مركز عامل في حيّ السلّم يُحاكي الركام.. “كنا وسنبقى”

“كنّا وسنبقى.. هذه جملتي التي ردّدتُها حالما سمعتُ بتعرّض مركزنا في حيّ السلّم إلى أضرار جسيمة، جرّاء القصف على حيّ شعبيّ اشتُهر بكثافته السكانيّة من لبنانيّين وسوريّين. يريد العدو قتل روح النضال فينا، خصوصًا أن مركزنا يُمثّل التحدّي والقوّة والمُثابرة، وحلم كلّ مستفيد، منذ أكثر من 10 سنوات، لكلّ شاب وصبيّة، لكلّ طَموح. لن تقتلوا فينا الطُموح وحبّ التغيير. سنعود ونبني المركز أجمل ممّا كان. كنّا وسنبقى”.

هذا المقطع نشرته سُكنة حولّي، مديرة مركز عامل الإنمائيّ في حيّ السلّم على صفحتها الافتراضيّة، ومع المقطع وثّقت بالصور حجم الدمار الذي لحق بالمركز الذي تديره، جرّاء القصف الإسرائيليّ، الذي لم يرحم الحجر والبشر، وكذلك العاملين في القطاع الإنسانيّ والإغاثيّ.

الدمار في مركز “مؤسسة عامل” في حي السلم
في الحيّ منذ 40 عامًا

تقول حَولّي لـ “مناطق نت”: “إنّ وجود مؤسّسة عامل في حيّ السلّم يعود إلى أكثر من أربعين عامًا. فالمركز هو الأوّل من نوعه في الضاحية الجنوبيّة الذي بدأ العمل مع الناس لتوفير الرعاية الصحّيّة وإقامة الدورات المهنيّة لفئتي الشباب والنساء، كجزء من دور المركز في تنميّة المنطقة وصون حقوق أهلها”.

وتضيف حَولّي “زادت الحاجة إلى المركز مع نشوب الحرب السوريّة ولجوء عديد من السوريّين إلى منطقة حيّ السلّم، في ظلّ غياب المُساندة، فاتّخذت المؤسّسة قرارها بإطلاق مركز تنمويّ منفصل عن الأوّل، ومعنيّ بالرعاية الصحّيّة الأوّليّة بسبب ضيق مساحة المركز، والحاجة الكبيرة له في المنطقة. وفي العام 2014 انطلقت برامج المركز الاجتماعيّ التنمويّ الجديد، وتركّزت مهمّته على بناء الفكر وتنمية القدرات البشريّة”.

تشرح حولّي عن طبيعة عمل المركز فتقول: “أقام المركز كثيرًا من الدورات المهنيّة، والجلسات النفسيّة للنساء والشابّات والشباب، كذلك قدّم الحماية والدعم النفسيّين والتعليم للأطفال ممّن لم يدخلوا مدارس أبدًا، أو تسرّبوا من المدرسة على مدى عامين”. تضيف: “المركز يعمل مع 1800 طفلِ تقريبًا من النازحين السوريّين والمواطنين اللبنانيّين بحلقات توعية شاملة، ومع 700 امرأة سنويًّا وبجميع الأنشطة”.

المبنى المهشم حيث يقع مركز “مؤسسة عامل”.
مساحة آمنة للفتيات

وتردف “كان المركز يضمّ مساحة آمنة للفتيات اللواتي يحضرْن لقضاء وقت ترفيهيّ وقراءة قصص في مركز حيّ السلّم، مركزنا مهمّ جدًّا للكبار والأطفال، وكان يستقبل شرائح مختلفة من جميع الجنسيّات، سواء لبنانيّة أو سوريّة أو عراقيّة أو فلسطينيّة وغيرها، والأهمّ كان المركز مصدر أمل وطاقة ومُلهم للعمل الفعّال عند كثيرين، إضافة إلى التأهيل المهنيّ والتدريب”.

تختم حولّي “اليوم، إسرائيل دمرّت المركز، وهي التي لا تعرف حدودًا، ولا تحترم حُرمة المراكز الصحّيّة والإنسانيّة، لكنّنا لن نتوقّف عن مساعدة أهلنا وناسنا، ففريق “عامل” يشتغل اليوم في مراكز الإيواء الـ 170 المنتشرة على الأراضي اللبنانيّة. ويقدّم الدعم النفسيّ للناس، وما تيسّر من مساعدات إنسانيّة، وسنُعيد الحياة إلى مركز حيّ السلّم التنمويّ، وسنبقى نعمل في سبيل الكرامة الإنسانيّة وحقوق الأفراد وللجميع”.

حولّي: المركز يعمل مع 1800 طفلِ تقريبًا من النازحين السوريّين والمواطنين اللبنانيّين بحلقات توعية شاملة، ومع 700 امرأة سنويًّا وبجميع الأنشطة

مركز في مراكز

لم يكن المركز الذي تديره حولي ويتبع “مؤسّسة عامل” في حيّ السلّم وحده الذي تضرّر، فهناك عشرة مراكز من بين أربعين مركزًا تتبع المؤسّسة وتنتشر في مناطق الجنوب والضاحية والبقاع أصيبت بأضرار بالغة جرّاء الاعتداءات الإسرائيليّة المتواصلة منذ سنة وشهر. من بين المراكز العشرة هناك سبعة مراكز رعاية صحّيّة أوّلّية، أبرزها مستوصف صحّيّ ثانٍ لـ”عامل” في حيّ السلّم، إضافة إلى “مركز التنمية الاجتماعيّة”، وهو يقع بالقرب من المركز المُدمّر، ودوره علاجيّ طبّيّ للنازحين السوريّين وللمواطنين اللبنانيّين أيضًا، ولكلّ قاصد من هذه البيئة المُعدمة اقتصاديًّا.

وأيضًا “مركز بشّار مهنّا ومسلم عقيل” في منطقة الشيّاح، ومركز الرعاية الصحّيّة الأوّليّة في مدينة الخيام، ومركز النبطيّة في بلدة كفرجوز، ومركزا العرقوب، والفرديس للرعاية الصحّيّة والتنميّة الاجتماعيّة، ممّا أدّى إلى خروجها من الخدمة كلّيّا. وكانت “مناطق نت” قد تناولتهما في تقرير سابق.

تاريخ من الاعتداءات

ترفع مؤسّسة عامل شعار “أوّل من يستجيب للناس وآخر من يخرج من القرى والبلدات”. تماشياً مع رسالتها التي انبثقت في مواجهة الاجتياح الإسرائيليّ في العام 1978 وحتّى هذا اليوم. لعلّها المرّة الأولى منذ العام 1979 تُغلق فيها “مؤسّسة عامل” أبوابها في الجنوب والضاحية، بعد أن صمدت هذه المراكز في مختلف الظروف، لكن نتيجة الاعتداءات الوحشيّة الشاملة التي تشنّها إسرائيل هذه المرّة، رأى المعنيّون في المؤسّسة أن مراكزهم مُعرّضة للخطر الشديد، لذا اتّخذوا قرارًا بإخلاء المراكز المُنتشرة في كلّ من الضاحيّة والجنوب.

من أحد الأنشطة في المركز قبل الحرب
أهداف بشريّة

حاليًّا، يساند فريق مؤسّسة عامل 170 مركزًا للإيواء، ويساهم في مساندة مراكز أخرى بحسب الحاجة، وقد فعّلت المؤسّسة عيادات نقّالة جديدة لتعزيز استجابتها للحرب.

يقود فريق المؤسّسة أكثر من 2300 عامل ومتطوّع من كلّ لبنان، يقفون إلى جانب الناس كشركاء لهم في هذه المحنة، إذ إنّ عددًا كبيرًا من فريق المؤسّسة هم من النازحين أنفسهم، ويعملون في النهار من أجل الناس، وفي الليل يشاطرونهم صعوبات النزوح والحرب.

ووفق بيان سابق لمؤسّسة عامل ذكرت فيه أنّه “منذ 23 أيلول (سبتنبر) وحتى 15 تشرين الأول (أكتوبر)، استطاع فريق عامل ضمن مراكز الإيواء والتجمّعات الموجودة للنازحين، تأمين أكثر من 10 آلاف معاينة طبّيّة منوّعة، من ضمنها توفير لقاحات الأطفال، وتوزيع 43060 مادّة عينيّة، وتنظيم أكثر من 20 ألف نشاط وجلسة توعية وإسعافات أوّليّة لكلّ الأعمار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى