ذهول في أسواق الجنوب، على وقع صدمة ارتفاع الدولار
كانت مدينة صور، كما النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وقراهم، ذابلة ومذهولة إلى أقصى الحدود، على وقع صدمة الهبوط الجديد لليرة مقابل الدولار الأميركي، الذي لا يوجد أي حواجز أمام اجتيازه وقفزاته المتواصلة يوميًا.
فحركة السيارات الكثيفة على مداخل المدينة من نواحي البص وجل البحر والحوش، في ذروة الذهاب والإياب إلى المدارس الخاصة التي فتحت أبوابها، لم تعكس حيوية النشاط الاقتصادي في أسواق المدينة القديمة وأحياء الرمل الحديثة وأطراف المدينة. فكل ما كان ظاهراً من هذا النشاط على طول الطريق الممتد من مدخل العباسية – جل البحر وصولاً إلى بوابة صور، كان فقط انتشار عشرات الصرافين غير الشرعيين، الذين يمسكون (رزمًا) من العملة اللبنانية لشراء الدولار الأميركي، دون بيعه. وهؤلاء أصبحوا ينبتون كالفطر.
مرد هذا الإحباط والذبول في الأسواق الجنوبية، ليس جديدًا. لكنه يزداد يومًا بعد يوم، مع انتهاء الاعياد وزيارات المغتربين لتمضية عطلهم بين أهلهم المقيمين. وذلك بالتوازي مع الارتفاع الكبير في أسعار كل السلع الأساسية والخضار والفواكه والمحروقات، التي سجلت اليوم أرقامًا قياسية. وسينتج عن ارتفاعها، تسجيل رفع بدلات النقل واشتراكات الكهرباء وكل ما هو مرتبط بمواد المحروقات، من البنزين إلى المازوت والغاز. حيث سجل في هذا السياق وصول سعر الفروج المشوي إلى مئتين وخمسين الف ليرة لبنانية، فيما لامس السندويش الواحد تسعين ألفا.
سيطر الإرباك والتأفف، ليس عند المواطنين فقط، بعدما فقدوا قيمة مداخيلهم الزهيدة، التي لا تزيد عند كثير منهم على الخمسين دولارًا (الاسلاك العسكرية) تحديدًا والمياومين. فتعدى ذلك إلى التجار الصغار الذين أقفل العديد منهم محلاتهم، حتى لا يذهب رصيدهم بعد بيع المواد على سعر وشرائها في اليوم التالي على سعر أعلى.
لم نعد نحتمل هذا الغلاء. لقد وصل بنا الأمر إلى الكفر. لأن الجوع كافر. بهذه الكلمات عبرت أم فادي عن سخطها من هذا الوضع. وقالت لـ “مناطق نت” عندي ثلاثة أولاد جميعهم في المدرسة. وراتب زوجي في أحد الاسلاك العسكرية لا يصل إلى المليوني ليرة. وسألت كيف نكمل حياتنا. وهل نقف على أبواب المسؤولين لنشحذ الخبز والدواء. مضيفة بات المطلوب ثورة حقيقية على هذا الفساد. وليس قطع الطرق وحرق الدواليب.
يشدد عضو جمعية تجار صور غزوان حلواني لـ “مناطق نت” على أن الارتفاع المتواصل في سعر الدولار يكربج حركة الأسواق. فقدرات الناس المالية تتراجع. وهذا ما يحتم تراجعًا في حركة البيع والشراء، التي تشهد تراجعًا في كل المواد. ولولا تحويلات المغتربين ورواتب فئات لبنانية وفلسطينية وحتى النازحين السوريين بالدولار لكان الوضع كارثيًا أكثر مما هو حاليًا.