غزلان معرض عبد الحليم حمود “تشطر المعنى” وتجمعه المرأة والحروفيّة
“لأنّ الغزال فيه شيء من الهويّة الشرقيّة على الرغم من أنّه حيوان عالميّ، ولأنّ الغزال كذلك يختزن المسك، ويحمل بالتالي الرمزيّة الشرقيّةّ” اختار الفنّان عبد الحليم الحمود عنوان معرضه التشكيليّ الأخير مطعّمًا بلفظة الغزال، إذ أطلق عليه تسمية “غزلانٌ تشطرُ المعنى” نثر لوحاتها مدّة 13 يومًا على جدران “ملتقى خيرات الزين الثقافي” في بيروت، مقابل “قصر قريطم”.
كان الافتتاح بتاريخ 18 كانون الثاني/ يناير من الشهر الجاري، بحضور حشد من الوجوه الثقافية والفنّيّة والاجتماعيّة. ثمّة 17 لوحة اشتغلها الفنّان حمود بمادة “أكريليك” وعلّقها، بينها خمس جداريّات، وتضمّنت بعض اللوحات زخارف حروفيّة عربيّة، مصمّمة باستخدام الخشب، وهو ما يعكس روح العنوان وأجواء المعرض بلوحاته المختلفة في مضامينها ومناسباتها.
عن اختياره لفظة الغزال في معرضه يقول حمود: “اخيتاري للغزال فيه شيء من التدليل على الملامح الشرقيّة المتنوّعة والمحبّبة، التي تنعكس في أصل الكلمة “غزال” وهو أصل عربيّ، والجمال الشرقيّ المتجسّد بصورة الغزال الذي دفع بالعرب إلى اصطياده إذ كانوا يعتبرونه صيدًا ثمينًا بسبب جماله، وارتباط الغزال بالأدب العربي كتعبير عن جمال الأنثى، والغزال يختزن المسك، بالتالي هو يحمل هذه الرّمزيّة كلّها”.
وتعود للّوحة التي تضمّ ثلاثة غزلان وامرأة عملية الإيحاء بالعنوان المنعكس على المعرض. وبإيقاعات وأحجام وأشكال مختلفة رسم حمود لوحاته، التي هي نتاج ثلاث سنوات من العمل، مع العلم أنّ آخر لوحة أنهى الفنان رسمها كانت في مطلع العام الجاري 2024، أيّ قبل أيّام قليلة من انطلاق المعرض.
يجمع الحرف العربيّ لوحات المعرض، ويتبدّى أسلوب وحي بوجود الغزال الحاضر الغائب، تارةً نجده على ثوب امرأة، وتارة في اللوحات التي بداخل اللوحة، ومرّة على جسد الحصان، ومرّة في خلفيّة اللوحة، وأحيانًا يحضر مزخرِفًا اللوحة بأكملها ويغطّي الشخوص الرئيسة والثانويّة.
ليس الحرف العربيّ وحده من يُظهر انعكاسات الهويّة الشرقيّة في لوحات حمود، فالمرأة حاضرة بشكلٍ لافت في المعرض، بكيانها وجسدها الّذي يتفاوت ويتباين بين لوحة ولوحة، وهي تحمل كلّ معاني الهويّة العربيّة- الشّرقيّة، إن كان من خلال لباسها أو غطاء رأسها أحيانًا، طبعًا لن ننسى الإيحاء الأنثوي النسوي من خلال غزلان عبد الحليم حمود التي يتفاخر العرب في مغازلة نسائهم في أنّها كالغزال.
يرافق الحرف العربيّ لوحات وأعمال عبد الحليم حمود على مدى سنوات طويلة، والتي بلغت عشرة معارض، يظهر أحيانًا بسطوته الكاملة من خلال أعمال حروفيّة بحتة، وكذلك في بعض التجريد، وصولًا إلى معرضه الأخير إذ تتجانس الحروفيّة مع اللوحات و”ثيماتها”.
تتميّز الأعمال التي يطغى عليها الأكريليك والفنّ الرقميّ، بخلفيّة غرائبيّة سرياليّة مع توليف حروفيّ عربيّ، كذلك لإضفاء الروح الشرقيّة، ناهيك عن وجود بعض المواد النافرة كالزخارف والحروف. وفيما يعدّ الحرف والغزال قاسمان مشتركان بين اللوحات، وحضور المرأة فيها جميعها، تتبدّى كذلك “الفانتازيا الحرّة”، في السياق نفسه.