متعاقدو “المهنيّ” لم يقبضوا بدلات أتعابهم ويلوّحون بالإضراب

لم يكد أساتذة التعليم المهنيّ والتقني يتنفّسون الصعداء بعد أن سمعوا وعودًا تتعلّق بحقوقهم التعليميّة حتّى يفاجأون بواقعٍ مغايرٍ يبدّد آمالهم ويُدخلهم في دوّامةٍ من الصبر الذي كاد ينضب لديهم، ليعودوا إلى “أضعف الإيمان” الذي هو الاعتصام والإضراب كوسيلة ضغطٍ ومطالبةٍ قانونيّيْن.

ما هو حاصل اليوم، أنّ الأساتذة المهنيّين تلقَّوْا وعودًا رسميّةً برفع أجر ساعة تدريسهم إلى ما بين الـ 12 و14 دولارًا بحسب المرحلة التعليميّة، على أن يبدأ العمل بهذا الأجر بدءًا من أشهر شباط وآذار ونيسان (فبراير ومارس وأبريل)، على أن يقبضون أجور هذه الأشهر في نهاية الشهر الجاري (تمّوز/ يوليو). ولكن “المفاجأة” أنّهم أُعلموا من مديريّة التعليم المهنيّ والتقنيّ، أنّ لا قبضَ لرواتبهم في نهاية تمّوز، إذ لا اعتماداتٍ مرصودةً لهذا الأمر؛ وأنّ موعد القبض غير معروفٍ. وحتّى الآن، لا كلام قابل للتنفيذ من قبل وزيرة التربية ريما كرامي، فضلًا عن عدم رصد وزارة الماليّة أموالًا للمتعاقدين على رغم وعود المعنيّين في الملفّ مباشرة.

لجنة المتعاقدين المهنيّين

استمعت “مناطق نت” إلى مصادر في “لجنة المتابعة” للمتعاقدين المهنيّين، للوقوف على آخر المستجدّات المتعلّقة بحقوقهم الماليّة والتعليميّة، وتؤكّد المصادر أنّ ما وعدتهم به مديريّة التعليم المهنيّ والتقنيّ، حول موعد قبض مستحقاتهم وفق الأجر الجديد نهاية تمّوز لم يكن حقيقيًّا، وأنّ “المديريّة” ألقت المسؤوليّة على وزارة التربية الوطنيّة التي بدورها هي الأخرى، حمّلت مسؤوليّة ذلك لوزارة الماليّة، في أنّها لم ترصد اعتمادًا لحقوق المتعاقدين.

متعاقدو التعليم المهني بلا مستحقات والإضراب على الأبواب

وتضيف المصادر أنّ مصير زيادة أجر الساعة لا يزال مجهولًا، وليس هناك ما يؤكّد الزيادة طالما أنّها لم تأخذ حيّز التنفيذ. وتلفت إلى أنّ “ما وعدت به وزيرة التربية بإعطائنا كامل حقوقنا أسوةً ببقيّة القطاعات لم يتحقّق منه شيء”، مشيرةً إلى أنّ “لقاءً جرى مع المدير العام للتعليم المهنيّ والتقني هنادي برّي على هامش أعمال تصحيح الامتحانات الرسميّة، إذ أكّدت الأخيرة أنّها ستتواصل مع وزير الماليّة، لتأمين الاعتمادات الخاصّة بمستحقّات الأساتذة المتعاقدين، وبناء عليه قد تُصرف الأموال في منتصف آب المقبل أو في نهايته.”

وأخيرًا لا تستبعد المصادر أن يلجأ المتعاقدون إلى الاعتصامات والتحرّكات في حال استمرار المماطلة والتسويف في تحقيق المطالب.

آراء المتعاقدين

بعد المماطلة غير المبرّرة في صرف مستحقّات المتعاقدين وتأجيله حتّى إشعارٍ غير معروفٍ كيف ينظر المتعاقدون إلى هذا الأمر؟

تقول المدرّسة ميساء زعيتر إنّها تنتظر قبض مستحقّات ساعاتها التعليميّة على أحرّ من الجمر. “فأنا لا حول لي ولا قوّة إلّا رواتب التعاقد، وكلّ تأخيرٍ في القبض يراكم ديونًا عليَّ في الاحتياجات اليوميّة، لذلك أُصبت بالقلق حينما علمت بتأجيل موعد القبض”. وتشير لِـ “مناطق نت” إلى أنّ لديها ولديْن صغيريْن تُعيلهما، “وكلّ يوم تأخيرٍ في قبض المستحقّات يكون على حساب تأمين احتياجات ولديَّ وهو أمر لا تقبل به جميع الأديان والقوانين” تقول.

الطفيلي: التأخير في صرف المستحقّات الماليّة يوقع المتعاقد في عجزٍ ماليّ، كما هو حاصل معي اليوم، إذ إنّني أصرف من اللّحم الحيّ

وترى زعيتر أنّ ّسياسة المماطلة المتّبعة في ملفّ المتعاقدين من قِبَل المعنيّين هي بمثابة جريمة، لأنّ القضيّة هي قضيّة معيشة وحياة. وكلّ من يمنع الحياة عن الآخرين مجرم. فهل يجوز أن نبقى نستجدي أموالنا وغيرنا يتمتّع براتبه كلّ شهرٍ مع كامل حقوقه الحياتيّة؟”. داعيةً وزير المالية ياسين جابر إلى تأمين الأموال في أقرب وقتٍ “رأفةً بأطفالنا.”

وعود “عُرقوبيّة”

ويرى المدرّس المتعاقد علي الطفيلي أنّ السياسة المعتمدة من قِبَل مديريّة التعليم المهنيّ والتقنيّ، بما خصّ المتعاقدين هي وعود عُرقوبيّة غير معروفٍ متى تتحقّق؛ “وبتنا لا نعرف أين تكمن المشكلة التي يتحمّل مسؤوليّتها وزارتا الماليّة والتربية ومديريّة التعليم المهنيّ. وإذا كانت جميع هذه الأطراف بريئةً من المشكلة فأيّ جهةٍ نطالب؟”.

ويؤكّد لِـ “مناطق نت” أنّ “التأخير في صرف المستحقّات الماليّة يوقع المتعاقد في عجزٍ ماليّ، كما هو حاصل معي اليوم، إذ إنّني أصرف من اللّحم الحيّ منذ بداية السنة متّكلًا على الوعود بالقبض، وحتى الآن لا قبض ولا من يفكّرون في أن يقبّضونا.”

حيدر: أملنا في رئيس الجمهوريّة كي ينصفنا ويريحنا في وظيفتنا، بعد أن اقترب كثيرون منّا من سنّ التقاعد

ويشير الطفيلي إلى أنّ “إلغاء بدل الإنتاجيّة الذي كان معمولًا به السّنة الماضية، جاء مقابل رفع أجر الساعة والصّرف الشهريّ للمستحقّات. وكان أنّنا لم نقبض سوى الأشهر الثلاثة الأولى من العام الدراسيّ، وعلى الأجر القديم. أمّا الأشهر الخمسة المتبقّية فلا نعرف عن مصيرها شيئًا غير الوعود الكلاميّة.”

أملنا برئيس الجمهوريّة

من جهته يقول الأستاذ محمّد حيدر “إنّ ما وصلنا إليه من حالة إذلالٍ في مهنتنا تجاوز كلّ المعايير، حتّى بتنا نستجدي حقوقنا وكأنّنا نطلب صدقاتٍ، في وقتٍ يعامَل موظّفو القطاعات الأخرى بكرامة” .ويتساءل حيدر: “هل أصبح الأساتذة المتعاقدون درجةً عاشرةً في اهتمامات المسؤولين كي لا يعيروهم أدنى قيمةٍ أو اعتبار؟”.

ويضيف لِـ “مناطق نت” قائلًا: “توافرت الأموال حينما أرادت الدولة تثبيت المتطوّعين في الدفاع المدنيّ، عبر امتحانٍ شكليّ نجح فيه حتّى الأميّ منهم، في حين أنّنا نحمل شهاداتٍ عليا مع أقدميّةٍ في التعليم، وتتذرّع الدولة بعدم توافر الأموال لتثبيتنا أو إعطائنا حقوقنا بالحدّ الأدنى.”

ويختم حيدر بِأنّ “أملنا في رئيس الجمهوريّة كي ينصفنا ويريحنا في وظيفتنا، بعد أن اقترب كثيرون منّا من سنّ التقاعد، وهم لا معلّقين ولا مطلقين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى