موسم الأعياد وخسارات الحرب.. لا سيّاح ولا من يتسوّقون
لا يبدو أنّ الأعياد التي اقترب موعدها، ستكون مثل سابق عهدها في كلّ عام، فالحرب التي وضعت أوزارها في الـ 27 من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تركت ندوبًا قاسية على مجمل نواحي الحياة في لبنان، وإن تفاوت ذلك بشكل كبير بين منطقة وأخرى، لكن وعلى الرغم من كلّ ذلك، يترقّب اللبنانيّون موسم الأعياد، وباتت الأنظار متّجهة نحو الحركة السياحيّة والتجاريّة، التي من المنتظر أن تشهدها الأسواق والفنادق والمطاعم والمقاهي خلال هذه الفترة من العام، خصوصًا أنّ ذلك يترافق مع عودة عديد من شركات الطيران إلى تسيير رحلاتها إلى مطار رفيق الحريري الدوليّ.
وعلى عادتها، تصدّرت مدينتا جبيل والبترون قائمة المدن الأكثر تألّقًا في هذه الفترة من العام، حيث شهدت جبيل إضاءة شجرة العيد في الشارع الرومانيّ وافتتحت سوق الميلاد. وحمل شعار زينة الميلاد لهذا العام عبارة “بهالميلاد، الأمل بيضوّي بجبيل”، حيث تمّت إضاءة الشجرة بأكثر من 10 آلاف متر إنارة وهي “ترمز إلى الأمل بلبنان الجديد المستقرّ سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا وسياحيًّا، لبنان الذي نريده بطوائفنا كافّة”، وفقًا لرئيس البلديّة وسام زعرور.
أمّا البترون، فقد تحوّلت إلى مساحة جغرافيّة مليئة بألوان العيد التي تغطّي ساحاتها الرئيسة وأحياءها وشوارعها، وتحرص على أن تكون من أكثر المدن الجاذبة للبنانيّين والسائحين خلال هذه الفترة من العام. وتشهد المدينة مجموعة من النشاطات المجّانيّة المختلفة التي ترضي الكبار والصغار، بعد تنظيمٍ تمّ تحضيره بالتعاون مع البلديّة ولجنة مهرجانات البترون على مدى أيامٍ.
تحسّن طفيف بقطاع الفنادق
يرى رئيس اتّحاد النقابات السياحيّة ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، في حديث لـ “مناطق نت”، أنّ “الأمر الإيجابيّ هو انتهاء الحرب على لبنان، إذ إنّ الحروب هي العدوّ الأولى لكلّ ما يتّصل بالسياحة”. ويلفت الأشقر إلى أنّ “هذا القطاع لم يُسجّل إقبالًا كبيرًا على الحجوزات، لأنّ غالبيّة الفئات التي ستزور البلاد خلال موسم الأعياد، هم من المغتربين اللبنانيّين وليسوا سائحين أجانب، وهؤلاء لديهم منازل في لبنان ولن يُقيموا في الفنادق”، مضيفًا “لذا، يمكن القول إنّ قطاع الفنادق يشهد تحسّنًا، لكن بشكل بطيء جدًّا لا يتمثّل بأكثر من نسبة 10 إلى 15 في المئة من إمكانيّاتنا”.
ويوضح الأشقر أنّ “كثيرًا من الدول الغربيّة ما زالت تُقيم حظرًا على قدوم رعاياها إلى لبنان، باعتباره ما زال مكانًا غير آمن، وهذا ما يحدُّ من أعداد السائحين”. ويؤكّد أنه “من الملاحظ عدم وجود حفلات كبيرة مع فنّانين من الصفّ الأوّل خلال سهرة رأس السنة لهذا العام، مع العلم أنّ هذا النوع من الحفلات، اعتاد عليها لبنان وهي نقطة جذب مهمّة للسائحين ولا سيّما العرب”.
ويُشير الأشقر إلى أنّ “العودة إلى الوضع الذي كان قائمًا قبل سنوات من نموّ لهذا القطاع، يحتاج إلى مُصالحة مع دول الخليج العربيّ، وهذا يجب أن يكون ضمن أولويّات رئيس الجمهوريّة العتيد، فالخليج هو العمود الفقريّ للسياحة في لبنان وجميع بلدان العالم تسعى إلى جذب هذه الفئة”.
موسم الأعياد: لمحة أمل
من ناحيته، يوضح نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والملاهي والباتيسري، خالد نزهة، في حديث لـ “مناطق نت”، أنّ “قطاع المطاعم تضرّر بشكل كبير في الحرب الأخيرة وكان يعيش مرحلة صعبة جدًّا، فهذه المؤسّسات قد أقفلت في محافظتي الجنوب والبقاع، كما شهدت بيروت تراجعًا وصل إلى حدّ الـ 85 في المئة خلال فترة الحرب ولا سيّما في مناطق مُعيّنة مثل بدارو”.
نزهة غير متفائل بإمكانيّة قدوم أعداد كبيرة من السائحين خلال فترة الأعياد، فوقف إطلاق النار دخل حيّز التنفيذ في الـ 27 من تشرين الثاني، أيّ قبل أيّام قليلة من شهر كانون الأوّل (ديسمبر)، “وعادةً ما يخطّط السائحون وجهتهم لقضاء عطلة الأعياد قبل شهر أو شهرين”، وفقًا لنزهة.
ويلفت إلى أنّ “هناك مشكلة في أنّ كثيرًا من الخطوط الجوّيّة للشركات الأوروبّيّة والأجنبيّة لم تعد بعد إلى مطار رفيق الحريري، وهذا ما يؤثّر سلبًا على القادمين إلى لبنان، إذ إنّه ينعكس على غلاء أسعار التذاكر نتيجة كثرة الطلب وقلّة العرض”، مضيفًا أنّ “هناك كثيرًا من المواطنين ممّن تركوا البلاد خلال فترة الحرب لم يعودوا بعد بانتظار استقرار الأوضاع”.
ويوضح نزهة أنه “في فترة ما بعد الحرب، فإنّ القطاع شهد بعض التحسّن ولكن ليس مثل العام الماضي، وفي المجمل يبقى موسم الأعياد لمحة أمل وعاملًا مساعدًا لهذا القطاع الذي أنهكته الحرب وعدم الاستقرار الأمنيّ والسياسيّ”. ويضيف “ثمّة عامل سلبيّ آخر هو أنّ عطلة الأعياد لهذا العام قصيرة وهذا ما سيحدّ من نموّ القطاع خلال هذه الفترة”.
ويؤكّد نزهة أنّ “الفنّانين الكبار لن يحييوا حفلات في لبنان هذا العام لأنّهم عادةً ما يرتبطون بعقود عمل لهذه المناسبة قبل عدّة أشهر، ولكنّ جميع المقاهي والمطاعم ستُقيم الحفلات كما كلّ عام وبشكل يُناسب مختلف الطبقات”.
وعلى صعيد زينة الميلاد في المناطق والبلدات اللبنانيّة، يستغرب نزهة سبب “تقاعس الدولة اللبنانيّة عن مسؤوليّتها في مرعاة هذا الجانب من الأعياد نظرًا لأهمّيّته، فنحن كنّا نتمنّى أن تتواجد هذه الزينة على امتداد جميع البلدات والقرى اللبنانيّة”. ويختم أنّ “هدفنا الأساس هو أن تكون السياحة مستدامة وليست سياحة في فترة الأعياد”، إنّ قطاعنا آخر ما تبقّى من لبنان الجميل والفرح والسياحة”.