كيف يحضّر تلامذة الجنوب لامتحانات رسميّة لن تنصفهم؟
على أبواب الامتحانات الرسميّة المزمع إجراؤها قريبًا، كيف يتحضّر طلاب الجنوب، خصوصًا النازحين منهم لذلك الاستحقاق السنوي الدراسي، فيما الحرب الدائرة منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ترخي بظلالها الثقيلة على التلامذة والطلاب والقطاع التعليمي برمته، والذي يشهد ارتجالًا وفوضى، خصوصًا في القرى والبلدات المنكوبة التي ترزح تحت القصف والغارات، حيث من المفترض أن تكون مشمولة بجملة إجراءات استثنائيّة، أقلّها مراعاة الواقع القائم، وإنصاف التلامذة بما يمكنهم من تجاوز ظروفهم الصعبة بحدّ أدنى من الخسائر، ولا سيّما في موضوع الامتحانات الرسميّة وقد باتت على الأبواب؟
إلى الآن لا شيء واضحًا، وليس هناك ما يبدّد هواجس التلامذة والأساتذة، ممّن يتطلّعون إلى شهادة تكون طريقهم إلى الدراسة الأكّاديميّة، يفتشون عنها بين أنقاض البيوت المهدّمة والعائلات المكلومة. الواضح أنّ تلامذة الشهادة الثانويّة يواجهون ظروفًا أكثر من صعبة، فيما الهيئات التعليميّة مربكة، ووزارة التربية لم تحسم كثيرًا من الأمور حيال مراكز الامتحانات، والتي تسير على إيقاع الوقت الداهم والضاغط.
نازح من عيتا
يقول التلميذ علي حسين عبّاس (علوم عامّة)، نازح من عيتا الشعب إلى العبّاسيّة في قضاء صور لـ”مناطق نت”: “أنا تلميذ في مدرسة عيتا الشعب الرسميّة، ذهبنا إلى المدرسة ليوم واحد حضوريًّا وفي اليوم الثاني بدأت الحرب، ومعها رحلة نزوحنا وتهجيرنا، وتوقّفنا قسريًّا مدة أكثر من شهر عن متابعة الدروس”.
ويضيف: “بعدها تقرّر بدء التدريس عن بعد مع ما يحمله من معاناة، وطبعًا بدوام مجتزأ وغير كامل، وإنترنت متقطّع، فضلًا عن أجواء البيوت التي نزحنا إليها، والتي تأوي على الأقل عائلتين وثلاثًا، فنحن اليوم ثلاث عائلات في بيت واحد، وعليكم أن تتخيّلوا المشهد، والحكم ما إذا كانت الأجواء تسمح بالدرس أم لا”.
الواضح أنّ تلامذة الشهادة الثانويّة يواجهون ظروفًا أكثر من صعبة، فيما الهيئات التعليميّة مربكة، ووزارة التربية لم تحسم كثيرًا من الأمور حيال مراكز الامتحانات، والتي تسير على إيقاع الوقت الداهم والضاغط.
يتابع عبّاس: “مع هذه الظروف استطعت تحصيل ما يقارب 30 في المئة فقط من المنهاج المطلوب عبر الـ”أونلاين” والباقي عليّ أن أجتهد بنفسي لتحصيله”. ويشير عباس إلى أنّه لم يوفر فرصة للالتحاق بأقرب ثانويّة رسميّة للدراسة حضوريًّا، ويلفت إلى أنّ “ما واجهته جعل الأمر شبه مستحيل، فالمدرسة التي قصدتها كانت قد سبقتنا بأشواط كبيرة، فيما نحن كنازحين لم نكن قد بدأنا بعد بمنهاجنا، وهذا ما جعلني أنسحب إلى الـ”أونلاين” والمتابعة مع أولاد مدرستي”.
الوزارة في وادٍ آخر
ويؤكّد عباس أن “بعض الدروس التي كانت ملغاة العام الماضي من منهاج الامتحانات لم ندرسها أصلًا، ولكن المفاجأة أنّها أُدرجت في منهاج هذا العام بالنسبة لمادّة الرياضياّت، إنّنا لم ننهِ المقرّر بعد ولم يتبقَّ لنا سوى أقلّ من شهر للامتحان، ومادة الفلسفة وضعتها الوزارة كمادّة إلزاميّة فيما نحن تلامذة علوم”. ورأى أنّ “كلّ هذا يجعلنا في وادٍ والوزارة في وادٍ آخر”.
ويقول: “على ما يبدو أنّ الوزير لا يعلم شيئًا عن الحرب القائمة وظروف التهجير، وأنّ لنا في القرى أهلًا وأقاربَ يُستشهدون كلّ يوم ويتعرّضون للقصف، ولم يلحظ حالتنا النفسيّة وتردّي أوضاعنا على مختلف الصعد، ولو كان واقعيًّا لما ساوانا ببقية الطلّاب في المناطق الأخرى التي لا تعاني ظروفنا ومصاعبنا”.
ويختم عباس بقوله: “نسبة نجاحي لن تتخطّى 20 بالمئة بالنسبة لما اكتسبته وما أحاول إتمامه، ونحن اليوم قلقون ومحبطون، ونطالب بخطّة واضحة للمقرّرات والامتحانات تتناسب مع أوضاعنا، والتي ربّما تكون من خلال استبدال الامتحان الرسميّ بآخر مدرسيّ يلائم ما اكتسبناه أو إلغاء الامتحانات، فنحن اليوم ندفع أثمانًا لا طاقة لنا بها كوننا أبناء الجنوب”.
تلامذة تعلموا “أونلاين”
لا يختلف وضع “مدرسة مرجعيون الوطنيّة” من حيث الإرباك عن سواها من مدارس الجنوب، إذ يقول مديرها الأستاذ نبيه لحّود لـ”مناطق نت”: “افتتحنا عامنا الدراسيّ في 25 أيلول 2023، وبدأت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ما اضطرّنا للتوقّف عن التدريس مدّة قصيرة على أمل تحسّن الأوضاع وتوقّف الحرب، لكن مع ارتفاع وتيرة التصعيد والمواجهات وحالات النزوح، اتّخذنا قرارنا بمباشرة التعليم “أونلاين”، وذلك بعد استحالة وصول جميع الكادر التعليميّ والتلامذة إلى المدرسة، كونهم من مناطق وبلدات محيطة، حيث تهجّر قسم كبير من أهلها وتركوا المنطقة إلى بيروت وغيرها من المناطق الآمنة”.
ويشير لحّود إلى أنّ “تلميذة من المدرسة في صفّ الشهادات الرسميّة سافرت إلى بولندا وتتابع دروسها من هناك عبر الأونلاين”، لافتًا إلى أنّ “تلامذة البكالوريا الرسميّة بفروعها الثلاثة تابعوا وأنهوا برنامجهم الدراسيّ بمعاناة كبيرة، منها التعلّم عن بعد، إلى جانب ضغوط الحرب وتبعاتها”.
لا شيء واضحًا
ومن موقع مسؤوليّاته حيال طلابه، يؤكّد لحود أنّ “هناك تواصلًا مستمرًّا مع المركز التربويّ وإدارات المدارس المحيطة للوقوف على كلّ إجراء جديد ومتابعته”، لافتا إلى أنّه “من ناحيتنا أتممنا واجباتنا مع تلامذتنا، ولكنّ هذا لا يمنع أنّهم يعيشون ظروفًا غير طبيعيّة، فضلًا عن تحدّ كبير سيواجهه التلامذة وأهلهم في حال جرت الامتحانات، هو مكان الامتحان الذي لم تلحظه أيّ خطّة لوزارة التربية”، منوّها إلى أنّه شخصيًّا لن يتحمّل “مسؤوليّة تنقّل أولادنا تحت القصف لإجراء امتحاناتهم”. ويختم لحّود بقوله: “اليوم يفصلنا عن الامتحانات أقلّ من شهر وقد وعد وزير التربية بإجراءات جديدة ولا شيء واضحًا حتّى اليوم”.
تلامذة تحت القصف
تتعدّد معاناة الطلّاب في بلدات الجنوب الرازحة تحت أجواء الحرب وتتنوّع، وما يعانيه الطلاب النازحون، يعانيه أيضًا الطلاب الذين لا يزالون في بلداتهم، ومنهم تلميذة بكالوريا (قسم علوم حياة) في مدرسة الماري (حاصبيّا) رين زرقطة، التي تستعدّ للامتحانات الرسميّة.
تقول زرقطة لـ”مناطق نت”: “كان عامًا دراسيًّا صاخبًا بالأحداث غير الطبيعيّة، والتي راوحت بين التعطيل والنزوح، والعودة إلى البيوت بحسب التطوّرات الأمنيّة، خصوصًا وأنّ منطقتنا الماري وإبل السقي تعرّضتا مرارًا وتكرارًا للقصف، بالإضافة إلى حالة القلق والخوف والترقّب التي نعيشها اليوم جرّاء الغارات المتكرّرة وأصوات القصف والرعب على أهلنا وأقاربنا وأصدقائنا ومعارفنا مع كلّ غارة أو تحليق للطيران الحربيّ”.
وتشير إلى “أنّ جميع هذه الظروف- وإن كنّا قد استوفينا برنامجنا الدراسيّ- تضعنا أمام تحدّ يتمثّل في خوض الامتحانات الرسميّة غدًا، والتي لم تحدّد معالمها بعد ولا آليّة إجرائها وقد بدأ الوقت ينفد”.
وتؤكّد زرقطة “أنّنا مشتّتون تمامًا كتلامذة خلال الدوام وخارجه وفي بيوتنا أيضًا بسبب الجوّ العام والحرب”، وتستغرت “قرار وزارة التربية بخوض الامتحانات مع غياب خطّة واضحة وشاملة للجنوب، تلحظ تعديلات في منهج الامتحانات، يراعي على الأقلّ حالة الحرب التي نعيشها”.
التلميذة زرقطة: نحن مشتّتون تمامًا كتلامذة خلال الدوام وخارجه وفي بيوتنا أيضًا بسبب الجوّ العام والحرب
وتذكر زرقطة أنّه “بالنسبة لمادّة الفلسفة على سبيل المثال، كنّا نأمل أن تكون ضمن المواد الاختياريّة، لنفاجأ بقرار الوزارة جعلها إلزاميّة لتلامذة علوم الحياة”. ورأت أنّ هذا الأمر “سيستنزف ما تبقّى من وقتنا عوضًا عن التركيز على الموادّ العلميّة”، لافتةً إلى أنّ “المنهاج هذه السنة أكبر من السنة الماضية ولم يحذف منه أيّ شيء يذكر، بينما قامت الوزارة بذلك في سنوات سابقة وفي ظروف أفضل”.
وتحتم زرقطة بقولها: “لسنا على استعداد كافٍ لخوض الامتحانات، نحن نحاول ولكنّ التحدّيات أكبر منّا، وقرارات الوزارة أصبحت مصدر قلق وتوتّر بدلًا من دعمنا، ولا نعرف كيف ستجرى الامتحانات، فالطرقات غير آمنة، وبعض زملائنا تركوا لبنان ويتابعون (أونلاين) والبعض منّا قد لا يخاطر بهم أهلهم في مثل هذه الظروف، وعلى ما يبدو أنّ الوزير نفسه لا يعلم ما هي الخطّة حيال إجراء الامتحانات وتعيين المراكز”.
متأثّرون بظروف الحرب
أمّا الطالبة ليليان شبلي من ثانويّة حاصبيّا الرسميّة (قسم علوم الحياة)، فتقول: “أنهينا حضوريًّا دراستنا، فحاصبيا استضافت أبناء القرى المجاورة، وقد التحق عديد من التلامذة النازحين بمدرستنا، طبعًا الوضع يختلف عن السنوات الماضية، فنحن متأثّرون بظروف الحرب والعوامل النفسيّة المرافقة لها، إلّا أنّني على الصعيد الشخصيّ مستعدّة للامتحانات مع حالة ترقّب للأيام المقبلة لنعرف أين وكيف ستجرى الامتحانات، ولا يعني ذلك أنّه كان عامًا طبيعيًّا، نحن نواجه وواجهنا كثيرًا من الصعوبات وحالات التعطيل القسريّ بسبب نزوح الأهالي إلى المدارس، مع احتدام المعارك أيضًا، إلّا أنّنا نمثّل حالة استثنائيّة نسبة إلى المدارس الأخرى والظروف التي واجهتها”.
وتضيف: “على الصعيد العام كثير من المدارس قُصفت أو تعرّض جوارها للقصف، ووردتنا أخبار عن عدم استكمال الدراسة أيضًا في مدارس أخرى وقريبة بسبب القصف والنزوح وتردّي أوضاع الدراسة عن بعد”.
“فوبيا” الحرب
فاطمة عبّاس نازحة كذلك مع عائلتها من عيتا الشعب إلى العبّاسيّة، تخوض رحلتها الدراسيّة نحو امتحانات البكالوريا الرسميّة قسم اجتماع واقتصاد بحالة “فوبيا” رافقتها مع بدء الحرب على الجنوب وفق ما ذكرت. تقول: “لست في البلدة اليوم، إلّا أنّ أصوات القصف والطيران وظروف الحرب المستمرة وأخبارها تشعرني بالخوف الشديد”.
وتضيف عبّاس لـ”مناطق نت”: “نزحنا إلى صور ونعيش مع أقاربنا في البيت عينه، حاولت الالتحاق بمدرسة رسميّة في الجوار، إلّا أنّني لم أستطع اللحاق بهم، لجهة أنّهم سبقونا في المنهاج، فقد أتمّوا في حينه فصلًا، فيما كنّا نحن في مدرسة عيتا الرسميّة لم ننجز درسًا أو درسين في كلّ مادّة، فعدت ادراجي من الحضوريّ إلى الأونلاين، وتابعت بوضع نفسيّ متردّ وظروف صعبة”.
وتشير إلى “أنّنا عندما بدأنا كنّا قد تأخّرنا عن باقي المدارس، ولم ننهِ المقرّر بعد، وبعض الدروس في المواد الأساسيّة أُرسلت لنا تسجيلات صوتيّة، حتّى جاءت قرارات الوزارة المنفصلة عن الواقع الذي نعيشه لتزيد في الطين بلّة”.
وتتابع: “التقيت وزير التربية عندما زار ثانويّة العبّاسيّة الرسميّة، ووعدنا في حينه بخطّة خاصّة لم نرَ منها شيئًا سوى مساواتنا بمختلف المناطق الآمنة ووضعنا أمام أمر واقع ومظلم، وعلى ما يبدو أنّ الوزير مهتمّ أكثر بإعلان الحداد العام على ملكة بريطانيا، في الوقت الذي يستشهد أساتذة وتلامذة في الجنوب من دون أيّ تعليق منه، فضلًا عن أنّ حالات الإغماء والخوف في المدارس جرّاء القصف وخرق جدار الصوت مرّت عنده مرور الكرام، ما يعكس سياسته في تأدية دوره كوزير على حسابنا نحن تلامذة وأبناء الجنوب”.
وتختم عبّاس: “مع استمرار الحرب واقتراب موعد الامتحانات وعدم إتمام منهجنا المقرّر وغياب الخطط الواضحة التي تراعي أوضاعنا تتقلّص فرصنا في النجاح وفقا للسياسة التي يتّبعها وزير التربية وإداراته، وإن كان هناك من تمنٍّ، فإنّني أتمنّى أن يعود لإنسانيّته وأنْ لا يحمّلنا وزر ما لا طاقة لنا به”.
بنت جبيل
بدورها، تقول الطالبة في ثانوية بنت جبيل الرسمية – فرع علوم الحياة زينب حرب لـ “مناطق نت”: “تعلّمنا يومًا واحدًا قبل النزوح من بنت جبيل إلى بيروت بداية، ومنها إلى الصرفند، ثم عدنا إلى بيروت آخر محطة لنا، قبل أن نعود إلى منطقة قدموس – العباسية في قضاء صور حيث نقيم الآن”. وأشارت حرب إلى أن “التهجير المستمر وحالة عدم الاستقرار، انعكست على مصير العام الدراسي، فلم أستطع الالتحاق بأي مدرسة رسمية، كوني بقيت في حالة نزوح مستمرة من منطقة إلى أخرى”.
أضافت حرب: “تابعت التعلّم عن بعد مع أساتذة مدرستي، وبجهود جبارة منهم، إلا أن الظروف المحيطة لم تكن مساعدة لنا على مستويات عدة، فعلى المستوى النفسي الكل يعلم تداعيات الحرب، وعلى المستويين الاجتماعي والمعيشي، نحن نقطن في البيت نفسه مع عائلة خالتي، نتشارك كل شيء، الأمر الذي يزيد الضغوطات على الجميع، أما عن شبكة الاتصالات فحدّث ولا حرج عن انقطاعها المستمر، كل هذا يؤكد أن التعلم حضوريًا لا يمكن مقاربته بالتعلّم عن بعد أو عبر منصات الانترنت والتطبيقات”.
الطالبة زينب حرب: التهجير المستمر وحالة عدم الاستقرار، انعكست على مصير العام الدراسي، فلم أستطع الالتحاق بأي مدرسة رسمية، كوني بقيت في حالة نزوح مستمرة من منطقة إلى أخرى”.
استشهاد أستاذ الكيمياء
لا نعرف كيف يمكن أن يتلقى الطلاب خبر استشهاد أحد أفراد الهيئة التعليمية، وفي الوقت عينه، يستمرون في متابعة دروسهم بهدوء وثقة، وهذا ما يجب على وزارة التبرية أن تلحظه في مقاربتها لموضوع الامتحانات الرسمية في مناطق الجنوب، فالأمر جلل، وبالتأكيد لن يكون الطلاب في وضع يسمح لهم بخوض الامتحانات إسوة بباقي الطلاب في مناطق أخرى.
عن ذلك تقول حرب: “لا يمكن إلا وأن نتوقف عند فاجعة وصدمة استشهاد أستاذ استثنائي وأساسي بالنسبة لنا، وهو أستاذ الكيمياء علي سعد في الحرب، وقد أثر رحيله علينا، خصوصًا وأنه كان من الأساتذة المقربين”. تتابع حرب “توقفنا لفترة عن متابعة مادة الكيمياء، فضلًا عمّا لحق بنا خلال العام الدراسي من تقصير، فلم نستطع إكمال المنهاج، فضلًا عن إلزامنا بمادة الفلسفة، الأمر الذي لم يتوقعه أحد، فعلى الأقل كانت توقعاتنا كطلاب أن يكون المطلوب منا بمستوى السنة الماضية على الأقل”.
قرارات ظالمة
“لطالما أثبتنا على مدار السنوات قدرتنا على تخطي معظم العقبات والحصول على المراتب الأولى، ولكن اليوم نشعر بظلم كبير، لأن المطلوب منا بعيد كل البعد عن الواقع الذي نعيشه، فأنا شخصيا لا أطالب بإفادات بل بإمتحان على الأقل يتناسب مع تحصيلنا العلمي لهذا العام”. والكلام لحرب.
ولفتت حرب إلى أننا “نعيش الصدمة، ففي الأعوام الماضية تم تقليص المنهاج، فيما اليوم، وفي ظل ظروف أصعب تمّت زيادته، وهذا غير مُنصف لأهل الجنوب”.
وخلصت حرب إلى أننا “في حالة ضياع وترقب”، وأمِلت أن “يعاد النظر سريعًا بالنسبة لأوضاعنا وما اكتسبناه خلال العام”.
“نطالب بامتحانات تتوافق مع مستوى تحصيلنا للدروس لهذا العام، وبخطة واضحة وصريحة لا تزيد من مظلوميتنا”. تقول الطالبة حرب وتختم: “لم أقدم امتحان “البريفيه” واليوم أسير نحو امتحان البكالوريا بخوف من التجربة التي لا أعلم عنها شيئا، وضمن مسار لم توضح الوزارة بعد كامل معالمه، الأمر الذي يحملنا أكثر من قدرتنا ويضعنا في مهب رياح القرارات الظالمة والمنفصلة عن الواقع”.
المطلوب الإنصاف
يبدو أنّ وزارة التربية مغيِّبة نفسها وغير معنيّة بوجع طلّاب يواجهون اليوم كلّ هذا الضغط، وغير معنيّة كذلك بما يعترض الهيئات التعليميّة من صعوبات، خصوصًا وأنّه لم يتبقَّ سوى 28 يومًا على موعد الامتحانات، فهل من المنطقي مساواة تلامذة القرى والبلدات المنكوبة بتلامذة واكبوا الدراسة في ظروف عاديّة؟
هذا السؤال يختصر المشهد القائم، وتلامذة الجنوب لا يطلبون المستحيل، وغير مندفعين باتّجاه إعفائهم من الامتحانات، لكن جلّ ما يطالبون به هو إنصافهم، بمعنى خضوعهم لامتحانات تراعي ظروفهم، خصوصًا وأنّ الأمر جلل، وثمّة شهداء وموت ودمار، ما يقتضي أن تكون ثمّة امتحانات خاصّة بطلّاب الجنوب، لا سيّما المناطق المتضرّرة، لأن التعميم في هذه الحالة فيه ظلم وافتئات.