ناقوس الخطر يدقّ أبواب مركز الرعاية الصحّيّة في عرسال

فجأة وبدون مقدّمات، عمدت “جمعيّة الأمين” إلى فضّ شراكتها مع مركز الرعاية الصحّيّة الأوّليّة في بلدة عرسال، وعند مراجعة إدارة الجمعيّة كان الجواب أنّ القرار ليس بيدها، وهو عائد إلى مركز الملك سلمان بن عبد العزيز، كونه الجهة المموّلَة. وقد ارتأى القيّمون عليه نقل الدعم إلى الداخل السوريّ، من دون مراعاة نتائج تلك الخطوة التي سيكون لها حتمًا آثار سلبيّة صحّيّة كبيرة على عرسال ومخيّماتها، إذ خلال السنوات الخمس لتولّيه مركز الرعاية الصحّيّة، تحوَّل المركز إلى رئة صحّيّة فعليّة لأبناء البلدة البقاعيّة والقرى المجاورة لها، وكذلك الأمر بالنسبة للاجئين السوريّين.

نقلة نوعيّة

أحدثت الشراكة التي عُقِدت العام 2019 بين البلديّة ومركز الملك سلمان لإدارة المركز عبر جمعيّة الأمين، نقلة نوعيّة في تقديمات المركز الصحّيّة، بحسب مديرته السيّدة سليمة الحجيري، “فإلى جانب الخدمات الطبّيّة الأوّليّة، تمَّ تجهيزه بغرفة طوارئ، جهاز تصوير سكانر، أجهزة تصوير أشعة وإيكو وبانوراميك وماموغرافيك، كذلك تمَّ تحديث المختبر ومعدّاته، إضافة إلى عيادة تخطيط قلب، وعيادتي أسنان، وكذلك تمَّ تأهيل العيادات جميعها، نسائيّة وعظميّة وتجبير، وأطفال ومسالك بولية”.

مركز الرعاية الصحّيّة في عرسال
خليّة في الحرب وكورونا

خفَّف المركز الذي قدَّم جميع خدماته الصحّيّة مجَّانًا، طوال السنوات الماضية، والأدوية كذلك، كثيرًا من كلفة الفاتورة الاستشفائيّة على المواطنين. في هذا الصدد تقول الحجيري لـ “مناطق نت”: “وصل معدّل المراجعين اليوميّ إلى 250 مراجعًا، من لبنانيّين وسوريّين، نظرًا إلى مجّانيّة خدماته، وفي السنتين الأخيرتين ازداد بشكل ملحوظ عدد المراجعين من جيراننا في القرى والبلدات المجاورة، وبخاصّة التصوير والتحاليل المخبريّة وعيادات الأسنان والدواء المزمن”.

وخلال جائحة كورونا تحوّل المركز إلى خليّة صحّيّة لا تنام، أشرف فريقه الطبّيّ والتمريضيّ على متابعة علاج الإصابات ونقلها إلى المستشفيات. وحتّى حالات الوفاة، عمل الفريق بحسب المسعفة هناء عزالدين على “تجهيزها للدفن بحسب إرشادات وزارة الصحّة، كذلك خلال العدوان الاسرائيليّ على لبنان في العام الماضي، كان لفريق المركز الطبي دور كبير في متابعة الحالات الصحّيّة في مراكز الإيواء الثمانية في البلدة”.

فقدان الرزق والعلاج

عزالدين مثل زملائها مهدَّدَة بفقدان لقمة عيشها، تقول لـ “مناطق نت”: “توقُّف عمل المركز يشكّل مأساة فعليّة، صحّيًّا على المريض، ومعيشيًّا على العاملين فيه، فنحن 23 ممّرضة وممّرضًا، وستّة مستخدمين، يعاين فيه كذلك 22 طبيبًا من جميع الاختصاصات. الكلّ متضّرر، أيضًا مرضى غسيل الكلى، إذ كان المركز يؤمّن لهم سيارة نقل إلى مراكز غسيل الكلى في مستشفيات المنطقة، الآن بات عليهم تكبّد نفقات النقل، أمنيتنا إيجاد حلول سريعة لاستمرار عمل المركز”.

الحجيري: وصل معدّل المراجعين اليوميّ إلى 250 مراجعًا، من لبنانيّين وسوريّين، نظرًا إلى مجّانيّة خدماته، وفي السنتين الأخيرتين ازداد بشكل ملحوظ عدد المراجعين من جيراننا في القرى

أين البلديّة؟

ما يزيد الطين بلّة ويفاقم الأزمة، انفراط عقد البلديّة العام 2022 وتسيير أمورها من قبل المحافظ. في هذا الإطار يرى نائب رئيس البلديّة السابق نصرات رايد، أنَّ “المركز بالأساس هو من مهمّة وزارة الصحّة العامَّة، لكن مثل جميع مناطق الأطراف، الاهتمام ضعيف بالبلدة كونها نائية، وبالطبع هناك أسباب سياسيّة، إضافة إلى واقع أزمة الدولة”. و

يتابع رايد لـ “مناطق نت”: “أملنا أن تكون خطّة تشغيل المركز الصحّيّ أولويّة لدى البلديّة المقبلة، وأن تعمل على استدامة عمله، من خلال البحث عن شركاء جدد، ريثما يصبح قرار إنشاء المستشفى الحكوميّ واقعًا، مع الإشارة إلى أنّ المركز، إذا توافرت النوايا الصادقة يمكنه سدّ معظم الاحتياجات الطبّيّة التي لا تستوجب دخول المستشفى”.

مركز للعلاج الفيزيائيّ

على هامش الشراكة مع مركز الملك سلمان، تمَّ في المركز، تأهيل وتطوير مركز للعلاج الفيزيائيّ، متخصّص بالمعوّقين وذوي الاحتياجات الخاصّة، فيؤّمن لهم الخدمات العلاجيّة مجّانًا، وكذلك بعض الأجهزة الداعمة الضروريّة. يشير رئيس المركز الدكتور عدنان الحجيري لـ “مناطق نت” إلى “أنّ الخدمات مستمرّة حتّى آخر الشهر، ونحن نعمل بجدّيّة وسرعة على تأمين شراكة مع إحدى الجهات الداعمة، فوجود مركز العلاج الفيزيائيّ أكثر من ضروريّ، وتوقّفه يمكن أن يؤدّي إلى أضرار صحّيّة وبخاصّة عند الأطفال، فبعضهم الآن في منتصف مرحلة العلاج، وتوقّفه يعني عودتهم إلى نقطة الصفر، وهذا ما نسعى إلى تحاشيه”.

مصادر في وزارة الصحّة، أكّدت في اتّصال مع “مناطق نت” بأنّ أقصى ما يمكنها فعله حاليًّا، هو تزويد مركز الرعاية الصحّيّة الأوّليّة بكميّات مقبولة من الأدوية، يتمّ توزيعها مجّانًا على المرضى، أمّا دعم الموازنة التشغيليّة للمركز فهو متعذّر في الوقت الحاليّ. يبقى الحل العمليّ الوحيد، هو انتظار وصول بلديّة جديدة، تعي أهمّيّة المركز صحّيًّا وأهمّيّة استدامته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى