نجحوا ثمّ اعتبروا فائضًا.. أساتذة التعليم الثانويّ يستجدون الوظيفة

من وزير إلى نائب، يتنقّل ملفّ فائض مباراة مجلس الخدمة المدنيّة الذي أجري العام 2016 عن وظيفة أستاذ تعليم ثانويّ وأطلق عليه “الفائض”، إذ نجح في تلك المباراة حوالي 1400 أستاذ وأستاذة. لكن ووفق المثل اللبنانيّ على الوعد يا كمّون، ومن محسوبيّات لمحسوبيّات، ينام هذا الملفّ في أدراج النسيان. ولا من يحسب له حسابًا يحسم جدليّة الانتظار.

منذ العام 2016، أيّ ما يُقارب عقدًا من الزمن، وهناك من ينتظر على أمل نيله استحقاق التوظيف. “الامتحانات كانت صعبة وما فيها لا واسطات ولا محسوبيّات، ما نجح إلّا اللّي بيستاهل، وطالما نحن أثبتنا كفاءتنا لازم نتثبّت” تقول سلوى الغازي وهي ممّن نجحوا في الامتحانات واعتبروا فائضًا.

كانت الغازي معلّمة في التعليم الخاص (ولا تزال)، عندما شاركت في المباراة، وكان لديها أمل بالتثبيت، على غرار الفائض في غير قطاعات، مثل حرّاس الأحراج والدفاع المدنيّ الذين أدخلتهم الدولة في ملاكها، ليس من وقت بعيد (ولربّما قلّة عددهم هي السبب).

علا قنطار

من جهتها أطلّت الدكتورة والإعلاميّة علا قنطار عبر صفحتها على الـ “فيسبوك”، وقالت إنّها كانت من ضمن المتبارين في امتحان مجلس الخدمة المدنيّة العام 2016، وقد علّقت على نجاحها آمالًا كبيرة لا سيّما وأنّ الامتحانات لم تكن سهلة، وهي أستاذة في التعليم الثانويّ في المدارس الخاصّة منذ مدّة طويلة.

تضيف قنطار أنّ “الظلم الذي لحق بملفّ الفائض، دفع كثيرين إلى تطوير ذواتهم” في إشارة إلى أنّها تابعت لنيل شهادة الدكتوراه في اختصاصها.

اللجنة المركزية للفائض

تُعرّف اللجنة المركزيّة لمتابعة شؤون فائض مباراة مجلس الخدمة المدنيّة العام 2016 عن وظيفة أستاذ تعليم ثانويّ، بأنّها مجموعة من المواطنين اللبنانيّين من جميع الطوائف والمحافظات اللبنانيّة، ممّن تمكّنوا في العام 2016 من تحقيق النجاح من خلال امتحانات مجلس الخدمة المدنيّة وبإشراف وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان للتثبيت في التعليم الثانويّ.

في حينه، تمّ أخذ الدفعتين الأولى والثانية من الناجحين، وقام بعدها وزير التربية إلياس بوصعب بإعداد دراسة بيّنت الحاجة إلى 900 أستاذ إضافي، لكن وتبعًا لمحاصصات طائفيّة، لم يتمّ أخذ أحد وتمّ تعيين ثلاثة من ذوي الهِمم، بحسب ما تقول أستاذة من الفائض فضّلت عدم ذكر اسمها.

بدأ “الفائضون” عملهم بتأسيس لجان لاستعادة صوتهم، والعمل على إيصال قضيّتهم، فالملفّ أوقف بحجّة التوازن الطائفيّ، وهناك ناجحون كُثر ما زالوا ينتظرون دورهم.

بدأ “الفائضون” عملهم بتأسيس لجان لاستعادة صوتهم، والعمل على إيصال قضيّتهم، فالملفّ أوقف بحجّة التوازن الطائفيّ، وهناك ناجحون كُثر ما زالوا ينتظرون دورهم.

مجموعات متفرّقة

على منصّة “واتس أب” أُنشئت مجموعات باسم الفائض تضمّ جميع الناجحين من أقصى الشمال حتّى الجنوب والبقاع وبيروت، يبادر المشرفون عليها إلى إضافة كلّ الذين نجحوا من جميع أنحاء لبنان واعتبروا فائضًا، إذ يُجمعون على تمسّكهم بحقّ التوظيف. ويحثّون بعضهم البعض على استغلال أيّ فرصة لتحقيق التجاوب الإعلاميّ والرسميّ مع قضيّتهم.

لكلّ من هؤلاء الناجحين قصّته، ومنهم الأستاذة هالة دياب، وهي أستاذة “متعاقدة أساسيّ رسميّ ومهنيّ” منذ العام 2012، رقمها اثنان في الفائض، عن اختصاص العلوم الاجتماعيّة في قضاء المنية. تقول دياب لـ “مناطق نت”: “تمّ تشكيل عديد من المجموعات للنقاش بأبرز التطوّرات المتعلّقة بالملفّ، وقمنا بزيارات لأشخاص على علاقة بالشأن التربويّ ومسؤولين في المنطقة، مثل النائب الدكتور أشرف بيضون، وفهمي كرامي، وحسن مراد ونسعى إلى تحديد موعد مع وزيرة التربية، وكلّ منهما طلب منّا إحصاء أعداد الفائض، فقمنا بإنجاز ذلك وقابلنا مستشار الوزيرة ماهر حسنيّة وسلمناه الإحصاء”.

تشير هالة إلى أنّه مع انعقاد الجلسات النيابيّة “أصبحت لدينا فرصة لتوجيه الأنظار نحو قضيّتنا، لازم نتعاون مع بعضنا”.

حفظ الحقّ

من ناحيتها تحدّثت موظّفة في ملاك الدولة عن حفظ الحقّ وعن أوضاع الفائض. تقول لـ “مناطق نت”: “هناك نسبة لا بأس بها من ملاك الدولة فئة رابعة هم ناجحون فئة ثالثة ويحقّ لهم الترفّع إلى الفئة الثالثة بعد نجاحهم في مجلس الخدمة، في وظيفة تعليم ثانويّ وقضوا عمرًا في الوظيفة”.

من أحد الاضرابات المطلبية أمام وزارة التربية

تتابع الموظفة “يطالب هؤلاء بحقّهم القانونيّ والدستوريّ وما زالوا ينتظرون التثبيت في الوظيفة، وبحسب الإحصاءات يتبيّن أنّ هناك نقصًا كبيرًا في الكادر التعليميّ، وتراجع في جودة التعليم الرسميّ، والحلّ هو الإسراع في تثبيت الناجحين في التعليم الثانويّ الرسميّ ضمن الفائض الحاليّ”. ثمّ تعلّق إحدى الناجحات: “أصغرنا تخطّى الثلاثين، ولم تعُد أمامنا فرص كبيرة”.

عدد لا بأس منه من الناجحين هم من المتعاقدين في المدارس والثانويّات الرسميّة، ما يعني أنّ هذا لا يكبّد الخزينة العامّة أعباء ماليّة إضافيّة. تضيف الموظفة “منذ عشر سنوات هناك حفظ حقّ لأخذ الجميع، وهو إجراء قريب للقانون المُلزم، لكن هناك إشكاليّات في تفسير ذلك، وحفظ الحقّ هو أمر ملزم حتّى لو امتدّ عشرين سنة مقبلة، ولا يمكن أن تُجرى امتحانات في الموادّ التي فيها فائض، طالما هناك أعداد فائض كبيرة”.

وتلفت الموظفة إلى أنّ “هناك قسمًا من المتعاقدين مع المدارس الرسميّة، تقدّموا آنذاك إلى امتحانات مجلس الخدمة المدنيّة ولم ينجحوا، والمفارقة أنّ الدولة أبقت عليهم في وظائفهم، في حين أنّ هناك كُثرًا ممّن نجحوا هم أحقّ بالتوظيف”.

“وظِّفونا بتكسبونا”

وتشير الموظفة إلى أنّ “هناك أسبابًا تجعل التثبيت حاجة وضرورة، منها أنّ قسمًا كبيرًا من الفائض هم أساتذة متعاقدون في الثانويّات الرسميّة، وهناك قسم تعاقد ابتدائيّ ومهنيّ، وهناك مُستعان بهم”. وتُضيف: “هؤلاء الدولة تدفع لهم معاشاتهم”.

الغازي: بحسب تقارير من الوزارات تفيد أنّ نسبة الموظفين في الدولة هي 30 في المئة، وهناك نقص بنسبة 70 في المئة داخل ملاك الدولة

وفي هذا الصدد تقول الغازي: “بحسب تقارير من الوزارات تفيد أنّ نسبة الموظفين في الدولة هي 30 في المئة، وهناك نقص بنسبة 70 في المئة داخل ملاك الدولة”.

عراقيل وتدابير

إحدى المعضلات في الملفّ تعود، وبحسب الموظفة، إلى أنّها “تكمن في الحاجة إلى معلّمين في مادّة الرياضيّات باللغة الانكليزيّة، وهذه الفئة نسبتها قليلة في الفائض، وهناك حاجة إلى نسبة عالية منهم في الملاك، إذ إنّ هناك توجّهًا في غالبيّة المدارس نحو التدريس باللغة الإنكليزيّة كلغة ثانية، فقام عديد من هؤلاء الأساتذة بالخضوع إلى دورات لغة كي يتمكّنوا من القيام بتدريس الرياضيّات في القسم الإنكليزيّ، وهو أمر رائج في المدارس”.

وتبرز المعضلة الثانيّة في مادّتين هما: اللغة العربيّة والتربية، فهناك أعداد فائض كبيرة في هاتين المادّتين، تفوق الحاجة الأساسيّة في المدارس، حتّى لو تمّ أخذ قسم كبير منهم.

وتشير الموظفة إلى أنّ اللجنة المركزيّة للفائض تبذل محاولات حثيثة لمنع عرقلة الملف، وأخذ أكبر قدر ممكن من الفائض، مع التوجّه نحو اقتراح قانون يقضي بفتح المحافظات على بعضها، ما قد يتيح الفرصة للتوظّف في محافظة قريبة تكون الحاجة فيها ضروريّة في مقابل ضعف الحاجة في محافظة يقيم فيها أحد الناجحين في الفائض.

يومًا بعد يوم، تظهر الحاجة إلى هذا القانون الذي يقضي بفتح آفاق التعليم من خلال فتح المحافظات والأقضية على بعضها. وتضيف الموظفة: “هناك اقتراحات كثيرة، أضيف منها أيضًا، قانون يلحظ الحاجة إلى إداريّين (مديرون، نُظّار، أُمناء مكتبة، مسؤول مختبر) وكذلك هناك كثير من الوزارات التي تحتاج لموظّفين ناجحين، بإمكانهم الالتحاق بوزارات أخرى”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى