لائحة “معاً نحو التغيير” في دائرة الجنوب الثالثة: توحدوا حيث عجز الآخرون
خاصية تنفرد بها المعركة الانتخابية في دائرة الجنوب الثالثة التي تضم أقضية النبطية، بنت جبيل ومرجعيون حاصبيا. الخاصية تستمد فرادتها من أمور عدة لعل أبرزها يتمثل بالكثير من “الوضوح” والقليل من الالتباس. وهذا يتجلى من خلال لائحتين مكتملتين، الأولى للسلطة بأطيافها كافة والثانية للمعارضة وتمثل ثورة 17 تشرين. الأمر الذي يجعل من المنازلة الانتخابية في تلك الدائرة واضحاً ومن دون قفازات أو أقنعة. وهي معركة تدور وجهاً لوجه بين قوى السلطة المتمثلة بالثنائي حركة أمل وحزب الله والقومي والبعثي والاشتراكي ضمناً، وبين قوى ١٧ تشرين بأطيافها كافة.
حصر المعركة الانتخابية بلائحتين، بعد “تفرفط” اللائحة الثالثة وانسحاب رياض عيسى منها، يجعلها معركة حقيقية بامتياز. أولاً “بالسياسة” من خلال ترسيخ الحالة الاعتراضية الكبيرة في منطقة تعتبر عرين حزب الله وحركة أمل، وثانياً بتوحّد قوى الاعتراض التي أعلنت بوضوح أنها خرجت من رحم ثورة ١٧ تشرين وتشكل امتداداً لها. وهذا إنجاز يُسجل في الدائرة بعدما فشلت “المعارضات” من توحيد جهودها في المناطق الأخرى إذ بلغت لوائحها 71 لائحة مقابل ٣٢ لقوى السلطة وذلك وفق الخبير الإنتخابي في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين.
“معاً نحو التغيير” الشعار الذي أعلنته اللائحة عنواناً لحملتها، وأطلقته في احتفال في صالة لاڤيتا في النبطية الأحد الماضي لم تكن طريقه معبدة وسالكة وفق مصادر متابعة لمسار تشكيل اللائحة والتي تحدثت لـ “مناطق نت”، من أن إصرار المتابعين لتشكيل اللائحة على تذليل كل العقبات أدى في النهاية لولادتها وهم راضون عنها بنسبة تفوق السبعون في المائة.
برنامج انتخابي وبندان إشكاليان
البندان الثاني والثالث في برنامج اللائحة والمتعلقان بالمقاومة وسلاحها كانا مثار جدل بين المتابعين لمسار تشكيل اللائحة والذي استكمل بنقاشات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الإعلان عنها الأحد الماضي، إذ اعتبر البعض أن السقف فيما يخص البندين كان منخفضاً. وفي هذا الإطار تقول المصادر المتابعة لـ “مناطق نت” إن الحزب الشيوعي هو الذي كان وراء تخفيض ذلك السقف.
والبندان كما وردا في البيان نصا على: «حق الدولة وواجبها في الدفاع عن أرض الوطن، وحماية حدوده وشعبه وثرواته الطبيعية، وفق السياسة الدفاعية الاستراتيجية والوطنية للدولة، الأمر الذي يتطلب دعم قدرات وإمكانيات للجيش اللبناني بما يمكنه من القيام بتلك المهام مع سائر القوى الأمنية والعسكرية».
أما البند الثالث فقد جاء فيه: «تكريس حق الشعب اللبناني بالدفاع عن أراضي الوطن ومقاومة العدو الاسرائيلي بوجه خاص، بكل الوسائل التي تقرها المعاهدات والقوانين والأعراف الدولية وشرعة حقوق الإنسان، وبما لا يتعارض مع وحدة البلاد وسيادة الشرعية على كامل الأراضي اللبنانية».
البندان الثاني والثالث في برنامج اللائحة والمتعلقان بالمقاومة وسلاحها كانا مثار جدل بين المتابعين لمسار تشكيل اللائحة والذي استكمل بنقاشات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي
التفاوت في سقوف الاعتراض بين أعضاء اللائحة فيما خص سلاح حزب الله موجوداً وواضحاً وهو يتجلى بين ما يجاهر به المرشح علي مراد في خطاباته وبين ما يكتبه المرشح المحامي حسن بزي على صفحته الفايسبوكية. فهل هذا التفاوت يقلّل من منسوب صفة “المعارضة” في لائحة “معاً نحو التغيير”؟.
في هذا الإطار كتب الناشط حسن قانصو توضيحاً قال فيه «إلى من يرموننا بسهامهم يميناً ويساراً، نقول بالتجربة أن الطموحات عندما تصطدم بالواقع لا يمكن تطبيقها مئة بالمئة وهذا يتعلق بنوع الأحلام والأهداف فكيف إذا كان المطلوب أن تواجه رأس السلطة وحماتها في الجنوب التي يجب أن توحد صفوف القوى المعارضة باحزابها ومجموعاتها وثوار 17 تشرين وأن تختار الشخصيات الذين يجب أن يكونو رأس حربة بهذه المعركة لاستجلاب الاصوات من أجل حواصل تحقق خرقاً يعتبر مستحيلاً». تابع قانصو «إن تجميع هذه المروحة الواسعة حول برنامج انتخابي جامع بحده الممكن الذي حتما لا يمكن أن يعبر عن قناعة كل القوى والمجموعات فكان لا بد من تدوير الزوايا وتقديم بعض التنازلات بالشكل وليس بالمضمون لضمان وحدة المعارضة ولمنع تشكيل لائحة مرادفة ومزاحمة ولتاسيس حالة ما بعد الانتخابات».
الشيوعي منقسماً
وبالرغم من أن قرار الحزب الشيوعي الرسمي هو مع خوض الانتخابات من باب المعارضة، إلا أن قاعدته ترزح تحت وطأة الانقسام بين مؤيد لخوض الانتخابات وبين من يريد المقاطعة وهو انقسام سابق للاستحقاق الانتخابي ويتجاذبه الأمينان العامان للحزب، السابق خالد حدادة والحالي حنا غريب. والحزب الذي بات أسيراً لذلك الانقسام «جماعة حنا» و«جماعة خالد» كان حضوره خجولاً وباهتاً في صالة لاڤيتا، حيث كان لافتاً غياب شيوعيي بلدات قضاء النبطية التي لـ «الشيوعي» وجود فيها كبلدات كفررمان، أنصار، كفرصير، زوطر، دير الزهراني وغيرها.
باستثاء خليل ديب وهو مرشح الحزب الشيوعي في اللائحة عن قضاء بنت جبيل، لا حزبيين في لائحة «معاً نحو التغيير»، فالمرشح الآخر وفيق ريحان عن النبطية خارج التنظيم الحزبي منذ نحو 25 عاماً. اعتقلته قوات الاحتلال وزج في معتقل أنصار، وهو كان مدرساً قبل أن يعمل في التفتيش المالي ويصبح فيما بعد أستاذاً جامعياً.
إمكانية خرق لائحة الثنائي متاحة بقوة خصوصاً إذا ما استرجعنا أرقام انتخابات العام 2018 حيث نالت اللوائح المعارضة وغيرها ما مجموعه 29 ألف صوت، وبلغ الحاصل الانتخابي 17 ألفاً
لافتة كانت كلمات أعضاء اللائحة بقوتها وحماستها ووضوحها وخصوصاً كلمة المرشح الأستاذ الجامعي علي مراد، وباقي أعضاء اللائحة، الذين يتمتعون بحيثيات مناطقية ومنهم الدكتور علي وهبي وهو طبيب أسنان (كان رئيساً لنادي الشقيف من النبطية) ووسيم غندور وهو مغترب ورجل أعمال، والده فؤاد غندور الرئيس التاريخي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وهو من النبطية أيضاً. ومنهم إبن حاصبيا الحقوقي فراس حمدان والاعلامي محمد قعدان إبن بلدة شبعا والدكتور الياس جرادي من إبل السقي وهو من أهم خمسة أطباء عيون في العالم. ورجل الأعمال المستقل إبراهيم عبدالله إبن بلدة الخيام ونزار رمال من بلدة الدوير والمرشح عن (مواطنون ومواطنات في دولة) عن المقعد الشيعي في مرجعيون حاصبيا. وأيضاً إبن بنت جبيل المحامي الناشط حسن بزي.
الاعتراض لن يكون انتخابياً فقط
«معركتهم تنتهي في 15أيار، معركتنا تبدأ في 16أيار».. كلمات رددها المرشح علي مراد في صالة لاڤيتا عند إطلاق اللائحة تؤشر إلى أن الاعتراض لن يكون انتخابياً تنتهي مفاعيله بانتهاء الاستحقاق، بل هو رحلة طويلة ستبدأ في السادس عشر من أيار. وفي هذا الإطار تقول المصادر المتابعة إلى أن إمكانية خرق لائحة الثنائي متاحة بقوة خصوصاً إذا ما استرجعنا أرقام انتخابات العام 2018 حيث نالت اللوائح المعارضة وغيرها ما مجموعه 30 ألف صوت، وبلغ الحاصل الانتخابي 20 ألف صوت ونيف في دائرة يبلغ عدد الناخبين فيها نصف مليون صوت. لكن المؤشرات وفق المصادر تؤكد أن الخاصرة الرخوة في لائحة الثنائي تبقى في المقعد الأرثوذكسي في قضاء مرجعيون حاصبيا.
يبقى التحدي الأكبر هو سلامة العملية الانتخابية وفق المصادر وعدم حصول أي عمليات ترهيب بحق المرشحين والناخبين، وأيضاً تأمين مندوبين للائحة في أقلام الاقتراع (1500 مندوب) وهذا يتطلب إمكانيات كبيرة في ظل خلل فاضح في ذلك، حيث تمتلك لائحة الثنائي إمكانيات كبيرة وماكينات إنتخابية ضخمة، فيما لائحة «معاً نحو التغيير» تخوض المعركة بإمكانيات متواضعة جداً.
الإجابة عن هذه الهواجس ستكشفه الأيام المقبلة الفاصلة من الآن وحتى موعد الخامس من أيار، وتحسمه في ذلك اليوم صناديق الاقتراع.