في ظلّ قطاع مأزوم.. خطةُ الطوارىء الصحّيّة للجنوب حبرٌ على ورق
من لقب “مستشفى الشرق الأوسط”، إلى ساحة يتسوّل فيها الناس الرعاية الصحّيّة. مردّ ذلك، إلى الحروب والأزمات، كان آخرها الانهيار الاقتصاديّ وتلاشي قيمة العملة الوطنيّة، اللذان حوّلا قطاع الطبابةِ الصحّيّةِ في لبنان إلى قطاع هشّ ومنهك ومتهالك.
على نحو القطاعات الأخرى، تسود القطاع الصحّيّ في لبنان فوضى عارمة، تتجلّى من خلال “غابة” الجهات الضامنة، التي وعلى رغم عددها الكبير، إلّا أنّ هناك فئة وازنة من اللبنانيين لا تحظى بأيّة تغطية صحّيّة من تلك الجهات، إذ كانت تتولّى وزارة الصحّة العامّة تغطية من ليس لديهم تأمين صحّيّ وأولئك الذين لا تشملهم تغطيات الصندوق الوطنيّ للضمان الاجتماعيّ أو تعاونيّة موظّفي الدولة، أو أجهزة الطبابة في الأسلاك العسكريّة والأمنيّة.
عجز الضمان الاجتماعي
قبل الأزمة والانهيار، كان الضمان الاجتماعيّ الذي تشمل خدماته أكثر من مليون مضمون يغطّي 90 بالمئة من الفاتورة الاستشفائيّة للمضمونين، ويتكفّل المريض بدفع نسبة 10 بالمئة المتبقيّة، ويُعدّ ترفًا من يقوم بإجراء تأمين صحّيّ خاصّ لتغطية الفرق.
مع تدهور قيمة العملة الوطنيّة وارتفاع الكلف الطبّيّة إذ أصبحت بـ”الفريش” دولار، أصيبت الهيئات الضامنة خصوصاً “الضمان” بالعجز، وأدّى ذلك إلى تلاشي قدرته على تغطية المنتسبين إليه لتلقّي الرعاية الاستشفائيّة، ما شكّلَ تحدّيات كبيرة لشريحة واسعة من اللبنانيّين في حصولهم على الرعاية الصحّيّة.
لكن وبالرغم من ذلك، يبقى المرضى ممّن يتلقّون العلاج على حساب وزارة الصحّة الحلقة الأضعف، إذ تنشط الحملات التضامنيّة الفرديّة لتأمين الأدوية في البلدات والقرى. ويلجأ عديد من المواطنين ممّن يعانون من أمراض مستعصية إلى إطلاق حملات تبرّع لهم على وسائل التواصل الاجتماعيّ، فيما الآخرون يعتمدون على التكافل الاجتماعيّ الذي تقوم بها بعض الجهات الحزبيّة؛ ففي جنوب لبنان تقوم “حركة أمل” و”حزب الله” بتدبير الفواتير الاستشفائيّة للمواطنين، والتوسّط للمرضى في بعض المستشفيات الخاصّة لتلقّي العلاج، وهذا ما يعبّر بشكل واضح عن غياب الدولة الراعية، وحلول الأحزاب مكانها.
تحسّن في وزارة الصحة؟
بعد أربع سنوات على الانهيار الاقتصاديّ لا ندري إن كنّا نستطيع القول إنّ التحسّن ولو بشكل بسيط بدأ يأخذ طريقه إلى الصناديق الاستشفائيّة. فمنذ بداية نيسان المنصرم باتت وزارة الصحّة العامّة تغطّي قيمة الفواتير الاستشفائيّة، بنسبة 40 بالمئة، والمريض يسدّد 60 بالمئة وفق مصادر وزارة الصحّة، التي أضافت “إنّ نسبة التغطية تنخفض بحسب عمر المريض (كبار السنّ)، وقد تصل نسبة التغطية لمرضى الوزارة إلى 80 بالمئة في المستشفيات الحكوميّة، فيما يتكفّل المريض الذي يتلقّى العلاج في أحد هذه المستشفيات بنسبة 20 بالمئة. وقد حدّدت تعرفة الأسعار وفقاً لدولار السوق السوداء”ـ
وفي حين بلغ عدد المرضى ممّن حصلوا على أدوية وعلاجات للأمراض السرطانيّة من وزارة الصحة، 1627 مريضًا خلال شهر نيسان، حاولت “مناطق نت” التواصل مع المعنيّين في الوزارة للحصول على أرقام تتعلّق بالمواطنين الذين يتلقّون العلاج على حساب وزارة الصحّة لا سيّما في منطقة الجنوب، لكن لم تلقَ جوابًا.
مع الواقع المستجدّ، أمسَتْ شركات التأمين الخاصّة تتقاضى بدل التأمين الصحّيّ بـ”الفريش” دولار فقط، ما جعلها محصورةً بالطبقات الاجتماعية- الاقتصاديّة الميسورة، في حين ظلّت الصناديق العامّة تتقاضى الاشتراكات بالليرة اللبنانيّة بعدما شهدت تدهورًا مخيفًا في قيمتها، ما يؤدّي إلى تغطيةٍ محدودة للكلف الطبّيّة التي تترتّب على المستفيدين.
أزمة فساد صحّيّ
يصف الدكتور والنائب السابق اسماعيل سكّريّة في حديث لـ”مناطق نت”، واقع القطاع الصحّيّ بـ”المأزوم منذ ما قبل الانهيار الاقتصاديّ، وذلك بفعل أدائه الاستهلاكيّ وما تخلّله من فساد طبّيّ ودوائيّ وتقنيّ ومخبريّ وصلت نسبته إلى 50 بالمئة، إلى أن أتت الأزمة ووجّهت له ضربة قويّة جعلته عاجزًا عن تقديم الرعاية الصحّيّة للناس. لا سيّما الشريحة التي كانت تغطّيها وزارة الصحّة التي غاب دورها، ممّا أدّى إلى انتشار الأزمات التي طالت الأشخاص المصابين بأمراض مناعيّة ومزمنة ومستعصية، حيث عرّضت كثيرًا منهم إلى خطر الموت نتيجة فقدان الأدوية والعلاجات”.
بلغ عدد المرضى ممّن حصلوا على علاجات للأمراض السرطانيّة، 1627 مريضًا خلال شهر نيسان، حاولت “مناطق نت” التواصل مع المعنيّين للحصول على أرقام تتعلّق بالمواطنين الذين يتلقّون العلاج على حساب وزارة الصحّة
يكمل سكّريّة: “يعيش المواطنون اليوم كابوس الحصول على الطبابة، وعلى الرغم من رفع اشتراكات الضمان الاجتماعيّ ما أحدث نوعًا من الترميم، إلّا أنّ المراكز الحكوميّة اليوم تعتاش على التمويل الدوليّ من ملف النازحين، ولولاها لكانت قد أُقفلت جميع المستشفيات الحكوميّة. نحن نتّجه نحو التصحّر في القطاع، كما يوجد تأثير كبير على نوعيّة المستوى العلميّ وأدائه الطبّيّ”.
الطبابة ترفًا
مع انهيار القطاع الاستشفائيّ في لبنان، باتت الطبابة بمكانة ترَفٍ لمن استطاع إليها سبيلًا، وتأخذ المعاناة وجوهًا مختلفة، من فقدان الأدوية الأساسيّة، إلى ارتفاع الفاتورة الاستشفائيّة، إضافة إلى وضع المؤسّسات الصحّيّة المتأرجح، وسوء الخدمات في الأماكن المتاحة للعامّة.
تقول الشابة الثلاثينيّة الجنوبيّة لما (اسم مستعار) لـ”مناطق نت”: إنّ كلفة الطبابة والاستشفاء باتت مرتفعة جدًّا وخارجة عن مقدوري في أحيان كثيرة”. لقد تمّ تشخيص “لما” بأنّها مصابة بأحد الأمراض المناعيّة بداية العام 2021، وهي في الأصل تعاني من مشاكل في الدمّ، تجعلها بحاجة لدخول المستشفى بين وقت وآخر. تضيف: “لا أملك تأمينًا صحّيًّا، وغير مسجّلة في الضمان. ألف دولار هو راتبي الشهريّ، أخصّص منه شهريًّا نحو 400 دولار، بين إجراء فحوصات دوريّة وشراء الأدوية وكلفة زيارة الطبيب”.
غير ذلك تحتاج “لما” كلّ ثلاثة أشهر تقريبًا إلى دخول المستشفى وتلقّي حقنتين من “الحديد” عبر الوريد، كلفتهما 300 دولار تضاف إليها 150 دولارًا كلفة دخول المستشفى لساعات قليلة. تقول: “لا أعلم إلى متى ستستمر هذه الحال. لكنّ الواقع غير مبشّر بالخير، وأسعار الطبابة، من استشارة الأطبّاء إلى أسعار الأدوية غير ثابتة وكلّ يوم إلى ارتفاع أكثر من اليوم الذي سبقه”.
القطاع الصحّيّ جنوبًا
تتوجّه الأعيُن اليوم على جهوزيّة القطاع الصحّيّ في منطقة الجنوب، لما يلزمه من تأمين الطبابة والاستشفاء للجنوبيّين في ظلّ الأوضاع الراهنة. وكانت وزارة الصحّة العامّة قد أصدرت مذكّرة للمستشفيات اللبنانيّة حول الإجراءات الواجب اتّخاذها في حال تطوّرت الأوضاع في الجنوب، مع تأكيد التزامها تغطية جرحى الحرب اللبنانيّين ضمن آليّة محدّدة وضعتها.
مع انهيار القطاع الاستشفائيّ في لبنان، باتت الطبابة بمكانة ترَفٍ لمن استطاع إليها سبيلًا، وتأخذ المعاناة وجوهًا مختلفة، من فقدان الأدوية الأساسيّة، إلى ارتفاع الفاتورة الاستشفائيّة
وبالفعل، أوضح وزير الصحّة أنّ قرارًا اتّخذ في مجلس الوزراء لفتح اعتماد بقيمة 11 مليون دولار أميركيّ لوزارة الصحّة العامّة لتغطية جرحى الحرب اللبنانيّين، وذلك من بداية العدوان الإسرائيليّ على لبنان، كما استخدم جزءٌ من قرض البنك الدولي لتمويل خطّة الطوارئ في الوزارة.
خطّة حبر على ورق
يتحدّث سكّريّة، عن وضع التقديمات والاستجابة الصحّيّة لحرب تمّوز 2006. “فهي كانت آنذاك متماسكة، وقامت بواجباتها على أكمل وجه. أمّا مع استمرار الحرب في الجنوب منذ نحو ثمانية أشهر، فإنّ خطّة الطوارىء الصحّيّة الموضوعة حبرٌ على ورق”.
ويضيف: “إنّ وضع مبلغ 11 مليون دولار من قبل وزارة الصحّة، هو هروب الوزارة من دورها، فقط من أجل الحصول على دولارت من الجهات المانحة، فلا يوجد خطّة ميدانيّة، وهناك خلل قائم في توزيع المهام والرواتب في القطاع الصحّيّ، وهناك فجوة كذلك بين العاملين الذين لا يقومون بدورهم الرقابيّ والاسشتفائيّ. فالدولة تطبّق خطّة الطوارىء من أموال الدول المانحة لكن على الطريقة اللبنانيّة، بفساد إداريّ”.
تقييم وزارة الصحّة
يبلغ عدد مراكز الرعاية الصحّيّة التابعة لوزارة الصحّة، 294 مركزًا. ففي محافظة الجنوب يوجد 28 مركزًا، وفي محافظة النبطية 29 مركزًا. تقدّم خلاله وزارة الصحّة بالتعاون مع عدد من المنظّمات الدوليّة خدمات بسيطة من معاينات شبه مجّانيّة وإعطاء أدوية مجّانيّة، وتأمين اللقاحات للأطفال، وتتكفّل القيام ببعض الفحوص الطبّيّة، إذ تشمل الرعاية الصحّيّة الأوّليّة الاحتياجات الصحّيّة الأساسيّة للفرد والمجتمع، وتراوح بين التوعية والوقاية وصولاً إلى العلاج. وتقوم على توفير مجموعة من الخدمات الصحّيّة الأساسيّة لجميع أفراد الأسرة بجودة عالية وكلفة رمزيّة.
منذ بداية الحرب في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، عملت وزارة الصحّة على إجراء تقييم لوضع مستشفيّات الجنوب والضاحية الجنوبيّة لبيروت وبعلبك، لمعرفة ما هي الاحتياجات اللازمة والنقص. إذ تقول مديرة عمليّات الطوارىء في الوزارة وحيدة غلاييني لـ”مناطق نت”: “من ضمن الاحتياجات واجهنا نقصًا بالكوادر التمريضيّة، حيث شملت خطة التدريب 108 مستشفيات، وحوالي 3092 ممرّضًا وطبيبًا”.
وتشير غلاييني إلى “أنّ الخطّة الموضوعة من قبل الوزارة، ليست مقتصرة على الكوادر المتواجدة في المستشفيات، بل هناك تنسيق مناطقيّ بين المستشفيات في الجنوب من أجل مساعدة بعضهم الآخر في حال قطعت الحرب أوصال لبنان، وعزلت المناطق والمدن عن بعضها البعض”.
وتضيف: “الخطّة تشمل النقابات الصحّيّة وغير الصحّيّة، إذ طلبنا تعاونًا من نقابة المعالجين الفيزيائيّين، فدورهم أساسيّ لمساعدة جرحى الحرب، والقابلات القانونيّات؛ إذ يمكنهم القيام بدورهم في البداية من الأحياء السكنيّة، فالاستجابة يمكن ألّا تشمل العمل في المستشفيات بل على الواقع على الأرض. مع التأكيد أنّ الحالات الحرجة تتكفّل الوزارة بمعالجتها على نفقتها”.
38885 مضمونًا في الجنوب
زوَّد الصندوق الوطنيّ للضمان الاجتماعيّ “مناطق نت”، بأعداد المضمونين في محافظتيّ لبنان الجنوبيّ والنبطية، مسجّلةً 38885 مضمونًا. توزّعت على الشكل الآتي: النبطية 8271 ضمونًا، بنت جبيل 1460 مضمونًا، حاصبيّا 827، صور 7980، صيدا 9206، مرجعيون 704، الغازية 4736، وشحيم 5701 مضمونًا.
تتحدّث مديرة فرع ضمان المرض والأمومة في الضمان الاجتماعيّ سحر مجري لـ”مناطق نت” عن القرارات التي تمّ اتّخاذها كخطّة الطوارىء الصحّيّة، “فقد أصدر مدير عام الضمان محمّد كركي تعميمًا مخصّصًا للنازحين من القرى الحدوديّة إذ بإمكانهم القيام بالموافقات الاستشفائيّة بواسطة المستندات الثبوتيّة المتوافرة لديهم، سواء كان إخراج قيد أو هويّة قديمة أو جديدة، أو بما يتوافر من أوراق ثبوتيّة كدفتر السوق، وذلك بسبب صعوبة إصدار مستندات ثبوتيّة جديدة، أو لعدم قدرتهم الوصول إلى منازلهم، للحصول على تلك المستندات”.
زوَّد الصندوق الوطنيّ للضمان الاجتماعيّ “مناطق نت”، بأعداد المضمونين في محافظتيّ لبنان الجنوبيّ والنبطية، مسجّلةً 38885 مضمونًا توزّعت على الشكل الآتي: النبطية 8271 ضمونًا، بنت جبيل 1460 مضمونًا، حاصبيّا 827، صور 7980، صيدا 9206، مرجعيون 704، الغازية 4736، وشحيم 5701 مضمونًا.
أمّا في ما يخصّ تقديمات الضمان الاجتماعيّ، فتقول مجري: “التقديمات تراجعت بشكل كبير خلال الأزمة الماليّة، فقد كان الضمان الاجتماعيّ يغطّي 90 بالمئة من كلفة الاستشفاء، فيما المضمون يغطّي كلفًا بقيمة 10 بالمئة. وقد انعكست الأرقام مع بداية الأزمة الاقتصاديّة. ومن نحو عام ونصف العام، حينما تصل إيرادات ما لفرع ضمان المرض والأمومة، نحاول استثمارها في أماكن النقص؛ وهكذا تحسّنت تقديمات الضمان الاجتماعيّ منذ بداية شهر نيسان لتصل نسبة التغطية إلى ما بين 40 و50 بالمئة، حسب التزام المستشفيات الخاصّة”.
وتضيف مجري: “زاد الضمان الاجتماعيّ تقديماته لأدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكّريّ حيث تتمّ تغطية 75 بالمئة من أدوية الـ Generic، و35 بالمئة لأدوية الـ Brand. كذلك تمّت تغطية نحو 630 دواء لعلاج الأمراض الآتية: داء السكّريّ، ضغط الدمّ، الكولّسترول في الدمّ، تسييل الدمّ، تضخّم البروستات، النقرس، خلل عمل الغدّة الدرقيّة. كما تمّ اعتماد المبالغ المقطوعة للأعمال الجراحيّة (نحو 3200 عمل طبّيّ) وتغطيتها بنسبة 50 بالمئة من القيمة الحقيقيّة للتعرفة الاستشفائيّة”.
أيضًا أصبحت الموافقات الاستشفائيّة تُعطى في اليوم نفسه من تقديم الطلب، دون الحاجة إلى أخذ موعد على المنصّة، كما يمكن لمشتركي الضمان الاجتماعيّ أن يدفعوا بدلات الاشتراكات الماليّة في أيّ مركز للضمان وليس بالضرورة في أماكن إقامتهم، وذلك لتسهيل العمليّة على المواطنين وفق مجري.
المجتمع المدنيّ بديلًا
عادة ما تلعب المنظّمات ومؤسّسات المجتمع المدنيّ دورًا بديلًا عن وزارة الصحّة، وهذا ما تقوم به “مؤسّسة عامل” في الحرب الدائرة في الجنوب، إذ تشير رئيسة مركز عامل في صور منى شُكر لـ”مناطق نت”: “فعّلت المؤسّسة مستوصفًا نقّالًا يجول على مراكز إيواء النازحين في الجنوب، وهو يتألّف من طبيب وممرّضة ومتخصّصة اجتماعيّة، يزورون المراكز يومين في الأسبوع لمعاينة الحالات المرضيّة، وإعطاء الأدوية اللازمة”.
تضيف شكر: “هناك عديد من النازحين الجنوبيّين باتوا يعلمون أنّه بإمكانهم التوجّه إلى مراكز عامل في صور والبازوريّة من أجل المعاينات من دون دفع كلف المعاينة التي كانت فقط 30 ألف ليرة، وحتّى إذا طُلب إليهم إجراء فحوصات مخبريّة نقوم بتغطيتها. كما قامت عامل في هذه الفترة بحملة مخصّصة للكشف المبكر عن سرطان الثدي والفحوصات الدوريّة المخصّصة للنساء، لا سيّما فحص عنق الرحم (ما يُعرف بفحص القزازة)، ويتمّ دوريًّا توزيع حصص مخصّصة لمستلزمات الدورة الشهريّة والنظافة الشخصيّة التي تحتاجها النساء، لا سيّما بين عمر 14 و 45 عامًا”.
كما لا تفصل “عامل” موضوع الصحّة النفسيّة عن الصحّة العامّة، “حيث تقوم فرق متخصّصة بأنشطة في مراكز الإيواء، وهناك حالات نفسيّة تحتاج إلى متابعة منتظمة يأتي معظمها إلى المراكز من أجل الحصول على الرعاية المطلوبة” والكلام لشكر.
وتخصّص “عامل”، وحدة نقّالة تُعرف بالـ”Home Care”، مخصّصة لحالات العجز ولذوي الإعاقة من أجل معاينتهم. كما لم تتوقّف مراكز عامل عن العمل في المناطق الحدوديّة لا سيّما في إبل السقي والقليعة والخيام وكفرحمام، وتفتح المراكز وفقًا لوضع القصف اليوميّ، لكن بمعظمها تعمل وتقدّم ما يلزم لأبناء المناطق الحدوديّة.
قطاع صحّيّ للطائفيّة السياسيّة
من جهته يلفت سكّريّة إلى “أنّنا بانحادر طبّيّ غير مسبوق ونشهد تراجعًا في تصنيفاتنا الطبّيّة، ومن خلال عملي أرى أهوالًا من عدم قدرة المواطنين المادّيّة لتلقّي العلاجات والمتابعة الدوريّة. والقطاع الصحّيّ هو كسائر القطاعات التي تعمل تحت مظلّة النظام السياسيّ الطائفيّ الذي يعكس التركيبة اللبنانيّة، ما ألحق ضررًا وتحجيمًا للقطاع وأبعد النظرة الإنسانيّة عنه”.
ويختم سكّريّة: “الحكومات تعيّن وزارة الصحّة كحصّة رضائيّة للقوى السياسيّة، والتعاطي يخضع لمقاييس السياسة الطائفيّة والسمسرة والاستفادة وتوزيع أدوار وتمريرات للصحّة العامّة”.