“سرفيس موتور” يجتاح المتن!
راشيل كيروز
“سرفيس موتور” ظاهرة جديدة تعتمد على موتوسيكل للتنقل تجتاح لبنان في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار البنزين. فالمواطن اللبناني لم يعد قادرًا على دفع أسعار “السرفيس” الجديدة التي تجاوزت الخمسة عشرة ألف ليرة لبنانية. إضافة إلى الصعوبة التي يواجهها بايجاد سيارة أو وسيلة نقل. والسبب أزمة البنزين المتفاقمة التي أرغمت الكثير من السائقين على التوقف عن العمل.
لكن بالرغم من المصائب التي حلّت على اللبنانيين نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، لا زال اللبناني قادراً على خوض التحديات واجتراح الحلول. من خلال خلق طرق تساعده على الاستمرار، وتنعكس في الوقت نفسه على الغير وتمكنهم من توفير الوقت والمال.
فكرة بدأت كمزحة واستمرت كعمل
شربل خوري صاحب فكرة “سرفيس موتور”، يقول إن “فكرته لم تكن في الحسبان إطلاقًا، فهي بدأت كمزحة بينه وبين أصدقائه بعد أن وصلت تسعيرة السرفيس لـ ١٥ ألف ليرة لبنانية، وبسبب ظروفه المادية الصعبة هو واصدقاؤه وشريحة كبيرة من اللبنانيين ليس بمقدورهم ان يتأقلموا مع التسعيرة الجديدة، اقترح أن يحولوا دراجاتهم النارية إلى “تاكسي”، ويشرح شربل ” حددنا تسعيرة السرفيس بـ ٨٠٠٠ ليرة لبنانية، على أن يكون العمل ضمن نطاق “المتن”، أي مناطق النبعة، برج حمود، سن الفيل، الدكوانة وغيرها، فيكون الوضع ملائماً من ناحية التوفير وإفادة المواطن الذي لا زال يتقاضى راتبه على سعر صرف 1500 ليرة للدولار.
بدنا شغل من غيمة!
المواطن اللبناني اعتاد المعاناة ومواجهة المصاعب وبما أن “الحاجة أم الاختراع” اندفع شربل واصدقاؤه للعمل على التسويق لفكرة الموتوسيكل. ويشير إلى أنه “بدأنا التسويق لفكرتنا عبر الواتساب” والمفاجأة كانت أننا تلقينا إتصالات ورسائل عديدة، منهم من أراد أن يحجز “تاكسي” مسبقاً وفي وقت محدد. يتابع شربل “بدأت التواصل مع العديد من الأصدقاء الذين هم بحاجة إلى عمل ويملكون “موتوسيكل”. وهكذا تقاسمنا أنا وأصدقائي العمل لكي نتمكن في المستقبل من أن نتوسع خارج المتن”.
“الموتور” VS بنزين؟
أزمة البنزين لا زالت تتفاقم يوميًا، وفي الكثير من الأحيان لا يستطيع المواطن أن يذهب إلى عمله نظرًا لعدم توفر المادة في المحطات التي تقفل أبوابها بوجه المواطنين. ناهيك عن الوقوف لساعات طويلة في الطوابير للحصول على مادتي البنزين والمازوت بكميات قليلة.
عن موضع إمكانية التصدي لهذه الازمة يلفت شربل إلى أن “حال الحصول على البنزين لأجل موتوسيكل ليس أفضل من حال الحصول عليه للسيارات. فالوقوف لساعات طويلة أمام المحطات للحصول على كمية قليلة من البنزين أمر لا مفر منه”. لكن يوضح شربل أن كمية الوقود التي يستهلكها التنقل في الدراجة أقل بكثير من تلك التي تستهلكها السيارة. لكن تبقى المعضلة الاضطرار لشراء البنزين من السوق السوداء إسوة بالمواطنين.
رحلتي كانت أسرع وأمتع!
عن تجربته مع “سرفيس الموتو” قال أحد الموظفين في مستشفى الروم المقيم في المتن لـ “مناطق” أنه “وجد فكرة “سرفيس الموتو” للانتقال إلى العمل رائعة من نواحي عدّة أبرزها توفير الوقت. فمسافة الطريق التي كانت تستغرق نصف ساعة، أصبحت مع استعمال موتوسيكل للتنقل تستغرق عشرة دقائق فقط. وذلك بسبب تخطي موتوسيكل زحمة السير واختصار المسافات” إضافة لاستمتاعه بمشهد حركة الناس وعدم الشعور بالحر والتعرُّق واصفًا شعوره بالأدرينالين”.
وأوضح الموظف أن “هناك العديد من الموظفين لا زالوا يتقاضون رواتبهم وفق سعر الصرف القديم والذي يوازي 1500 ليرة بينما هو في السوق الموازية تجاوز العشرين ألفاً في بعض الأحيان. لذلك أصبحت فكرة “سرفيس الموتو” تشكّل وفراً أكثر بكثير له وللعديد من الناس”.
للنساء حصة مع “سرفيس موتور”
من جهتها، قالت إحدى السيدات التي تستقل “سرفيس الموتو” وتقطن في المتن إنها “أصبحت حركتها في التنقل أفضل، وتخرج الآن أكثر لتلبية حاجاتها وواجباتها المنزلية مثل دفع مستحقاتها وجلب أغراض المنزل الخفيفة التي لا تحتاج لمساحة كبيرة. وفي الوقت نفسه وأهمها بخضم أزمة الحر الاعتماد على موتوسيكل للتنقل يساعد كثيرًا”.
التعايش مع الواقع المزري وفي الوقت نفسه مواجهته من خلال اجتراح الحلول هو ما يعمل المواطن اللبناني عليه ليل نهار، فهو يواجه انهياراً شاملاً في كل القطاعات وعلى المستويات كافة. حيث انعدام الخدمات وفقدان المواد يفرض نفسه واقعاً مأساوياً على حياة اللبنانيين. لكن يبقى السؤال الأصعب؟ هل ما نعيشه الآن هو الواقع الجديد لنمط العيش الذي علينا اعتياده والتأقلم معه، أم أن واقعاً أكثر صعوبة هو ما ينتظرنا!
يبقى شربل بـ ”سرفيس موتو” يعاند الواقع بما استطاع من قوة، لعله يتخطى ذلك ويعبر إلى الضفة الأخرى.