550 نازحًا في مدارس صور.. الحرب لم تنتهِ بعد

في أحد مراكز الإيواء في مدينة صور، يجلس عزيز السيّد، أحد النازحين من بلدته بيت ليف مع عائلته المكوّنة من زوجته وأربعة أبناء، في غرفة تحتوي على بعض المستلزمات، من غاز وفرش وأمتعة وثياب. الحرب بالنسبة إلى عزيز لم تنتهِ بعد، طالما أنّ معاناة النزوح التي بدأت مع حرب الإسناد في الثامن من تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023 مستمرّة.
يصف السيّد لـ “مناطق نت”، ما مرّ عليهم بـ “الدمار والخراب والصعوبات”، ويُشير إلى أنّه زار منزله في بلدته ليجده مدمّرًا “وما بقي منّو شي”، مضيفًا أنّه سيعود إلى بلدته فـ “نحن لا نتخلّى عن أرضنا مهما حدث، ولكنّني أنتظر في الوقت الحالي إعادة الإعمار”. ويلفت إلى أنّه “ينتظر الحصول على تعويض الإيواء من حزب الله بغية استئجار أحد المنازل في بلدة كفرا والانتقال من مركز الإيواء إليه”.
خيارات محدودة
ليست عائلة السيّد وحدها ما زالت تقطن في مراكز الإيواء، فقد أشار المنسّق الإعلاميّ في وحدة إدارة الكوارث في اتّحاد بلديّات صور، بلال قشمر لـ “مناطق نت”، إلى أنّه “في صور ومحيطها ما زالت أربعة مراكز إيواء تفتح أبوابها حيث تضمّ نحو 550 نازحًا، معظمهم من القرى الحدوديّة التي شهدت تدميرًا إسرائيليًّا واسعًا”. ويلفت قشمر إلى أنّ “بعض النازحين تمكّنوا من العودة إلى منازلهم أو الانتقال إلى منازل خاصّة بعد انتهاء مهلة الـ 60 يومًا، إلّا أنّ عددهم محدود جدًّا”.

ويؤكّد قشمر أنّ “خيارات العائلات النازحة محدودة جدًّا، فالتدمير لم يطل منازلهم وأرزاقهم فحسب، وإنّما طال البنى كذلك البنى التحتيّة لهذه القرى، وهناك عدد منهم ما زالوا ينتظرون انتهاء مفاعيل الحرب بشكل كامل من أجل اتّخاذ القرار المناسب”.
وعلى صعيد تقديمات وحدة الطوارئ، يؤكّد قشمر أنّ “الوحدة تقدّم في الوقت الحاليّ وجبة غذاء واحدة يوميًّا إلى جميع النازحين، مع بعض المستلزمات المتعلّقة بالإيواء”.
انتظار إعادة التعمير
يشرح محمود محمّد مواسي، النازح من بلدة عيترون وربّ أسرة مؤلّفة من ثلاثة أبناء، لـ “مناطق نت”، أنّ نزوحه بدأ منذ عام وأربعة أشهر، وخلال تلك المدّة فقد مواسي عمله ومنزله فـ “بلدتنا تحرّرت لكنّها دُمّرت، وأحاول في الوقت الحالي إيجاد منزل من أجل الانتقال إليه، إذ إنّه ليس من الطبيعيّ أن أبقى مع عائلتي أقطن في مدرسة كلّ العُمر، فالمعاناة كبيرة”.
لذا، يبحث مواسي في الوقت الحاليّ عن منزل في مدينة بنت جبيل أو أيّ بلدة قريبة من عيترون، ويأمل كذلك أن يتمّ تقديم منازل جاهزة للعائلات النازحة. عودة مواسي إلى بلدته تنتظر إعادة التعمير ويعبّر عن أسفه قائلًا “بحسب ما عم يحكوا ولاد الضيعة أنه بدها 15 سنة لترجع متل ما كانت”.
كان مواسي يعمل على جرّار زراعيّ في بلدته قبل الحرب، إلّا أنّه أثناء فترة النزوح أصبح عاطلًا من العمل نظرًا إلى وضعه الصحّيّ ولم يكن لديه أيّ مدخول. ويوضح أنّه “في بداية الحرب كان حزب الله يقدّم لنا 200 دولار شهريًّا”.
تراجع الاهتمام بالنازحين
من ناحيتها، تؤكّد زينب محمّد صالح، نازحة من بلدة بيت ليف، في حديث لـ “مناطق نت” أنّ “الوضع في بداية النزوح كان أفضل من الآن فقد كنّا معزّزين ومكرّمين، وبعد وقف إطلاق النار تراجع الاهتمام بنا”. وتلفت إلى أنّها زارت البلدة ومنزلها و”صحيح أنّه لم يُهدم أو يُدمّر إلّا أنّه لم يعد صالحًا للعيش في الوقت الحاليّ، الأثاث أصابه العفن، ومياه الشتاء تتسرّب من الحيطان، فضلًا عن انتشار الجرذان”.
وتقول إنّها تنتظر الكشف على المنزل من أجل الحصول على التعويض إذ “إنّني لا أملك الأموال اللازمة لإجراء هذه التصليحات”، فضلًا عن ذلك فإنّ “البلدة تفتقر في الوقت الحاليّ إلى المياه وكهرباء الدولة ممّا يمنع عودتي كذلك”.
توضح صالح أنّها لم تترك مركز الإيواء منذ نزوحها إليه في العام 2023 “وبقيت مع عائلتي خلال جميع فترات الحرب”، وتستكمل صالح حديثها والدموع تُذرف من عينيها متمنّيةً أن “يحمي الله شبابنا ويعود الناس جميعهم على ضياعهم”.
النازحة زينب محمّد صالح من بلدة بيت ليف: “الوضع في بداية النزوح كان أفضل من الآن فقد كنّا معزّزين ومكرّمين، وبعد وقف إطلاق النار تراجع الاهتمام بنا”.
في هذه الأثناء، تقترب إحدى النازحات من صالح لتواسيها وتضمّها إليها، وتُشير إلى أنّ “النازحين في مراكز الإيواء لا يملكون أيّ إمكانات لإعادة التعمير بأنفسهم، لذا ننتظر التعويضات”. وتُلفت النازحة من بلدة الظهيرة، التي آثرت عدم الكشف عن اسمها، أنّ “موقع منزلي قريب من موقع الجرداح الإسرائيليّ، وعند تفقّدنا منزلنا المدمّر قام جنود من الجيش الإسرائيلي بإطلاق رصاص باتّجاهنا ممّا أجبرنا على المغادرة بسرعة”.