عرس يونين…والموّال المجهول!!
حسين حمية
أن تروي كيف انقلب عرس يونين إلى مجزرة، أن تروي كما حدث، أو كما ينقل الإعلام، هو رقص على الجثث، وفيه استرخاص للأرواح، لكن هكذا يقدمها الواقع لنا، جريمة ابنة لحظتها، لا خلفية لها، نتجت عن التباس”من هو المُمتَدح بموّال عتابا”، والالتباس سببه تشابه الأسماء.
هذا هو الواقع، لكن ليست هذه الحقيقة، ويغيب عن بالنا أن الواقع محقق ذكي يتقن التضليل والخداع، فهو يعرف من يجرّم ومن يبرّىء، ويحترف ما يطيل ويمدّ في عمر استدامته، ولديه ما يُشبع نهم الإعلام، فهل هناك ما هو أكثر إغراء من عنوان خبر “موال عتابا يؤدي إلى مجزرة”؟، كذلك لديه قدرة على طريقة آغاتا كريستي تحويل المأساة أو الجريمة إلى متعة وتسلية، وأكثر من هذا، يوفر متنفسا للنرجسيين الحضاريين بالحديث عن التخلف والعصرنة في هذا البلد البائس، وعلى هذا، يكون للدولة عذرها، أن تغيب عن منطقة بعلبك، بانتظار الحسم في صراع الحضارات.
أي زائر للمنطقة في هذه الأيام وقبل عرس يونين الدامي، يستوقفه السلاح الظاهر مع الناس هناك خصوصا المسدسات، وتكاثر السيارات المفيّمة، وأيضا سيارات بلا أرقام تسير على الطرقات الدولية والفرعية من دون يأبه سائقوها للحواجز الأمنية والعسكرية.
في الفترة الأخيرة، سجلت المنطقة النسبة الأعلى من الحوادث الأمنية سقط فيها قتلى وجرحى، وكانت الذروة في اشتباك عائلي ضمن العشيرة الواحدة بالمدافع والاسلحة المتوسطة، وفي أحد المجالس، سئل مسؤول أمني، عن سبب تفشي هذه الظاهرة بما يفوق معدلاتها المعروفة، فكان جوابه، نحن قادمون على ما هو أكثر.
القضية في يونين، ليست موّال عرس، إنما هناك موّال مدروس للمنطقة، نسمع به منذ فترة، يربط بعلبك الهرمل باقتصاد الجريمة بكل أنواعها، ولو كان نصيب منطقتنا هو الأقل من هذا الاقتصاد، ستكون فواتيره مرتفعة على أبنائها، وتدفع ثمنه من أرواحهم وضرب تعايشهم العائلي وتكدير مناسباتهم وأفراحهم، وتعطيل طرق عيشهم.
موّال بسيط لبعلبك الهرمل: تنويم الدولة يوقظ الجريمة..لنسأل من أيقظها؟