طلاب الجنوب النازحون.. التحق بعضهم وآخرون بلا مدارس
في السابع والعشرين من الشهر الماضي، عرض وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي على مجلس الوزراء خطّة الطوارئ التي أعدّتها وزارته، للتعامل مع قطاع التعليم بحال نشوب حرب في لبنان. جاء ذلك بعد لقاءات عديدة بين المديريّة العامّة للتربية والمركز التربويّ للبحوث والإنماء، وكان التوجّه العامّ الاعتماد على “التعليم الرقميّ”، أو التعليم عن بُعُد، برغم كلّ ما تواجهه الخطّة من صعوبات تقنيّة سبق للطلّاب أن اختبروها في إبّان مرحلة فايروس كورونا.
تحدثت الخطّة عن التعليم بحال الحرب، وأقرّت الاعتماد على التعليم عن بُعُد بشقيّه، المباشر، وغير المباشر، فالمباشر يتضّمن إعداد الأساتذة الدروس، وتعليم الطلّاب مباشرة، وغير المباشر يقوم على توزيع الدروس المعدّة سلفًا للطلّاب، وهي طريقة شبه جديدة على الأساتذة والطلّاب على حدّ سواء.
من جهتها، باشرت إدارات المدارس في المناطق الجنوبية، التواصل مع الاهالي لهدفين، الأوّل إعداد خطّة إخلاء بحال حصول أيّ طارىء، والثاني الطرح على الأهالي فكرة الانتقال إلى التعليم عن بُعُد، وهو ما قد يكون ميسّراً بالنسبة للمدارس الخاصّة، وصعباً على المدارس الرسميّة.
نزوح الطلاب من المناطق الحدوديّة
دخلت المناطق الحدوديّة منذ اليوم الأوّل لعمليّة “طوفان الأقصى، في معركة مع الأوضاع الأمنية المتوترة، فلم تفتح المدارس الرسميّة أبوابها هناك، وقد كان مقرراً فتحها في التاسع من تشرين الأول. ومع بدء موجة النزوح من تلك المناطق أصبح مستقبل حوالي خمسة آلاف طالب مهدّداً بحرمانهم العام الدراسيّ، كما تؤكّد مصادر تربوية متابعة.
بعد أيّام من بدء النزوح، تقرّر في وزارة التربية السماح للطلّاب النازحين الالتحاق بأقرب مدرسة في أماكن نزوحهم، فكانت المسألة أسهل بالنسبة إلى تلامذة المدارس الخاصّة التي لديها أكثر من فرع في أكثر من منطقة، ولديها القدرة على مواصلة التعليم عن بُعُد، وهذا ما باشرت به، تقول المصادر، مشيرة عبر “مناطق نت” إلى أنّ المشكلة كانت عند طلّاب المدرسة الرسميّة، وقد التحق بعضهم بمدارس رسميّة في أماكن النزوح على نحو ما جرى في مدينة صور، وبلدات إقليم التفّاح.
نجاح المرحلة الأولى في صور
“شكّلت مدينة صور وجوارها وجهة نزوح أساسيّة لسكان المناطق الحدوديّة، لا سيّما من قرى قضاءي بنت جبيل ومرجعيون، إذ يتواجد في قضاء صور ما يزيد على 14 ألف نازح”. يقول المستشار في وحدة إدارة الكوارث في المدينة عصام هاشم لـ “مناطق نت”: “إنّ عمليّة التحاق جميع التلامذة النازحين إلى مراكز الإيواء في صور، بالمدارس الرسميّة انتهت نهار الاثنين الماضي”.
يكشف هاشم “أن الوحدة قامت بمسح ميدانيّ، تبين بنتيجته وجود 130 طالباً وطالبة من عمر 3 سنوات حتى عمر 18 عاماً في مراكز الإيواء، جرى إلحاقهم جميعهم في المدارس، بعد تزويدهم بالقرطاسيّة الضروريّة، بمساعدة كبيرة من منظمة اليونيسف”، لافتًا إلى أن “التحاق هؤلاء كان يسيرًا بسبب تواجد معظمهم في المدرسة نفسها”.
عصام هاشم: التحاق التلامذة بالمدارس خلق مشكلة، إذ إنّ هناك نسبة كبيرة من الأهل لم تبالِ بهذه المسألة، بسبب “ضيق الحال” حيناً، ولتقديرهم أنّ النزوح لن يطول في حين آخر.
أمّا بالنسبة إلى بقيّة التلامذة المنتشرين في قرى القضاء، فقد باشرت وحدة إدارة الكوارث، بحسب هاشم، “بإحصاء دقيق لمعرفة أعدادهم، والتواصل مع ذويهم لتأمين التحاقهم بالمدارس، حيث ستساعد اليونيسف في كلفة النقليّات من وإلى المدارس”.
وأكّد أنّ “رئيس لجنة الطفل والمرأة النيابيّة النائب عناية عزّ الدين تولي أهمّيّة كبيرة لهذا الملفّ، وتعمل على متابعة ملف التحاق الطلّاب النازحين الموجودين في ضيافة أقاربهم في مدينة صور وقرى القضاء بالمدارس لاستكمال العام الدراسيّ”. كاشفاً أن “التحاق التلامذة بالمدارس خلق مشكلة، إذ إنّ هناك نسبة كبيرة من الأهل لم تبالِ بهذه المسألة، بسبب “ضيق الحال” حيناً، ولتقديرهم أنّ النزوح لن يطول في حين آخر. لكنّنا نسعى بكلّ جهد لالتحاقهم، كي لا يضيع عليهم العام الدراسيّ الحاليّ”.
من أجل التحاق دون معوّقات
“لا توجد موانع كثيرة أمام طلّاب المدارس الرسميّة النازحين للالتحاق بمدارس رسميّة في أماكن تواجدهم، ففي قرى إقليم التفّاح التحق بعضهم بالمدارس الرسميّة”، يقول أحد القيّمين على هذا الملف الدكتور تمام حجازي، والذي أشار إلى “أن أعداد الطلّاب لا تزيد عن عشرة في كلّ قرية من قرى الإقليم، ففي عين قانا التحق ثمانية طلّاب، وفي حومين الفوقا ستّة طلّاب، وهؤلاء في مراحل ما قبل البريڤيه، وفي رومين تمّ توجيه طالبة “ترمينال” إلى الثانويّة، قادمة من ثانويّة الطيبة الرسميّة (مرجعيون) حيث تقدّم الثانويّة دروساً لصف الثالث ثانوي “أونلاين” في أوقات ما بعد الظهر”.
يكشف حجازي “أن طريقة الالتحاق سهلة للغاية، وهي لا تتطلّب من المعنيّين تقديم أيّ أوراق ثبوتيّة أو إفادات مدرسيّة أو دفع أموال. كلّ ما على الطالب فعله هو تسجيل اسمه واسم المدرسة التي كان مسجّلًا فيها، ففي وزارة التربية فُتحت خانة على نظام الوزارة لهذا النوع من الحالات، وفور تسجيل اسم الطالب ومدرسته تنتقل كلّ الداتا الخاصّة به”.
تتمّ مساعدة الطلّاب الملتحقين بمدارس في أماكن النزوح على عاتق الأشخاص أو الجمعيّات أو القوى المتعدّدة في البلدات. يقول حجازي: “إنّ من التحق بمدرسة حومين الفوقا تمّ تجهيزه بشكل كامل، فتمّ تأمين ما يحتاجه من كتب وقرطاسيّة وحتّى اللباس المدرسيّ، لذلك يجب على كلّ النازحين من ذوي التلامذة إلحاق أبنائهم بالمدارس، لأنّ العام الدارسيّ يمرّ بشكل سريع”.
في قرى إقليم التفاح ثمّة نازحون لم يستفسروا عن المدارس لأبنائهم، وهو ما يُثير استغراب كلّ العاملين في هذا الملف، في أكثر من منطقة. لذلك انطلقت حملات توعية باتّجاه هؤلاء لأنّ المدارس الرسميّة عانت طيلة السنوات الماضية من تراجع مستوى التعليم، ويجب ألّا يخسر الطلّاب عامهم الدراسيّ الحال