عائلات وطوائف وأحزاب “شعث” تتنافس والفيصل صندوقة الاقتراع

لم يمرّ التوافق والتزكية اللذان أعلن عنهما ثنائيّ “حركة أمل” و”حزب الله” كشعار لخوض الاستحقاق الانتخابيّ البلديّ والاختياريّ في المناطق التي يعملان بها، ومنها منطقة بعلبك الهرمل مرور الكرام، إذ تعطّل في كثير من البلدات، ما يحتّم مواجهات انتخابيّة للفوز بمجالس تلك البلدات التي تعاني إهمالًا مزمنًا، وحرمانًا من أبسط الخدمات في ظلّ بلديّات مشلولة ينخرها الفساد وتسودها المحسوبيّات.
من بين “المعارك الانتخابيّة” الحامية والمتوقّعة ما ستشهده بلدة شعث في قضاء بعلبك الهرمل، في الـ 18 من الشهر الجاري، من معركة انتخابيّة بين لائحة مدعومة من “حركة أمل” و”حزب الله” ولائحة ثانية تتألّف من عائلات البلدة، إذ شهدت شعث منذ أيام إعلان “لائحة عائلات شعث” المنافسة للائحة الثنائيّ، وذلك بعد فشل الجهود الرامية إلى إنتاج لائحةٍ واحدةٍ توافقيّةٍ في البلدة.
تتميّز شعث، كما بعض بلدات المنطقة، بتنوّعها الطائفيّ المكوّن من الطائفتين الشيعيّة والسنّيّة وعددٍ قليلٍ من المسيحيّين؛ روم كاثوليك وروم أرثوذوكس ولاتين، ويبلغ عدد أعضاء مجلسها البلديّ 18 عضوًا.
آل العرب 1800 ناخب
يشكّل آل العرب في شعث نحو ثلث عدد سكّان البلدة البالغ حوالَيْ 15 ألف نسمة، إذ يربو عدد الناخبين منهم على 1800 ناخب، وهم بحسب ما تقول مصادرهم لـ “مناطق نت” يطالبون بحقّهم في رئاسة البلديّة التي لم يتولَّوْها يومًا منذ انتخابات العام 1998، على قاعدة أنّ “الرئاسة” ليست بالعدد والأكثريّة على الرغم من أنّهم العائلة الأكبر في البلدة ويحقّ لهم ما يحقّ لغيرهم، مقدّمين مثالًا على ذلك بلديّة بعلبك التي يتولّاها شخص من عائلةٍ لا يتجاوز عدد ناخبيها الـ 350 ناخبًا في ظلّ وجود أعضاء من عائلاتٍ يتجاوز عدد ناخبيها الـ 2000 ناخب. متسائلين: لِماذا يحقّ لبعلبك ما لا يحقّ لشعث؟

المشهد الانتخابيّ
بعد أن تعذّر تشكيل لائحةٍ واحدةٍ توافقيّةٍ تراعي المكوّنات الاجتماعيّة والعائليّة في البلدة عمِل رئيس البلديّة الأسبق أديب حرب على تشكيل لائحةٍ أخرى. وهو يقول إنّه حرص على أن تكون لائحته منصفةً وعادلةً وتراعي كلّ العائلات والمكوّنات الطائفيّة ولا تغبن أحدًا حقّه. ويؤكّد لـ “مناطق نت” إنّ “إقصاء مكوّنٍ اجتماعيّ من أبناء البلدة وهو شريك معنا في التاريخ والجغرافيا والبناء الاجتماعيّ الواحد، وأعني بذلك أخوتنا السّنّة، عن حقّهم في التمثيل الحقيقيّ والفاعل في المجلس البلديّ لن أقبل به مطلقًا، انطلاقًا من مبدأ الديموقراطيّة والحقّ القانونيّ المحفوظ للجميع.”
أمّا عن نواة لائحته فيؤكّد أنّها “مكتملة من 18 مرشحًّا وتضمّ ستّة من آل العرب و12 مرشّحًا من مختلف العائلات الأخرى”. ويلفت إلى أنّ “لائحة العائلات هي روح الترابط ومصدر القوّة، يجمعنا اسمها وتوحّدنا قيمها، فهي رمز الإلفة والتماسك وامتداد لجذورٍ عريقةٍ تستحقّ الفخر والصون”. ويتابع “من خلال التعاون والعمل المشترك نسعى إلى تنمية مجتمعنا في شعث، وتعزيز الخدمات والبنى التحتيّة، وتحقيق مستقبلٍ أفضل للأجيال القادمة.”
سلمناها عمارًا تركوها خرابًا
ويشير حرب إلى أنّه “هالني ما رأيت في بلدتي من حرمانٍ وتعطيل للمشاريع الحيويّة والاقتصاديّة فيها، فبعد انتهاء ولايتي في العام 2016 تركت البلديّة بمبناها وتجهيزاتها بكامل جودتها ونوعيّتها، حتّى الأشجار الخضراء، لا سيّما 50 شجرة أرزٍ حول مبنى البلديّة، كانت تجمّل المكان والطبيعة أصبحت بعهد من أتَوْا بعدي خرابًا ودمارًا بكلّ ما للكلمة من معنى.”
حرب: لائحة العائلات هي روح الترابط ومصدر القوّة، يجمعنا اسمها وتوحّدنا قيمها، فهي رمز الإلفة والتماسك وامتداد لجذورٍ عريقةٍ تستحقّ الفخر والصون
ويضيف بأنّ “هناك أشجارًا معمّرةً من تاريخ البلدة قاموا بقطعها لإقامة احتفالاتٍ خاصّةٍ بهم مكانها، أليست هذه جريمةً موصوفةً يعاقب عليها الله والقانون والأخلاق؟”.
ويؤكّد حرب أنّ الطرقات الداخلية في شعث “ونحن في هذا العصر، لا تزال ترابيّةً، فعلى مدى 15 سنةً من استلامهم البلديّة لم ينفّذوا تعبيد طريقٍ واحدٍ، والداخل إلى البلدة كالداخل إلى منطقةٍ منكوبة، وكأنّه لا أهل فيها ولا حياة، فكلّ شيءٍ فيها ميّت.”
ويرى، في حال فوزه، مستقبلًا واعدًا لبلدته في تحسين البيئة وتجميلها وتأهيل شبكات الصرف الصحّيّ وشقّ الطرقات إلى سهولها وتحويلها إلى منطقة سياحيّة واستثمار ينابيعها الكثيرة المهدورة مياهها. “إلى جانب العمل على تجميل بيوت البلدة بوضع أحجار القرميد على أسطحها بشكلٍ جمالي. وبما أنّ بلديّة شعث صغيرة سكّانيًّا فإنّ الإنتاج الاقتصاديّ فيها قليل. وهي لذلك، وبحسب حرب، تحتاج إلى الهبات والمساعدات من كلّ الجهات الداعمة والواهبة “لتنهض إنمائيًّا وخدماتيًّا شرط أن يصبّ ذلك في خدمة المصلحة العامّة وليس المصالح الحزبيّة والفرديّة التي من شأنها ان تقف عائقًا أمام تقدّم البلدة وتطوّرها.”
ماذا عن اللائحة الأخرى؟
من ناحيته يقول رئيس بلديّة شعث الحاليّ والمرشّح إلى الانتخابات البلديّة علي العطّار “إنّ بلدتي ستشهد في الـ 18 من الشهر الجاري تنافسًا انتخابيًّا وليس معركةً انتخابيّة. وهو حقّ طبيعيّ للجميع، فنحن عملنا من أجل التوافق لنكون في لائحةٍ واحدةٍ، لكنّ الآخرين رفضوا ذلك”. لافتًا إلى أنّ “بعض من هم في اللائحة الثانية كانوا معنا في المجلس البلديّ، وعلى مدى تسع سنوات تقاعسوا عن العمل ولم يشاركوا في تقديم الخدمات للناس.”
وعن سبب تشكيل لائحةٍ ثانيةٍ يقول لـ “مناطق نت”: “إنّ اللائحة المنافسة لها مشروعها الخاص؛ إمّا الزعامة أو المصلحة المادّيّة، ونحن منفتحون على الجميع في سبيل خدمة البلدة وناسها.”
وفي ما خصّ وضع آل العرب في شعث لجهة حقوقهم في البلديّة يشير “إلى أنّهم يتوزّعون على عدّة أطراف سياسيّة، وهم دائمًا لهم مركز نائب رئيس في المجلس البلديّ. أمّا الرئاسة فيقضي العرف ألّا تكون لهم، لأنّك عندما تطرح موضوع الرئاسة، عليك أن تكون قادرًا على إدارتها، علمًا أنّ آل العرب يشكّلون ثلث البلدة سكّانيًّا.”
ويقول العطار إنّ بلديّته أنجزت عديدًا من المشاريع والخدمات على صعيد البيئة والصحّة والبنى التحتيّة والتشجير والتربية، ولم تهدر المال وتعاونت مع عديد من الجهات والجمعيّات لتأمين الخدمات لناسها. ويختم “بأنّنا لن نُطلق وعودًا كاذبة أكبر من إمكاناتنا. فنحن في لائحة التنمية والوفاء سنعمل وفق رؤية وخطّة واقعيّة لنقوم بمسؤوليّتنا كاملة”.