لماذا يعتبر المتضررون تعويضات الحرب مجحفة؟

في الوقت الذي كانت الطائرات الإسرائيليّة تستهدف المدن والبلدات في الجنوب والبقاع وبيروت، وكان الجيش الإسرائيليّ يعمد إلى تفخيخ وتفجير أجزأء عديدة من القرى الحدوديّة، ودارت بين أبناء هذه المناطق أسئلة حول القدرة على إعادة الإعمار وحجم التعويضات! ومع دخول الهدنة حيّز التنفيذ في الـ 27 من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ارتفعت أصوات أصحاب البيوت المدمرة وازدادت هواجس معظم المتضرّرين ومخاوفهم.

وسارع “حزب الله” إلى تحديد آليّة دفع التعويضات، إذ سيتم دفع بدلات الأضرار بموجب فواتير مقدمة من أصحاب العلاقة، فيما سيتم دفع بدل إيواء سنويّ لأصحاب المنازل المدمرة قدره أربعة آلاف دولار وألفا دولار للأفراد الذين كانوا يستأجرون منازل تعرّضت للتدمير، فضلًا عن ثمانية آلاف دولار بدل أثاث منزليّ.

تعويضات مجحفة وغير منصفة

شكلت قيمة هذه التعويضات محل انتقاد واستياء عدد كبير من المتضرّرين الذين رأوا في قيمتها المادّيّة إجحافًا وعدم انصاف. وأشار حسين، في حديث لـ “مناطق نت”، إلى أنّ المنزل الذي كان يستأجره في حيّ الأمريكان في ضاحية بيروت الجنوبيّة “دمّرته إسرائيل بالكامل، وحصلت على مبلغ 10 آلاف دولار كتعويض عن أثاث المنزل وبدل إيجار”. ويلفت حسين إلى أنّ “هذا المبلغ لا يُساوي سوى نصف الخسائر التي مُنيت بها، ففي احتساب لأثاث المنزل يتبيّن أن تكلفته تُلامس الـ 20 ألف دولار”.

تعويضات الحرب غير كافية، المتضررون يرفعون الصوت

ويُوضح حسين بأنّه كان يملك تلفزيون مقاس 65 إنشًا بقيمة 600 دولار، وبرّاد بقيمة 1200 دولار، وفرن غاز بـ 600 دولار، وغسّالة بـ 450 دولارًا، وبرّاد مياه بـ 115 دولارًا، وثلاثة مكيّفات بـ 1350 دولارًا، وغرفة جلوس وطاولة مستديرة بـ 1900 دولار، وطقم صالون بـ 2000 دولار، وغرفة نوم رئيسة بـ 1300 دولار، وغرفة نوم ثانية بـ 1300 دولار، وطاولة للطعام (سفرة) بـ 1500 دولار، وتجهيزات مطبخ بقيمة 2000 دولار، وواجهة حائط للتلفاز بـ 400 دولار، وسجّاد بقيمة 500 دولار، وبياضات غرف النوم بقيمة 2000 دولار، وستائر بـ 300 دولار، بالإضافة إلى ثياب وأحذية وغيرها من التفاصيل.

فضلًا عن ذلك فقد تكبّد حسين مبالغ طائلة خلال فترة النزوح وارتفاع بدلات إيجار المنازل بشكل جنونيّ في المناطق التي كانت تُعتبر آمنة. ويُشير إلى أنّ “المشكلة تكمن في تحديد مبلغ مُعيّن وتعميمه على جميع المنازل بصرف النظر عن قيمة الموجودات في المنزل، فهل يُعقل أن يُعطى من يملك منزلًا مكوّنًا من ثلاث غرف نوم مثل منزل صغير في أيّ حيّ شعبيّ؟”.

الاحتكار يزيد الخسائر

في السياق عينه، تُعبّر ميساء، القاطنة في مدينة صور، في حديث لـ “مناطق نت”، عن استيائها من التعويضات التي ستحصل عليها. وتُشير إلى أنّ منزلها تعرض لأضرار مختلفة من زجاج وألومنيوم وغيرها، وعند عودتها فور إعلان وقف إطلاق النار سارعت إلى التواصل مع العمّال من أجل البدء في ورشة الإصلاح بأسرع وقت، “إلّا أنّ احتكار الزجاج وباقي المواد أدّى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير، فلم يكن أمامي سوى الإنصياع والقبول بدفع مبالغ طائلة لقاء ذلك، بلغت نحو أربعة آلاف دولار”.

حسين: المشكلة تكمن في تحديد مبلغ مُعيّن وتعميمه على جميع المنازل بصرف النظر عن قيمة الموجودات في المنزل، فهل يُعقل أن يُعطى من يملك منزلًا مكوّنًا من ثلاث غرف نوم مثل منزل صغير في أيّ حيّ شعبيّ؟

وفي حين استقبلت ميساء اللجان المعنيّة بالكشف عن الأضرار إلّا أنّها تستبعد أن يتمّ التعويض عليها بالمبلغ نفسه الذي دفعته “فمن فقد منزله كلّيًّا جرى التعويض عليه بمبلغ ثمانية آلاف دولار، لذا أستبعد أن يتمّ الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع الأسعار والاحتكار”.

تقييم غير عادل

من جانبها، ترى المتخصّصة في الاقتصاد النقديّ، ليال منصور، في حديث لـ “مناطق نت”، أنّ “هذه التعويضات تبقى غير عادلة إذا لم تُعيد التعمير مثلما كان قبل الحرب، وبالتالي فإن إعطاء رقم مُحدّد للتعويض على جميع المنازل أمر غير عادل، إذ إنّ الضرر يختلف من منزل لآخر”.

وتوافق منصور على التقديرات التي تتحدّث عن أنّ كلفة إعادة الإعمار تبلغ نحو سبعة مليارات دولار، مضيفةً “ثمّة كلفة لا يتمّ احتسابها عادةً عند الحديث عن خسائر الاقتصاد، فكلفة الخسائر لا تقتصر على المباني المدمّرة والمهدّمة والمتضرّرة ولكن تشمل كذلك الأموال التي كان الاقتصاد سيكسبها ولم يتمكّن بفعل الحرب، أيّ خسارة شهرين من العمل، فضلًا عن الأموال التي كانت ستدخل إلى البلاد من السياحة والمغتربين وغيرها من المصادر”.

وتلفت منصور إلى أنّ “الدورة الاقتصاديّة ستعود كما كانت قبل الحرب بمجرّد الانتهاء من إعادة التعمير، فقبل الحرب كانت البلاد بأدنى مستوى اقتصاديّ على مختلف الصعد، سواء قيمة العملة أو إدراج لبنان على اللائحة الرماديّة أو غيرها من المؤشّرات السلبيّة. وكانت البلاد تعتمد على أموال المغتربين، وبمجرّد عودتهم سنعود إلى هذا الوضع ليس أكثر”.

وجدير بالذكر، أنّ مزيدًا من حجم الدمار الهائل سيتكشف تباعًا مع انسحاب الجيش الإسرائيليّ الذي عمد إلى تدمير القرى الحدوديّة بشكل شبه كامل، وهذا ما سيزيد بدوره من كلف إعادة الإعمار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى