عليا حسن قاسم كوافيرة جريحة تترشّح لـ “مخترة” شمسطار

بين بلدتها الضليل غربيّ بعلبك، وبين منزلها وصالون التزيين النسائي الخاص بها في عدوس قرب بعلبك تتنقّل عليا حسّون حسن قاسم المرشّحة إلى منصب مختار في بلدة شمسطار، كون أبناء الضليل ينتخبون فيها. تنشغل عليا بتسريحة شعر من هنا و”تاتو” (وشم) من هناك وعينها على “المخترة”. تكسر بترشّحها في بيئة محافظة الصورة النمطيّة للمختار وشخصيّته التي اعتدنا عليها والتي كانت على الدوام حكرًا على الرجال.
تقول عليا “لأنّ للمرأة دورًا في المجتمع والحياة، ولأنّها تشكل مع الرجل ثنائيّة الإنتاج والعطاء وتحمّل المسؤوليّات حيال الأفراد والأجيال، اتّخذتُ قرار ترشّحي إلى الانتخابات الاختياريّة في بلدتي الضليل والتي ينتخب أهلها في الحيّ الشّمالي من بلدة شمسطار البقاعيّة، كي أكون في خدمتها وخدمة أبنائها”.
الجدير ذكره أنّ عدد سكان بلدة شمسطار يبلغ حوالي 40 ألف نسمةٍ وعدد ناخبيها يقدّر بِنحو 17 ألف ناخبٍ في حين يبلغ عدد مخاتيرها 12 مختارًا موزعين على أحيائها الأربعة.

لأنموذج العمل النسائيّ
تتابع عليا لـ “مناطق نت” أنّ عوامل كثيرةً ومنطلقاتٍ عديدةً إلى جانب دورها كعنصرٍ نسائيّ فاعلٍ في المجتمع، دفعتها إلى أن تخوض هذا الاستحقاق بشجاعةٍ وإرادةٍ قويّة ولتقدّم أنموذج العمل النسائيّ في ميادين المجتمع لعلّها تُحدث تغييرًا في الذهنيّة الخاطئة المتحكّمة في احتكار الجنس الواحد في قيادة الحياة.
ومن أبرز دوافع ترشّحها “إنجاز معاملات أبناء بلدتي الضلّيل حيث لا مختار فيها وهم يعتمدون في ذلك على مختار الحيّ الشمالي في شمسطار مع ما ينتج عن ذلك من معوّقات كثيرة. إلى جانب تأمين الخدمات المجتمعيّة الخاصّة بالمختار. والأهمّ من ذلك، أن أكون صلة وصلٍ بين مجتمعي والمؤسّسات المانحة للخدمات والجمعيّات الأهليّة المحلّيّة والخارجيّة لأنّ لي دورًا وعلاقاتٍ مع هذه الجمعيّات وناشطة منذ سنواتٍ فيها لجهة العمل على متابعة قضايا الناس وتقديم مساعدات وخدمات متعدّدة لهم.”
وتؤكّد حسن قاسم أنّها قادرة على رفع مستوى التقديمات لبلدتها من خلال خبرتها وتجربتها المتراكمة في العمل بالشأن العام، وأنّها ستكون “المختارة” الأولى في المنطقة التي ستلعب الدور الحقيقيّ والفاعل والأوّل من نوعه للمختار كي تبرهن “أنّ القيام بالمشاريع المتنوّعة للبلدة ليست حصرًا في البلدية وصلاحيّاتها”.
عليا: الاستماع إلى أبناء بلدتي والوقوف على ما يقولونه أمر واجب لأنّني سأكون ممثَّلةً منهم وممثِّلةً لهم لدى الدوائر الحكوميّة والجمعيّات الخيريّة، ولا يجوز تجاوزهم
جولات تحضيريّة مشجّعة
وتشير إلى أنّها بدأت زيارات استطلاعيّة لأبناء بلدتها كي تضعهم في صورة ما تقوم به والاستماع إلى آرائهم وملاحظاتهم واستفساراتهم “فالاستماع إلى أبناء بلدتي والوقوف على ما يقولونه أمر واجب لأنّني سأكون ممثَّلةً منهم وممثِّلةً لهم لدى الدوائر الحكوميّة والجمعيّات الخيريّة، ولا يجوز تجاوزهم وتجاهل آرائهم.”
تؤكّد عليا أنّها لمست من الغالبيّة العظمى من أبناء بلدتها تقبّلًا وتأييدًا ودعاءً بالتوفيق والنجاح “أستطيع أن أقول إنّ جولاتي التحضيريّة، حتّى الآن، مشجّعة وحماسيّة وإن كان هناك بعض المعترضين على خطوةٍ هي الأولى من نوعها في منطقةٍ ومجتمعٍ لهما مفاهيم وأعراف خاصّة”.
وتلفت عليا إلى أنّ خطابها للناس لن يكون تقليديًّا ولا شعبيًّا “بل سيكون خطابًا حديثًا وتجديديًّا يحاكي تطلّعات الفرد والمجتمع. “فدور المختار في الزمن الحاضر يجب أن يواكب العصر وتطوّراته وأفكاره بعيدًا من المفهوم القديم القائم على محدوديّة التعاطي مع الناس ضمن أهدافٍ لا تعبّر عن رؤى حضاريةٍّ منتجةٍ على الصعد كافة.”
إيمان بالمرأة للقيادة
وتقول المرشّحة عليا حسن قاسم إنّ الناس في مجتمعاتنا البقاعيّة يجب أن يؤمنوا بأهمّيّة وجود المرأة في القيادة كونها تثبت يومًا بعد يومٍ أنّها قادرة على أن تكون في كلّ موقعٍ ومسؤولية. “ووجودها في الحكومة والبرلمان والقضاء والسياسة خير دليلٍ على أنّها لها القدرة الفكريّة لتحمّل أيّ مسؤوليّةٍ تُلقى على عاتقها.”
وتشدّد عليا على وجوب الانتقال بالمرأة من كونها أمًّا وربّة منزلٍ ومديرة أسرةٍ إلى فضاء الحياة الأشمل الذي يتّسع لأفكارها مثل الرجل تمامًا. متسائلةً: “إذا كانت المرأة للمطبخ والعمل المنزليّ فقط فلِمَ دخلت المدرسة والجامعة وتخرّجت حاملةً مختلف الشهادات؟”.
“جُرحي في خدمة ناسي”
تعمل عليا مزيّنةً نسائيّةً، وهي أصيبت بغارةٍ اسرائيليّة قبل الحرب الأخيرة بأشهرٍ في عدّوس قرب مدينة بعلبك. تركت الإصابة في رجلها أثرًا صحّيًّا يحتاج إلى متابعة علاجيّة. إلّا أنّها تمارس أعمالها اليوميّة على ما يرام من دون عقباتٍ تُذكر. تقول: “لقد أنجاني الله من موتٍ حتميّ مع زوجي وأولادي حين سقطت خمسة صواريخ بشكلٍ متتالٍ في ثوانٍ على منزلٍ ملاصقٍ لمنزلنا في منطقة عدّوس لترمينا جميعًا في أمكنةٍ مختلفةٍ وحالت العناية الإلهيّة دون مقتلنا، لكنّني أصبتُ إصابةً بالغةً في رجلي، أجريت على إثرها عمليةًّ جراحيّةً على نفقتنا الخاصّة؛ وأنا أحتاج إلى عمليّةٍ أخرى لإتمام العلاج.”
وتقول إنّها، سواء فازت بالانتخابات الاختياريّة أم لم تَفُز، فإنّ عملها بالشأن العام مستمرّ. وفي حال فوزها ستكون بخدمة أهل بلدتها جميعهم. ولن تكون مختارة حيّها وحسب، بل مختارة البلدة بأكملها. “وجرحي لن يثنيَني عن مواصلة ما بدأته منذ سنواتٍ لأنّني بفضل الله أمشي على رجليّ شافيةً. وسيكون جرحي في خدمة ناسي”.