بلدات شعث، زبود، البزالية تحصي الدمار والمجازر
نالت أجزاء واسعة من البقاع الذي يشكّل قرابة الـ 40 في المئة من مساحة لبنان الجغرافيّة حصّة الأسد من الضربات خلال العدوان الإسرائيليّ، فلم تسلم قرية من قرى قضاء بعلبك- الهرمل من الغارات العنيفة التي أسفرت عن مجازر عديدة طالت سكّانه، إضافة إلى تدمير هائل لبلدات في البقاع الشماليّ، منها زبود، اللبوة، وادي فعرا، حربتا، حلبتا، النبي عثمان، البزّاليّة، شعت، والهرمل وقضاؤها.
البزّاليّة خراب يفوق الوصف
تعرّضت بلدة البزّاليّة إلى أكثر من 20 غارة أدّت إلى تدمير وتضرّر نحو 100 وحدة سكنيّة بين دمار كلّيّ وجزئيّ، فالضرر جرّاء الغارة الواحدة لم يكن يقتصر على المبنى المستهدف، بل يتعدّاه إلى أضرار جسيمة بمجموعة من المباني حوله وصل أحيانًا إلى 10 مبانٍ، وذلك نظرًا إلى قرب تلك المباني بعضها من بعض، والغارات لم تبقَ في أطراف البلدة أو في أحياء جانبيّة، بل شملت وسطها إضافة إلى الطريق العام الذي لفّه الدمار والركام.
يقول محمد البزّال (أبو أحمد) الذي استهدف العدّو الإسرائيليّ منزله في بلدة البزّاليّة، وأدّى إلى دماره بشكل كامل لـ”مناطق نت”: “هي المرّة الأولى التي أنزح من منزلي برفقة عائلتي المؤلّفة من عشرة أفراد إلى بلدة عرسال، وذلك بعد توالي الغارات على البلدة”. لم يستطع البزّال تحمّل ظروف النزوح فعاد خلال الحرب إلى منزله في البزّاليّة، لكنّه وبسبب تجدّد الغارات العنيفة عليها، اضطرّ مجدّدًا إلى النزوح وترك منزله، لكن هذه المرّة إلى الشام في سوريّا.
عانى البزّال حال التشرد وعدم الاستقرار في نزوحه طيلة الحرب، “أشكر الله أنّ أفراد أسرتي بخير، لا سيّما وأنّ منزلنا قُصف بعد أربعة أيّام من مغادرتنا، ودمّر بشكل كامل”. في الشام تلقّى البزّال خبر دمار منزله، لكن وقع الخبر لم يكن كوقع مشاهدته للمنزل بعدما عاد من رحلة النزوح، بعد وقف إطلاق النار، “نصف البيت مدمّر، والبيت الذي كان جميلًا تحوطه الأشجار تحوّل إلى كومة من الحجارة والجدران الممزّقة”.
يستغرب البزّال استهداف منزله كونه منزلًا مدنيًّا. مشيرًا إلى “ألّا علاقة لنا بالأحزاب، ولا بمخازن السلاح، كنت أعيش مع عائلتي بأمان، اليوم مضطرّ إلى التنقّل بين منزليّ ابني وابنتي ريثما أعيد إعمار منزلي”.
زبود… مجازر ودمار
لم يكن حال بلدة زبود أفضل من حال جيرانها من البلدات والقرى، فقد ارتكبت فيها طائرات الموت الإسرائيليّة مجزرة راح ضحيتها 17 شهيدًا من عائلة واحدة من آل القاضي. حجم الدمار كبير لم يطغَ على حجم المجزرة التي ألمّت بإحدى عائلات البلدة، إلى أن وضعت الحرب أوزارها فبدا مشهد الدمار الحقيقيّ في المنازل بعد أن عاد الأهالي ووجدوا بيوتهم دمارًا وخرابًا.
يتحدّث رئيس بلديّة زبود نديم مصطفى لـ”مناطق نت”، قائلًا: “استهدفت بلدة زبود بنحو سبع غارات، معظمها أحدثت دمارًا كبيرًا في محيطها، ودمّرت بشكل كامل ثمانية أبنيّة تضمّ نحو 10 وحدات سكنيّة، أمّا الأبنية التي تضرّرت بشكل جزئيّ والتي يمكن إعادة ترميها بيد أنّها غير صالحة للسكن هي قرابة 13 بناءً”.
يتابع مصطفى “أمّا الأضرار الجزئيّة التي طالت الزجاج وخزّانات المياه وألواح الطاقة الشمسيّة، فعددها أكثر من 100 منزل. كثير من أرزاق الناس دمّرها العدوان، ولم تقتصر على المنازل بل طالت الأشجار المثمرة، وعشرات أشجار الزيتون المعمّرة، إضافة إلى نفوق مواشٍ وإصابتها بعد تعرُّض إحدى المزارع إلى قصف واستهداف”.
نزوح جديد داخليّ
بعد عودتهم من رحلة النزوح، لجأ أصحاب البيوت المدمّرة إلى منازل أقاربهم، والبعض الآخر بدأ رحلة البحث عن منازل للإيجار، وسكنت عائلات عدّة في شقّة واحدة.
في الأسبوع الأول من الحرب، فقدت الحاجة هلا عقيل (إم غسّان) منزلها ومنزل ابنها في غارة استهدفت البناء الذي يملكانه ويتألّف من طابقين. تشير عقيل لـ “مناطق نت”: “لا نعلم أسباب الاستهداف المباشر للمنزل، فالعدو الإسرائيليّ كانت حجّته أنّه يقصف أهدافًا معيّنة، بينما منزلي هو منزل مدنيّ تسكنه العائلة”. وتتابع “استهدف المبنى بصاروخين شديدي الانفجار، أحالا المنزل رمادًا، ولم تقتصر آثار الضربة على المنزل فقط، بل أصابت المنازل المحيطة بأضرار إلى مسافة مئات الأمتار”.
تتحّسر الحاجة إم غسّان على منزلها، “فيه كثير من الذكريات، وتفاصيل العائلة وحياتها”. ولكنّ ما يصبّرها في الوقت نفسه أنّها بقيت وعائلتها بخير. تروي أنّها عادت بعد وقف إطلاق النار إلى البلدة، فاستأجرت هي في مكان، وابنها في مكان آخر.
شعت ضحيّة العدوان
ذاقت بلدة شعت الويلات من الاعتداءات الإسرائيليّة، وسقط عديد من عائلاتها شهداء وجرحى. يقول رئيس بلديّة شعت علي العطّار لـ”مناطق نت”: “إنّ عدد الغارات التي استهدفت البلدة بلغ نحو 19 غارة، أدّت إلى تدمير 39 وحدة سكنيّة من ضمنها معملان وثلاث مزارع”. يتابع العطّار “المنازل التي دمرها العدوان بشكل كلّيّ، اضطرّ أصحابها إلى تدبّر أمورهم عن طريق السكن في منازل ذويهم وأقاربهم، بينما اضطرّ آخرون إلى استئجار بيوت خارج نطاق البلدة”.
العطار: عدد الغارات التي استهدفت بلدة شعث بلغ نحو 19 غارة، أدّت إلى تدمير 39 وحدة سكنيّة من ضمنها معملان وثلاث مزارع
يتحدّث حيدر زعيتر من بلدة شعت عن القصف الذي طال منزل عمّته (منزل نايف زعيتر) الواقع في حيّ القُبع في أعالي البلدة، فيقول لـ “مناطق نت”: “في اليوم الثالث للحرب، استهدفت غارة إسرائيليّة المنزل ممّا أدّى إلى استشهاد عمّتي وزوجها وحفيديهما الطفلين كرّار ومحمّد، ووقوع ثمانية جرحى من العائلة كانوا جالسين أمام المنزل. الصاروخ الذي أدّى إلى تدمير المنزل أحدث أضرارًا في منازل مجاورة، وأحدث حفرة كبيرة في الأرض”.
يضيف زعيتر “أنّ الدمار طال أيضًا أشجار الزيتون في الحقل المجاور للمنزل، بالإضافة إلى ثلاث سيّارات. وفي الليلة الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، استهدفت غارات إسرائيليّة عنيفة منزلًا لآل العرب، حيث أدّت إلى تدمير المنزل تدميرًا كاملًا، وتضرّر خمسة منازل قريبة منه”.
ويختم زعيتر “عانى أهالي المنطقة من التهجير وعدم الاستقرار خلال الحرب. وبعد انتهاها، يعيشون مآسٍ عدّة، منها فقدانهم أبناء شهداء. ودمار منازلهم ومصادر رزقهم”.