صيدا تتصدى لملف النزوح.. 23 مركز إيواء تضم 7143 نازحًا

على الرغم من النزوح الكبير الذي شهده جنوب لبنان وبلغ ذروته الإثنين الـ 23 من أيلول (سبتمبر) الماضي، إلّا أنّ مدينة صيدا استطاعت وبفعل تضافر المجتمع المحلّيّ والجمعيّات والفاعليات بالإضافة إلى السلطة المحلية، أن تتصدّى لملف النزوح، وتديره بشكل جيّد سواء لناحية مراكز الإيواء، أو لناحية تأمين الخدمات المتنوّعة، في ظلّ غياب لأيّ خطّة طوارئ للتعامل مع تداعيات الحرب ومنها النزوح.

بلغ عدد مراكز الإيواء في صيدا 23 مركزًا، استطاعت وحتّى صباح الأربعاء التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، استقبال 1799 عائلة نازحة، تتكوّن من 7143 شخصًا، شغلوا 523 غرفة في تلك المراكز، أيّ بمعدّل ثلاث عائلات ونصف العائلة في كلّ غرفة. وسجّل بين النازحين 35 امرأة حاملًا، و101 فردًا من ذوي الإعاقة.

بداية مربكة

عند البدء بفتح مراكز الإيواء في المدينة، لم يتمّ تأمين أكثر من 15 في المئة من احتياجات الإقامة في اليومين الأوّل والثاني، لكن بعد ذلك جرى تأمين الفرش والمخدّات والبطّانيّات شيئًا فشيئًا، وذلك من خلال مؤسّسات دوليّة ومحلّيّة بالإضافة إلى مبادرات فرديّة ومجموعات ناشطة في المدينة.

يقول النازح من الجنوب ف. م. لـ “مناطق نت”: “أمضيت أكثر من خمس ساعات يوم الاثنين الـ 23 من أيلول الماضي في الطريق من بلدتي الواقعة في قضاء صور حتّى وصلت إلى مبنى بلدية صيدا، حيث تولّت إحدى الجمعيّات إيصالي إلى إحدى المدارس، وما زلت فيها إذ يقدّمون لي ولعائلتي أقصى ما يمكن تقديمه، ولكن لا شيء يعوّضني عن الرحيل من منزلي”.

أنشطة لأطفال في أحد مراكز الإيواء في صيدا

من ناحيتها تقول زينب د. لـ “مناطق نت”: “تركنا بلدتنا تحت القصف، ولم أستطع إحضار ملابس أطفالي، وهنا في إحدى مدارس صيدا، تتقاسم عائلتي مع عائلتين أخريين غرفة واحدة، الحمد لله أنّهم يؤمّنون وجبات الطعام، ولكن ماذا نفعل إذا طال أمد الحرب ولا نعرف ماذا حصل بمنزلنا؟”.

نقص في الاحتياجات الضروريّة

على رغم كلّ التقديمات التي تجهد الجمعيّات في صيدا في تأمينها، إلّا أنّ مراكز الإيواء ما زالت تعاني من نقص في مجالات عدّة منها الحاجة إلى كراس متحرّكة لثلاثة أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصّة، يعانون من عدم القدرة على الحركة ويقيمون في مركزين للايواء.

ويعاني 13 مركزًا نقصًا في البطّانيّات وهي بحاجة إلى 1620 بطّانيّة، والحاجة أيضًا إلى 143 فرشة في ستّة مراكز، ويلاحظ نقص في الوسادات يصل إلى 140 مخدّة في 12 مركزًا.

النقص يطال أيضًا حليب الأطفال إذ يتواجد 71 طفلًا في 10 مراكز إيواء يحتاجون إليه. وتفتقد معظم المراكز إلى أكياس نفايات. وبحسب إحصاء البلدية، فإنّ المراكز بحاجة حاليًّا إلى 1350 ربطة أكياس نفايات. إضافة إلى ذلك تحتاج مراكز الإيواء إلى 5833 عبوة مياه شرب، إذ يعاني معظم المراكز من عدم وصول المياه بانتظام، وإذا وصلت فهي للاستخدام وليست للشرب.

بين النازحين 72 شخصًا من كبار السن وهم بحاجة إلى فوط صحّيّة بانتظام، وهناك 190 طفلًا بحاجة إلى حفاضات أيضًا، كذلك هناك حاجة إلى مستلزمات صحّيّة نسائيّة لم يعرف عددها بالضبط. وعلى الرغم من قيام منظّمات دولية بتوزيع أوعية للنظافة العامّة، إلّا أنّ هناك حاجة إلى تأمين 181 وعاء نظافة عامّة لتوزيعها على العائلات.

بين النازحين 72 شخصًا من كبار السن وهم بحاجة إلى فوط صحّيّة بانتظام، وهناك 190 طفلًا بحاجة إلى حفاضات أيضًا، كذلك هناك حاجة إلى مستلزمات صحّيّة نسائيّة لم يعرف عددها بالضبط

تعاني نحو نصف المراكز من عدم وصول المياه إليها، أو أنّها لا تكفي احتياجات النازحين، لذلك تسعى البلديّة إلى تأمين كمّيّات من المياه، من خلال سيّارات الإطفاء التي تعمل بشكل دائم على إيصال المياه، وبلغت حاجة المراكز من المياه حتّى صباح الأربعاء في التاسع من تشرين الأول إلى 53400 ليتر من الماء.
خطوات إصلاحية عديدة تقوم بها الهيئات والمنظّمات الدوليّة في مراكز الإيواء، منها إصلاح المراحيض في المراكز وتركيب مرشات (دوشات) في الحمّامات وربطها بطاقة شمسيّة خاصّة لتأمين مياه ساخنة للاستحمام. وقدّمت منظّمات دوليّة ومحلّيّة أخرى خزّانات للمياه، كما تمّ تأمين مضخّات لدفع المياه.

الوضع الغذائيّ

لا يمكن القول إنّ إعداد وتأمين الوجبات الغذائيّة باتا منتظمين بشكل كامل، لكن على رغم ذلك، ومنذ أن فتحت مراكز الإيواء أبوابها، فإن الوجبات الساخنة يجري تأمينها من مطابخ محلّيّة، ومن خلال تبرّعات محلّيّة أيضًا، وتشرف عليها بلديّة صيدا، ومع ذلك تبقى وجبات الفطور والعشاء غير مؤمّنة بشكل منتظم، وقد تمرّ أيّام من دون تقديم هذه الوجبات.

وعلى رغم وجود مساعدات غذائيّة من منظّمات مختلفة، لكنّها لا تكفي لتلبية حاجة المقيمين في مراكز الإيواء، إذ تسعى الجمعيات المشرفة على المراكز، إلى تأمين التمويل اللازم لذلك. ولا بدّ من الإشارة إلى مبادرات فرديّة كثيرة من أشخاص يقومون بتقديم وجبات فطور عبارة عن مناقيش، كفطور في أحد المراكز، وآخر يؤمّن عشاء لمركز آخر.

الوضع الصحي

تعمل جميع مستوصفات المدينة على تأمين خدماتها الصحّيّة لجميع النازحين المسجّلين لدى البلديّة، وتؤمّن لهم الأدوية المتوافرة، كذلك تؤمّن مؤسّسات عدّة، منها مؤسّسة معروف سعد، مؤسّسة الحريري ومؤسّسة عامل الدوليّة، عيادات متنقّلة تزور المراكز وفق تقسيم للمهام، جرى الاتّفاق عليه في البلديّة وتجمّع المؤسّسات الأهليّة، وتقوم العيادات النقّالة بالكشف الصحّيّ وإجراء التحاليل المخبريّة والتحويل إلى المستشفيات في حال الضرورة. وتزور هذه العيادات مراكز الإيواء بين مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا.

تجدر الإشارة إلى أنّ بعض المنظّمات الطبّيّة الدوليّة تساهم في عيادات نقّالة خاصّة بها، وبعد الاتفاق مع الجمعيّات التي تشرف على مراكز الإيواء.

الإشراف على مراكز الايواء

جرى الاتّفاق على توزيع أدوار الإشراف على مراكز الإيواء في الاجتماع الذي عقد بعد ظهر الاثنين الـ 23 من أيلول الماضي في بلديّة صيدا، ومن يتابع عمليّة التوزيع يلحظ أنّ معظم الجمعيّات الناشطة والتيّارات السياسيّة في المدينة، شاركت في عمليّة إدارة المراكز والإشراف عليها، كذلك يلاحظ في بعض المراكز تعاون بين أكثر من جهة للقيام بهذه المهمّة.

مراكز الايواء

1 – متوسّطة الشهيد معروف سعد: استقبلت 133 عائلة تضمّ 475 شخصًا يستخدمون 47 غرفة. يشرف على المركز إدارة المدرسة، مؤسّسة الشهيد معروف سعد وجمعيّة التضامن الشعبيّ.

2 – المدرسة اللبنانيّة الكويتيّة: استقبلت 121 عائلة تضمّ 413 شخصًا يستخدمون 27 غرفة. يشرف على المركز جمعية URDA.

3- ثانويّة ثريّا فارس أبو علفا: استقبلت 70 عائلة تضمّ 249 شخصًا يستخدمون 23 غرفة. يشرف على المركز تيّار المستقبل.

4- مدرسة العناية الرسميّة: استقبلت 28 عائلة تضمّ 165 شخصًا يستخدمون 21 غرفة. تشرف على المركز مؤسّسة معروف سعد.

5 – ثانوية حكمت الصبّاغ: استقبلت 93 عائلة تضمّ 341 شخصًا يستخدمون 30 غرفة. تشرف على المركز جمعيّة التنمية للإنسان والبيئة بالإضافة إلى جمعيّة ألفة.

6- متوسّطة انجليك صليبا: استقبلت 83 عائلة تضمّ 389 شخصًا يستخدمون 19 غرفة. تشرف على المركز جمعيّة PARD وجمعيّة التنمية والتعاون.

7- المدرسة العمانيّة النموذجيّة: استقبلت 110 عائلات تضمّ 420 شخصًا يستخدمون 52 غرفة. يشرف على المركز مؤسّسات الرعاية والكشف الجراح.

8- ثانويّة مصطفى الزعتري المبنى A  استقبلت 70 عائلة تضمّ 350 شخصًا يستخدمون 23 غرفة. يشرف على المركز مؤسّسة معروف سعد.

9- مدرسة الإصلاح الأولى: استقبلت 61 عائلة تضمّ 225 شخصًا يستخدمون 22 غرفة. تشرف على المركز جمعيّة ناشط.

10- مدرسة الإصلاح الثانية: استقبلت 34 عائلة تضمّ 127 شخصًا يستخدمون 14 غرفة. تشرف على المركز مؤسّسة معروف سعد.

11- ثانويّة نزيه البزري: استقبلت 158 عائلة تضمّ 637 شخصًا يستخدمون 37 غرفة، ويلاحظ في هذا المركز أنّه جرى تقسيم كلّ غرفة إلى غرفتين لافساح المجال لاستقبال عدد اكبر من العائلات. تشرف على المركز جمعيّة الكشّاف المسلم.

12- مهنيّة صيدا: استقبلت 104 عائلات تضمّ 370 شخصًا يستخدمون 48 غرفة. تشرف على المركز مؤسّسة معروف سعد.

13- مدرسة الرشديّة الرسميّة: استقبلت 35 عائلة تضمّ 173 شخصًا يستخدمون 16 غرفة. تشرف على المركز مؤسّسة معروف سعد.

14- النادي المعنيّ: استقبل 24 عائلة تضمّ 108 أشخاص يستخدمون اربعة قاعات. تشرف على المركز مؤسّسة معروف سعد.

15- مدرسة عكّا: استقبلت 14 عائلة تضمّ 113 شخصًا يستخدمون تسع غرف. تشرف على المركز مؤسّسة معروف سعد.

16- حسينيّة صيدا ودار اليتيم العربيّ: استقبلا 123 عائلة تضمّ 440 شخصًا يستخدمون أربعة قاعات. تشرف على المركز جمعيّة أعمالنا.

17- مدرسة عين الحلوة الرسميّة: استقبلت 60 عائلة تضمّ 250 شخصًا يستخدمون 11 غرفة.
تشرف على المركز جمعيّة URDA.

18- مدرسة ريفيديا: استقبلت 55 عائلة تضمّ 207 اشخاص يستخدمون 16 غرفة. تشرف على المركز مؤسّسة المساندة.

19- مدرسة نابلس: استقبلت 65 عائلة تضمّ 237 شخصًا يستخدمون 17 غرفة. تشرف على المركز جمعيّة نبع.

20- كلّيّة الآداب: استقبلت 190 عائلة تضمّ 707 اشخاص يستخدمون 20 غرفة وقاعة. تشرف على المركز جمعيّة الصراط المستقيم وجمعيّة التنمية والتعاون.

21- كلّيّة الحقوق: استقبلت 65 عائلة تضمّ 320 شخصًا يستخدمون 28 غرفة وقاعة. تشرف على المركز مؤسّسة معروف سعد.

22- كلّيّة العلوم الاجتماعيّة: استقبلت 61 عائلة تضمّ 242 شخصًا يستخدمون 23 غرفة وقاعة.

23- ثانويّة مصطفى الزعتري مبنى B استقبلت 42 عائلة تضمّ 185 شخصًا يستخدمون 14 غرفة. تشرف على المركز مؤسّسة الحريري.

على الرغم من وجود تباين بين مركز وآخر، بيد أنّ المشكلات هي نفسها والخوف يأتي إذا طالت الحرب ولم تعد الجمعيّات الحاليّة قادرة على تأمين الاحتياجات الأساسيّة في ظلّ عجز السلطات الرسميّة عن القيام بمهامها، وضعف الإمكانات الموجودة لدى المنظّمات الدوليّة التي لا تؤمّن المطلوب مقارنة بما حصل العام  2006.

ماذا لدى بلديّة صيدا؟

يقول عضو المجلس البلديّ ومسؤول وحدة إدارة الكوارث في مدينة صيدا المهندس مصطفى حجازي لـ “مناطق نت”: “يبلغ عدد النازحين الموجودين في قاعدة البيانات حتىّ صباح الأربعاء الماضي بلغ 7143 شخصًا، هم المقيمون في مراكز الإيواء، ويوجد أكثر منهم في منازل مستأجرة أو منازل ضيافة، ولا يوجد لدينا إحصاءٌ دقيق عنهم. وفي اللحظة الراهنة ما زلنا نجهد لتأمين احتياجات مراكز الإيواء”.

على الرغم من وجود تباين بين مركز وآخر، بيد أنّ المشكلات هي نفسها والخوف يأتي إذا طالت الحرب ولم تعد الجمعيّات الحاليّة قادرة على تأمين الاحتياجات الأساسيّة في ظلّ عجز السلطات الرسميّة عن القيام بمهامها

يتابع: “نتواصل يوميًّا مع إدارات المراكز التي تزوّدنا بالاحتياجات في مختلف الميادين، ونحن بدورنا نوجّه رسائل يوميّة إلى الجهات المانحة من منظّمات دوليّة والمفوّضيّة السامية لشؤون اللاجئين، وذلك بالتنسيق مع محافظ الجنوب منصور ضوّ، وما زلنا بانتظار الردود على الاحتياجات، وقد علمنا أنّ مساعدات وصلت من جهات عديدة إلى مجلس الجنوب وغيره، نحاول أن نتعاون مع كلّ الهيئات لتأمين حياة النازحين. وطلبنا من مجلس الجنوب الذي وصلته مساعدات أوّليّة للطبخ، بأن تُقدّم إلى مطابخ المدينة التي تؤمّن الوجبات اليوميّة لأن إعطاء النازح المقيم في مركز إيواء أيّ مساعدة تحتاج إلى طهي وهذا غير متوافر، يعني ألّا أهمّيّة لها. المطلوب التعاون الذي يقوم على التكامل من أجل إكمال المسيرة”.

تجمّع المؤسّسات الأهليّة

من ناحيته يقول رئيس تجمع المؤسسّات الأهليّة في صيدا ماجد حمتو لـ “مناطق نت”: “في العام 2006 نجحنا في إدارة 72 مركز إيواء، واليوم في العام 2024 لدينا 23 مركز إيواء ونواجه مشكلات عديدة، اليوم أنشأت الدولة إطارًا رسميًّا مركزيًّا لإدارة الكوارث، وأطرًا على أساس المناطق، ومهمة هذه الأطر وضع خطط المواجهة وتأمين الاحتياجات قبل وقوع الكارثة، وهذا ما لم يحصل ولم يفسح لنا كمجتمع محلّيّ القيام بذلك”.

يضيف حمتو: “في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وضعنا خططًا تفصيليّة في تجمّع المؤسّسات تطال جميع الميادين، لكنّ السلطات الرسميّة لم تهتمّ حتّى لنقاش الخطط المقترحة، وكنّا نتوقّع أن نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم من عجز للسلطات الرسميّة. والآن نتّكل على الجمعيّات المحلّيّة وعلى المبادرات الفرديّة في ظلال وضع الراهن”.

في المحصّلة هل يمكن أنّ يستمرّ الوضع الراهن كما هو؟ وهل ستستخدم المساعدات الآتية استخدامًا سياسيًّا؟ إذا كان هذا هو وضع مراكز الإيواء، فإنّ للنازحين إلى المنازل قصصًا أقسى!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى