيّة، تكون جميلة كواجهات وكتراث. وزيادة طوابق عليا، على ألّا يزيد ارتفاعها عن 45 مترًا. أمّا بما يخصّ شارع حسن كامل الصبّاح فتقوم اللجنة المعماريّة بالتعاون والتوافق مع اللجنة المنبثقة عن المحافظة، ومنها لجنة المالكين والمستأجرين، بوضع دراسة المباني على طول الشارع بحيث يُلحظ في هذه المباني وجود طابقين أو ثلاثة طوابق تحت الأرض، وذلك لاستعمالها كمواقف سيّارات، وكمستودعات ومراحيض صحّيّة حديثة، وتكون واجهات المباني شبه موحّدة ومتقاربة من حيث الشكل وعدد الطوابق”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى