سوق الإثنين في النبطية.. يهجرها المتسوقون
تنطلق سوق الاثنين في النبطيّة، على عادتها، في اليوم الأوّل كلّ أسبوع. لم تمنع الأوضاع الأمنيّة السارية على الحدود الجنوبيّة مع فلسطين المحتلّة، انعقادها المتكرّر منذ عشرات السنين، بيد أنّها أثّرت في الروّاد وحركة البيع والشراء، بل على سوق المدينة بأكمله.
منذ الصباح الباكر، انتشرت البسطات وامتدّت في كلّ حدب وصوب، على الطرقات الملتفّة حول البيدر، في المتفرّعات نحو السرايا الحكوميّة أو نحو ساحة المدينة. هكذا تكون دائماً أو ربّما تنتشر اتّساعاً بحسب الظروف والمناسبات، لا سيّما في الأعياد.
بقيت سوق الاثنين على مكانتها من حيث الانتشار الجغرافيّ وتعدّد البسطات والتجّار والبضائع، و”لم تنقطع أصلاً طوال شهر كامل، أيّ منذ انطلاقة العمليّات والمناوشات على الحدود، بالرغم من تراجع أعداد الناس عن ارتياد السوق، أكثر من خمسين في المئة” يقول سليمان طرابلسي من دير الزهراني، وهو صاحب إحدى بسطات السوق.
ويضيف طرابلسي إلى “مناطق نت”: “الوضع الأمنيّ مكهرب، قليلون من يحضرون إلى السوق، ربّما من المضطّرين فقط لشراء بعض الحاجيّات الضروريّة. ونلاحط أنّه كلما تفاقم الوضع الأمنيّ على الحدود، تراجع الحضور أكثر فأكثر، ما جعل حركة السوق الاقتصاديّة تتراجع أكثر من سبعين بالمئة عمّا كانت عليه قبل أكثر من شهر”.
صباح الأحد، شهدت سماء النبطيّة التي تبعد عن الحدود في منطقة مرجعيون، وهي الأقرب، نحو عشرين كيلومتراً أو أكثر بقليل، انفجار صاروخ أطلقته المقاومة باتّجاه طائرة مسيّرة من دون طيّار كانت تجوب فوق المنطقة وأسقطها حطاماً انتشر في دائرة أربعة كيلومترات. “كان من الطبيعيّ أن تؤثّر هذه الحادثة في روّاد السوق وتجعلهم في حذر يلتزمون بيوتهم” يقول صفوان مروّة من الزراريّة، صاحب “أوبتيك” محاذ للسوق.
أتى البائع وجيه عسيران من النبطيّة الفوقا ليعرض بضائعه كالمعتاد في سوق الاثنين. لكنّه في هذا “الاثنين” يهمّ في المغادرة باكراً، لماذا؟ يقول لـ”مناطق نت”: “السوق ضعيفة جدّاً اليوم، هي كذلك منذ شهر، والحركة التجاريّة دون ثلاثين إلى 25 بالمئة ممّا كانت عليه سابقاً، وليس كلّ من أتى إلى السوق اشترى، قلّة منهم تبضّعت الضروريّات”.
تقول المسؤولة في محل “ناصر تكس” لبيع “البياضات” في السوق: “لا ينحصر تراجع السوق في يوم الاثنين فحسب، بل إنّه كذلك طوال أيّام الأسبوع، نكاد أحياناً لا نبيع قطعة واحدة طوال النهار، والبيع بمجمله تراجع أكثر من ثمانين بالمئة”.
ليست المرةّ الأولى التي تشهد فيها سوق الاثنين في النبطيّة هذا التراجع الملحوظ، فالمدينة التي عانت طويلاً من الاحتلال الإسرائيليّ المباشر مرّة، ومن الاعتداءات والقصف مرّات ومرّات، سرعان ما كانت تلملم جراحها، وتنفض عنها غبار العدوان، وتنعقد السوق فيها دلالة على صمودها وحيويّتها، برغم كلّ الصعاب.
أمّا على مستوى الأسواق في مختلف مناطق الجنوب، فقد منعت الأوضاع الأمنيّة المتكرّرة منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قيام أسواق بنت جبيل وكفركلا والقليعة والخيام والعديد من القرى الحدوديّة، وبالتالي فقد حرم أصحاب البسطات المتنقّلة بين سوق الاثنين في النبطيّة وهذه الأسواق الجنوبيّة مصدر رزقهم، بانتظار الفرج الذي يأملونه.