فاتن المصري “نحالة” في عش دبابير من الذكور
من هاوية في تربية النحل، إلى نحالة محترفة على مستوى العالم العربي. تلك هي قصة فاتن ناجي المصري، المرأة التي تحدّت بيئتها ومجتمعها الذكوري، غير آبهة بكل التعليقات المندهشة من خوضها واحدة من أصعب الأعمال التي تحتاج إلى قوة بدنية وعقلية، ومتابعة شبه يومية لاقفار النحل في منحلها الأنيق تحت غابات الصنوبر في بلدتها صليما الواقعة في منطقة المتن الأعلى في جبل لبنان.
قبل ١٤ عامًا قرّرت فاتن المصري، تنفيذ هوايتها في تربية النحل، فكانت رحلتان إلى قفير قريب زوجها في البلدة، كافيتان للتعلم على الإهتمام بأول خليتين، كان الهدف منهما الإفادة المنزلية العائلية من مردودهما.
نجحت فاتن المصري الإمرأة التي لا تشبه خشونة الحقول وأشواك القندول المغذية للنحل، في مهمتها كهاوية في حقل تربية النحل. ليصل عدد الأقفار بعد فترة بسيطة لا تزيد على السنة، إلى خمسة عشرة قفيرًا.
استدعى هذا النجاح توجه المصري بمباركة ودعم من زوجها وعائلتها، الحصول على قرض (كفالات) لتوسيع دائرة نشاطها التجاري، الذي صار مهنة ومصدرًا أساسيًا للعيش، خصوصًا بعد انهيار راتب زوجها في أحد الأسلاك العسكرية.
لم يكسر تسمم منحلها، والقضاء على أقفارها دفعة واحدة، بعدما كانت انتهت للتو من قطف الموسم، إرادتها في تواصل العمل، وتجديد المنحل من ما جناه المنحل السابق، حيث وصل عدد الأقفار في إحدى الفترات إلى خمسماية قفير نحل، ليعود ويستقر اليوم بسبب الأوضاع الاقتصادية والأمراض إلى ثلاثماية قفير تديرها المصري من ألفها إلى يائها.
تعتز فاتن المصري التي تتبع قول المتنبي “لا بد من الشهد إبر النحل” بامتهانها تربية النحل، رغم مشقات العمل المضني في المنحل وإطعامه، وصولًا إلى نقل الأقفار من الجبل إلى الجنوب، للثم أزهار الليمون خلال المواسم. وأخيرًا تولي عصره وتوضيبه وبيعه.
تتقن المصري عملها جيدًا، ولا تترك معلومة واحدة تفوتها، وتتعلق بتربية النحل، حتى وصل بها الأمر بتأليف كتاب مشترك مع منتصر الحسناوي، عن أصول تربية النحل.
تقول المصري لـ “مناطق نت” إن شغلي الشاغل هو الإهتمام بأقفار النحل، التي تشكل مصدرًا رئيسًا للعيش. ولا أهتم بالتعليقات سواء من الإناث، اللواتي يقلن بعضهن “مش إلك هل شغلة، شو الله جابرك تتنقلي بالبراري وعلى الطرقات، في الفجر والليالي). أو تعليقات الذكور الذين يتنمرون مثلًا.
وتضيف المصري “إن بدايات تربية النحل، منذ ١٤ عامًا كانت أصعب من اليوم، وكل معلومة تحتاج إلى مراجعة نحالين تحصل منهم على المعلومة بالقطار، أما اليوم فقد اختلف الوضع بعدما أصبحت كل المعلومات والارشادات موجودة على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي أستغلها في نشر إنتاجي من العسل على صفحتي الخاصة على الفايس بوك”.
وتتابع فاتن المصري، “أنا النحالة الوحيدة المنضوية في إتحاد النحالين العرب، الذي يضم العشرات من النحالين في لبنان والدول العربية”. مضيفة “لا أخشى النحل ولا إبره، التي أتعرض لها بين الحين والآخر أثناء عملية القطف تحديدًا أو تفقد المنحل”. مشيرة إلى أنها تستعين ببعض العمال في فترات قطف المواسم ونقل الأقفار. وبمساعدة من زوجها وإبنها.
بالنسبة للنحالة فاتن المصري فإن كل يوم هو عيد للمرأة ولا تكترث كثيرًا لتخصيص عيد للمرأة. فالعيد هو في أخذ المرأة حقوقها كاملة وعدم تمييزها في المجتمع وحصر عملها بقطاعات معينة. لافتة في هذا السياق إلى إنشائها معملًا للصابون مطعمة صابوناته بالعسل تصدر معظم إنتاجه إلى العراق وسوريا.