شاطىء صور: 10 آلاف زائر أسبوعيا وخيم بأسعار مقبولة
حيدر حيدر
ينفرد شاطئ مدينة صور عن سواه من الشواطئ اللبنانية بمميزات عدة أبرزها أنه يتكئ على حضارة مدينة ضاربة جذورها عميقاً في التاريخ وفي الجغرافيا، ويمتاز أيضاً بأنه الأكبر في لبنان من حيث المساحة والاتساع والمساحات الفارغة المحيطة فيه وهو شاطئ رملي بامتياز. ويمتاز أيضاً بخلوه من الأملاك البحرية والمنتجعات الخاصة مما جعله مقصدا ومتنفساً ليس لأبناء المدينة والجنوب فقط إنما للكثير من السياح الذين يقصدونه من مختلف المناطق اللبنانية.
هنا على هذا الشاطىء وضمن محمية صور الطبيعية تمتد تسع وأربعون خيمة متراصة بأعمدة خشبية مسقوفة من القصب. تتدلَّى أوراق القصب فيتناغم حفيفها مع أمواج البحر ويختلط بتاريخ الإغريق العريق. كأنها فرقة موسيقية تعزف تاريخ وحضارة مدينة صُبغت بلون الأرجوان وحُفرت في ذاكرة تاريخ تردّد صداه هناك في روما.
تقف هنا على شاطى صور تنظر في الأفق تتراءى لك قرطاج ومن خلفها إليسار تلوح بمنديلها شوقاً لمدينتها الأم صور.
يتميّز شاطىء صور وخيمه بمساحته الكبيرة ورماله الذهبية. والأهم رحابة صدره الذي يتسع للجميع. شاطئ صور يصحُّ فيه القول إنه عابر للطوائف والمذاهب والمناطق والفئات والشرائح الاجتماعية كافة. فهنا على هذا الشاطئ يجتمع الفقراء والأغنياء والطوائف والمذاهب على اختلاف أنواعها. يقصده آلاف الزوار أسبوعياً من جميع المناطق اللبنانية ومن الخارج.
الشاطئ يستمد غناه من مدينة صور التي تتميز بتاريخها الحضاري العريق وأيضاً من ثقافة أبنائها وتمسكه بالحريات وتعدد الطوائف وتنوع المعتقدات… الشاطىء للجميع، تتقبل الناس بعضها البعض فتجد صبايا بالمايوهات والبكيني جنباً إلى جنب مع فتيات محجبات وبثياب محتشمة. ترى الملتزمين دينيا والبعض الآخر يحتسي المشروبات الروحية.
هذه المساحة المشتركة والمتنوعة شكّلت مصدر غنى للشاطئ ومتنفساً حقيقياً للناس، فتعدد الأفكار والآراء والمعتقدات على الشاطئ إضافة إلى عوامل الجمال والنظافة ومجانية الدخول للسابحين وبأسعار مقبولة جعلت من الشاطىء محجة أسبوعية لكل الفئات الاجتماعية.
في جولة لها على شاطئ صور التقت “مناطق نت” ناصيف سرور وهو أحد مستثمري الخيم رقم ٣٨ الذي تحدث عن بداية نشوء الخيم على الشاطئ فقال: بدأت الخيم بالظهور على شاطىء صور بشكل عشوائي في أواخر الثمانينيات واستمرت بالانتشار حتى العام ٢٠٠٦ حيث بدأت بلدية صور بتنظيم وجود هذه الخيم ووضعت شروطاً قانونية وإدارية لمشغلي هذه الخيم عليهم الالتزام بها.
يضيف ناصيف: بدأت الاستثمار في الخيم على شاطئ صور في العام ١٩٩٦ إثر عودتي من إفريقيا بعدما تهجرنا إلى هناك بفعل العدوان الاسرائيلي المستمر على الجنوب حينذاك.
عن شروط التعاقد مع البلدية يقول سرور: يبدأ عمل الخيم على الشاطىء كل عام في بداية شهر حزيران وينتهي في أيلول مع فترة سماح مدتها أسبوعان وهي في بداية الموسم ونهايته وذلك لتركيب الخيم وفكها. عن أسعار استئجار الخيم من قبل المستثمرين يقول سرور «إن ذلك يخضع للمساحة وهو ما تحدّده البلدية مسبقاً، فالخيمة التي يبلغ عرضها ٨ أمتار إيجارها ٩٠٠،٠٠٠ ألف ليرة شهرياً بينما الخيمة التي يبلغ عرضها ١٠ أمتار إيجارها ١،١٥٠،٠٠٠ ليرة شهرياً، في حين الخيمة التي يبلغ عرضها ١٢ مترا إيجارها هو ١،٤٠٠،٠٠٠ ليرة شهرياً ويضيف سرور «المبلغ يُدفع كاملا في بداية الموسم».
يتم التعاون بين البلدية ومستثمري الخيم لإنجاح الموسم السياحي، بدءاً بالبنية التحتية من تسوية الأرض وتنظيف الشاطىء ومواقف السيارات وصولاً لترتيب الكراسي والطاولات. والأهم يقول سرور هذا العام هو ربط شبكة الصرف الصحي للخيم بالشبكة التابعة لمدينة صور.
تشكل الخيم على الشاطئ عامل استنهاض للحركة السياحية والاقتصادية لمدينة صور، فمعظم قاصدي الشاطىء من جميع المناطق يمرون بالمدينة ويتزودون بحاجاتهم منها وهذا يساعد على تنشيط الحركة فيها.
السلامة العامة على الشاطئ مؤمنة من خلال خطة متكاملة وضعتها البلدية تقضي بتقسيم منطقة الخيم إلى خمسة بلوكات لكل بلوك ثلاثة منقذين أو مراقبين تتعاقد معهم البلدية سنوياً بالإضافة إلى وجود دائم لشرطة البلدية وأيضاً للصليب الأحمر والدفاع المدني اللذين لهما مراكز ثابتة على الشاطئ بالإضافة إلى سيارات إسعاف.
عن الأسعار في الخيم يقول سرور «تتفاوت الأسعار بين خيمة وأخرى، لكنها عادية ومعقولة وبتناول الجميع». وأشار سرور أن بعض الزبائن يُحضر مأكولاته ومشروباته معه ويدفع بدل إيجار الطاولة مع أربعة كراسي فقط والذي يبلغ حوالى ٢٠،٠٠٠ ليرة.
مع العلم أن البلدية أفردت لذوي الدخل المحدود في بداية الشاطىء ونهايته مساحتين خاليتين وهما للراغبين بارتياد الشاطئ ولا يحبذون الجلوس في الخيم فيحضرون معهم أغراضهم ومتاعهم من خيم وكراسي وطاولات ومأكولات وغيرها.
يتسع الموقف المخصص لارتياد شاطئ صور لأكثر من ألف سيارة تتقاضى البلدية عن دخول كل واحدة منها مبلغ ثلاثة آلاف ليرة لبنانية.
عن الاقبال على الخيم يقول ناصيف إنها جيدة وهي كانت على الدوام كذلك في السنوات الماضية حيث يعتبر شاطئ صور الرملي مكانا جاذباً للعديد من أهالي الجنوب والمناطق اللبنانية الأخرى نظراً لأسعاره المعقولة والمقبولة من قبل الجميع ونظراً لمساحة الحرية والنظام والسلامة العامة التي تحرص عليهم البلدية باستمرار. عن توقعاته للموسم الحالي يقول سرور «لا زلنا في بداية الموسم ونتوقعه كما جرت العادة جيداً وهذا يتوقف على عاملي الاستقرار والأمن كشرطين أساسيين لنجاح السياحة في كل مكان.
عن أعداد الزوار يقول سرور «لا إحصاءات دقيقة لعدد زوار الخيم والشاطئ بشكل عام لكنها لا تقل عن عشرة آلاف زائر يومياً تزداد في أيام نهاية الأسبوع وفي العطل الرسمية والزوار بأغلبيتهم من خارج مدينة صور، من بيروت وبقية المناطق وهناك حصة لافتة للمغتربين الذين يقصدون شاطىء صور سنوياً وهم يشكلون شريحة أساسية من رواد الشاطئ ويلعبون دوراً أساسياً في إنجاح الموسم خصوصاً أن نسبة المغتربين في قضاء صور هي عالية جداً.