“جوقة العمر” الزجل اللبناني يصدح في السعودية
![](https://manateq.net/wp-content/uploads/2025/02/jawket-al3omor.jpg)
“الضيعة وفنّ الزجل يا بنيّ وعلم لبنان، بدّك تحبّن سوا حتّى تكون لبنانيّ”، بهذه الصورة الشاعريَّة الساحرة، رسم عملاق الزجل الشاعر موسى زغيب، أصول المواطنة اللبنانيّة، والعناصر الضروريَّة لاكتمال هويّة اللبنانيّ.
الزّجل الذي أدرجته اليونسكو على قائمة “التراث البشريّ غير المادّيّ” ووصفته بأنّه “فنّ شعبيّ ينتشر على جميع الأراضي اللبنانيّة، ويُعَزّز التماسك الاجتماعيّ ويعطي شعورًا بالهويّة الثقافيّة.
لأول مرة في السعوديّة
بعدما جابت جوقات الزّجل اللبنانيّ معظم بلاد الاغتراب، من الكويت إلى استراليا، من أوروبّا إلى أميركا، ومن العراق إلى أفريقيا، نجحت “جوقة العمر” بإقامة أوّل مهرجانٍ للزّجل اللبنانيّ في المملكة العربيّة السعوديّة، بعد جهود حثيثة من رجل الأعمال المغترب نزار التيماني ورئيس الجوقة الشاعر شربل كاملة.
تجربة مميزة بكل المقاييس، كونها المرّة الأولى في تاريخ الزجل اللبنانيّ، وفق ما قال الشاعر شربل كاملة لـ “مناطق نت”: “ذهبت وجوقتي “جوقة العمر” التي تجمعني وزملائي الشعراء، ناجي أبو عسّاف، ميلاد ضوّ، وسالم غانم، في هذا “الفتح الشعريّ العظيم” إلى المملكة العربيّة السعوديّة، لإقامة حفلين من تنظيم المغترب اللبنانيّ الصديق نزار التيماني”.
![](https://manateq.net/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250204-WA0067.jpg)
كان الحفل الأوّل “في مطعم “أيّام اللولو” وهو مطعم لبنانيّ احتشدت فيه الجالية اللبنانيّة بشكل كثيف، حيث نفدت البطاقات بشكلٍ كامل قبل أسبوع، إنّه إنجاز كبير فعلًا وأفتخر به مدى حياتي، سابقة مدهشة وجميلة، اللبنانيّ عاشق لوطنه أينما حلّ، هالَني تَعَلُّق الجالية اللبنانيّة هناك بالزّجل والتراث، ومدى تمسكّها بالفولكلور اللبنانيّ الجميل”.
أمَّا الحفل الثاني فقد أقيم “في القنصليّة اللبنانيّة العامّة في جدّة بحضور الأستاذ أحمد بن ظافر مندوب المراسم الملكيّة في منطقة مكّة المكرّمة، الأستاذ عبد الخالق الزهراني مدير عام فرع وزارة الإعلام في منطقة مكّة المكرّمة، إضافة إلى عددٍ كبير من أصحاب السعادة القناصل، وأعضاء السلك الدبلوماسيّ في جدّة، كذلك حضره حشدٌ كبير من الشخصيّات الاجتماعيَّة الإعلاميّة والثقافيّة”.
وينقل كاملة “مدى الإعجاب على وجوه الحاضرين، الفرح والتفاعل أصدق تعبير، وبخاصّةً مع افتتاحيّتي، التي نقلت فيها حبّ اللبنانيّين وشكرهم لجلالة الملك وسموّ وليّ العهد والأيادي البيضاء للملكة في بلدهم، كذلك شوق اللبنانيّين لوحدة وطنهم وأمنه وازدهاره”.
حال الزجل وآلية تطويره
تسأل “مناطق نت” عن واقع الزجل في لبنان اليوم، وما هي وسائل الحفاظ عليه وتطويره؟ فيجيب كاملة: “الزجل في لبنان يكتسح مهرجانات الصيف، في كُل المناطق اللبنانيّة، هو في حال صعود دائمة، يلقى رواجًا كثيفًا بين اللبنانيّين، لا سيّما فئة الشباب منهم، الشعر يحاكي مشاعر كلّ إنسان، يزرع الفرح في داخله، نرى ونلمس ذلك من التفاعل والحماس مع جميع جولات التحدّي، وجولات الغزل والأغاني الفولكلوريّة القديمة”.
كاملة: الزجل في لبنان يكتسح مهرجانات الصيف، في كُل المناطق اللبنانيّة، هو في حال صعود دائمة، يلقى رواجًا كثيفًا بين اللبنانيّين، لا سيّما فئة الشباب منهم، الشعر يحاكي مشاعر كلّ إنسان
أمّا عن تطوير الشعر المحكيّ فيؤكّد كاملة انفتاحهم على التطوّر الحاصل “نحن كشعراء الجيل الجديد، نعمل على تطوير فنّ الزجل كيّ يتماشى مع العصر، عملنا على استعادة الأغاني التراثيّة القديمة، لكن بصيغة زجليّة، هذه الخطوة لاقت استحسانًا كبيرًا لدى الجمهور الذوَّاق للفنّ، والفرح وعشق الحياة”.
الدولة والمواهب الجديدة
بعد إدراج منظمة اليونيسكو الزجل اللبنانيّ على قوائمها للتراث الالعالميّ العام 2014 نسأل الشاعر كاملة عمّا قامت به الدولّة اللبنانيّة من جهود ودعم سواء إعلاميّة أو لوجستيّة لنشر الزَّجل واكتشاف مواهب جديدة بهدف صقلها وتطويرها فيجيبنا: ” الدولّة للأسف لم تعر فنّ الزجل الرعاية والاهتمام اللازمَين. ونحن كشعراء وكنقابة شعراء الزجل نعمل جاهدين قدر المستطاع مع وزارة الثقافة، ومع وزارة الإعلام من أجل الترويج لفنّنا الراقي المُمَيّز”.
ويأمل كاملة “أن تأتي النتائج وفق ما نتمنّاه ونرجوه”، أمًّا بخصوص المواهب الصاعدة الواعدة فيؤكّد كاملة: “نحن كجوقة العمر عندما نرى أيِّ شاعر صاعد، لديه موهبة، وتتوافر عنده مقوِّمات النجاح والاستمراريّة، طبعا نحتضنه ونتلقّفه للإلقاء معنا على ذات المنبر، ونأخذه معنا إلى الحفلات تحت عنوان “بالاشتراك” مع فلان أو فلان”.
الزّجل باقٍ والآتي أجمل
أمَّا عن الأنشطة المستقبليّة فيجزم كاملة “أنّ الزَّجل بخير وسيبقى، هذا تراث يعود إلى مئات السنين وسيبقى طالما هناك لبنان ولبنانيّ. أمَّا مشاريعنا فهي كثيرة، بعد حال اليأس التي وصلت اليها الناس جرّاء الحرب والمشاكل، هناك عطش كبير لحفلات الزجل، وقد عقدنا العزم على إقامة الحفلات والمهرجانات في جميع المناطق اللبنانيّة، وكذلك فإنّنا سنقيم حفلات عديدة في الخارج، ليتسنّى للمغتربين تذوّق الشعر الرَّاقي، وسماع الكلمة الحلوة، وكي يبقى حنينهم للوطن دائمًا، وتبقى العودة إليه في الأذهان”.
فنّ الزّجل كما يصفه نُقَّاد كثيرون “العمود الفقريّ للتراث اللبنانيّ” درّة تاجه وبوليصة تأمينه الأبديّة. عَرف عبر تاريخه شعراء عمالقة طالوا الأنجم، وجعلوا “الفَلَك ضَيِّق تحت دعسة حصاني” على لسان زين شعيب، وغَزَل طليع حمدان الشمس سوارًا مُذَّهبًا في معصم حبيبته، وزَكزَك موسى زغيب العمر فعايَرَه “لو كلّ شعري براسي تشَيَّبِت بتكون، شابت بليلة غَزَل عَنْيَّد حلوايي”. هذا الفنّ الجميل يجب أن يكون دعمه وحفظه ورعايته من أساسيّات الدولة ووزارة الثقافة والنقابات الفنّيَّة.