متعاقدون في التعليم الرسميّ يرفضون إلغاء “بدل إنتاجيّة”

تفاجأ الأساتذة المتعاقدون في التعليم الرسميّ بقرار وزيرة التربية ريما كرامي القاضي بإلغاء “بدل إنتاجيّة” المعمول به منذ سنةٍ، أيّ في عهد وزير التربية السابق عبّاس الحلبي. والأساتذة المتعاقدون الذين كانوا ينتظرون الأسبوع الأخير من كلّ شهرٍ ليقبضوا راتب “بدل الإنتاجيّة” وتراوح قيمته بين 200 دولار و250 دولارًا بحسب التصنيف وعدد ساعات التدريس الأسبوعيّة لن يحصلوا عليه هذا الشهر الذي يبدأ به قرار الوزيرة الأخير مفعوله التنفيذيّ.
ظلمٌ ليس في السويّة
وإذا كان القول “ظلمٌ في السويّة عدل في الرعيّة” معيارًا “للعدل” فإنّ ما أصاب قطاع الأساتذة المتعاقدين لم يُصب زملاءهم في “الملاك” ممّن أبقت الوزيرة على بدل إنتاجيّتهم قائمة ولكن بتسمية جديدة وهي “المثابرة” والتي تصل إلى 400 دولارٍ شهريًّا، إلى جانب التقديمات الأخرى كبدل النقل والضمان الصحّيّ من طبابةٍ واستشفاءٍ وأدويةٍ ومنحٍ مدرسيّةٍ وسواها.
وبحسب الوزيرة المعنيّة فإنّ “بدل الإنتاجيّة” كان مساعدةً شهريّةً موقّتة من خارج القانون، وأنّ موازنة 2025 لم تلحظ هذا الموضوع، وبالتالي لم ترصد أموالًا له، لذلك لا إمكانيّة ماليّة لإبقاء العمل به. في حين لا يزال الأساتذة في الملاك يستفيدون منه، ما يدفع للتساؤل عن سبب حرمان المتعاقدين من المساعدة الشهريّة التي تشكّل لهم “الحيلة والفتيلة.”

آلاف المتعاقدين متضرّرون
شكّل القرار الجديد لوزيرة التربية صدمةً كبيرةً لدى المتعاقدين في التعليم المهنيّ والتعليم الأكّاديميّ والبالغ عددهم في التعليم الأوّل حوالي 14 ألف أستاذٍ متعاقدٍ، وفي الثاني نحو 9000 آخرين. هؤلاء جميعهم أصابهم الذهول من القرار الذي وصفوه بِـ “الظالم” في عهدٍ جديدٍ وحكومةٍ جديدةٍ، أملوا بهما خيرًا في إنصاف القطاع التعاقديّ وإعطاء حقوق المتعاقدين كاملةً أسوةً بزملائهم في الملاك الذين يحصلون على كامل حقوق المعلّم.
وكانت مديريّة التعليم المهنيّ قد أفادت أنّها ستعمل على إعطاء سلفةٍ ماليّة قبل عيد الفطر، أيّ قبل نهاية الشهر الجاري للمتعاقدين لديها، وهي تساوي قيمة الإنتاجيّة السابقة، ولكن ستكون من ضمن حقّ المتعاقدين في الساعات الشهريّة التي ينفّذونها، وبهذا تكون المديريّة قد قدّمت موعد قبض بعض الحقوق للمتعاقدين ليس إلّا.
كيف ينظر المتعاقدون في التعليميْن المهنيّ والأكّاديميّ لقرار وزيرة التربية الجديدة؟
يقول الاستاذ المتعاقد في التعليم المهنيّ علي حيدر من بلدة بدنايل البقاعيّة، إنّ ما فاجأتنا به الوزيرة الجديدة بقرارها الخاصّ بأموالنا هو قاتل بالنسبة إلينا “ونحن الذين كنّا ننتظر الحكومة الجديدة على أحرّ من الجمر أملًا منّا بأنّ خلاصنا من الظلم والإجحاف سيكون على يديها، فإذ بها تقتلنا وتقتل مستقبلنا ومستقبل عائلاتنا.”
حوالي 14 ألف أستاذٍ متعاقدٍ في التعليم الأوّل، وفي الثاني نحو 9000 آخرين. هؤلاء جميعهم أصابهم الذهول من القرار الذي وصفوه بِـ “الظالم” في عهدٍ جديدٍ وحكومةٍ جديدةٍ، أملوا بهما خيرًا في إنصاف القطاع التعاقديّ
أعيش من بدل “الإنتاجيّة”
ويشير حيدر إلى أنّه مدرّس متعاقد في التعليم المهنيّ منذ 20 سنةً، وهو بانتظار التثبيت ودخول الملاك التعليميّ “بلكي برتاح بمعاش التقاعد”. وكان يعتمد على الـ 250 دولارًا الشهريّة التي كان يقبضها كبدل إنتاجيّةٍ منذ سنةٍ. “أمّا اليوم، فلن يدخل جيبي قرش واحد حتّى فصل الصيف، موعد قبض قيمة الساعات التدريسيّة المستحقّة منذ بداية العام الدراسيّ. وبهذا فلا مصروف ولا أكل أو شرب حتّى الصيف إن قبضنا.”
ويرى أنّ ما قامت به الوزيرة بحقّ المتعاقدين ليس مُنزلًا ويجب أن يُعاد النظر به، وإشراك الحكومة بأكملها في هذه القضيّة “كونها تمسّ حياة شريحةٍ واسعةٍ من الناس الذين لا حول لهم ولا وظيفة أخرى.” ويدعو إلى تحرّك واسع في أقرب فرصةٍ “قبل أن تمضي الوزارة بالقرار ويصبح دائمًا، ويقولون لنا إنّ إلغاءه لم يعد بالإمكان.”
حصوة تسند خابية
وتشير مروى يزبك (مدرّسة متعاقدة في التعليم الأساسيّ) من بلدة حوش الرافقة، إلى أنّها تعمل في التدريس التعاقدي منذ 13 سنةً “بمردودٍ سنويٍّ لا يُعتبر، ولكن حصوة بتسند خابية، وكنّا منتظرّين إلى رفع أجرة الساعة لتصبح متماشية مع الوضع المعيشيّ، فحصل أن جبروها من جهةٍ وكسروها من جهةٍ ثانيةٍ فكان أن حرمونا من حقّنا في الحياة.”
وتقول لِـ “مناطق نت”: “إنّ إلغاء بدل الإنتاجيّة في ظلّ الغلاء الفاحش للعيش هو إلغاء لحقّ العيش لآلاف العائلات التي كانت تسدّ رمقًا من أكلها وشربها”. وتضيف “نحن المتعاقدين يتجاوز عددنا الـ 9000 متعاقدٍ ما يعني أنّنا حوالي 25 ألف فردٍ قد يصبحون جميعهم بلا حياة، بسبب ما أقدمت عليه وزيرة التربية. وهذا يتنافى مع الشعارات الإصلاحيّة التي وعدنا بها العهد الجديد”.
وتدعو يزبك “رئيس الجمهوريّة جوزاف عون للتدخّل الشخصيّ والفوريّ، لثني الوزيرة عن قرارها ووضع خطّةٍ تربويّةٍ للمتعاقدين، تحفظ لهم حقوقهم المادّيّة وترفع من مستوى التقديمات المحقّة لهم، من أجل أن يقوموا بواجبهم الرساليّ في التعليم دون معوّقات، وهذا من أوجب الواجبات على الحكومة الجديدة، التي نعوّل على حكمتها وتحمّل المسؤوليّة الحقيقيّة لتأمين حقوق المواطن”.
حقّنا لا يكسر الخزينة
من جهته يرى حسام رعد (متعاقد في التعليم المهنيّ) من بلدة تمنين التحتا، أنّه “وبعد حرماننا من بدل النقل والضمان الصحّيّ والمنح المدرسيّة، كان أولى بالوزيرة أن تعمل على تأمين حقوقنا، بدلًا من أن تجرّدنا من مبلغٍ ماليّ لا يكسر الخزينة، أسوةً بغيرنا من الذين حافظت على حقوقهم الوزيرة، في الوقت الذي نحن من نحمل مسيرة التعليم على أكتافنا، ونلتزم بكامل مسؤوليّتنا تجاه الطلّاب.”
ويشير لِـ “مناطق نت” إلى أنّ “وزارة التربية تسمح للأساتذة في الملاك بالتعليم في دوام بعد الظهر الخاص باللاجئين السوريّين ليستفيدوا من راوتب شهريّة تبلغ الآلاف من الدولارات، وبخاصّة مديري المدارس، الذين أُعطوا الحرّيّة للاستفادة الماليّة القصوى من التعليم بعد الظهر، إذ تتجاوز قيمة أجر الساعة من ذلك السبع دولاراتٍ مع مطالبتهم برفعها إلى 12 دولارًا”. متسائلًا: “هل هذا يستوي مع المفهوم التربويّ الصحّيح ويساوي بين المعلّمين على مختلف تصنيفاتهم”.
المتعاقدين في الأكّاديميّ (أساسيّ وثانويّ) دعوا إلى سلسلة من التحرّكات ضدّ قرار وزيرة التربية منها الدعوة إلى عقد جمعيّاتٍ عموميّةٍ طارئةٍ وإبقاء جلسات اللقاءات مفتوحةً
ويختم رعد داعيًا المدير العام للتعليم المهنيّ هنادي برّي إلى التدخّل الفوريّ، مع وزيرة التربية من أجل إلغاء قرارها الأخير، والطلب من وزارة المال توفير المبالغ الماليّة للمتعاقدين، كبدل إنتاجيّة عن شهر شباط الفائت، وذلك قبل نهاية الشهر الحاليّ كما كان سابقًا.
تحرّكات المتعاقدين
والجدير ذكره في هذا الملفّ أنّ المتعاقدين في الأكّاديميّ (أساسيّ وثانويّ) دعوا إلى سلسلة من التحرّكات ضدّ قرار وزيرة التربية منها الدعوة إلى عقد جمعيّاتٍ عموميّةٍ طارئةٍ وإبقاء جلسات اللقاءات مفتوحةً حتّى التوصّل إلى تأمين حقّهم في “بدل الإنتاجيّة” وتوفير خدماتٍ أخرى مثلما هي حال زملائهم في الملاك.
من ناحيتهم كان متعاقدو التعليم المهنيّ على موعدٍ اليوم، مع المديرة العامّة للتعليم المهنيّ هنادي برّي للبحث بآخر التطوّرات التعليميّة، إلّا أنّ الموعد أُرجىء إلى نهار الأربعاء (اليوم) حيث سيكون على رأس أولويّات البحث للمطالبة بدفع “بدل إنتاجيّة” عن شهر شباط الفائت قبل نهاية الشهر الحاليّ أسوةً بأساتذة الملاك.