القرى الحدوديّة في قضاء صور بلديّات بلا بلدات

تكبر هموم بلديّات قرى وبلدات القطاع الغربيّ، الواقعة في قضاء صور عند الحافّة الأماميّة يومًا بعد يوم. ولا يجد رؤساء البلديّات الجدد المنتخبون أو العائدون مرّة ثانية إلى سدّة الرئاسة “البلديّة” بريق أمل واحد لتخطّي الصعوبات التي تعترض مسيرة العمل إذ يعطّلها الإحتلال الإسرائيليّ بكلّ الطرق والوسائل.

تتعدّد الصعوبات والمشاكل في القرى المترامية، ابتداءً من الناقورة وشمع، وصولًا إلى يارين والضهيرة ومروحين والبستان وشمع وطيرحرفا وشّيحين والجبّين والزلّوطيّة وعلما الشعب.

إنّ أكثر ما تعانيه تلك البلدات المدمّرة بنسب مختلفة، غياب أهلها القسريّ عن تراب بلداتهم، وبالتالي غياب السلطات المحلّيّة المنتخبة ورؤسائها المنفيين قسرًا، الذين لا يجدون مقرًّا يؤي اجتماعاتهم في الحدّ الأدنى، أو استقبال فرق مسح الأضرار والكشف على البيوت المدمّرة عن بكرة أبيها.

ويعيش رؤساء البلديّات: يارين، مروحين، الزلّوطيّة، الضهيرة، الجبّين، شّيحين، طيرحرفا وغيرها، بعيدًا من قراهم التي تحتاج إليهم مثلما تحتاج إلى سكّانها الممنوعين من العودة بفعل التعدّيات الإسرائيليّة، المتمثّلة بالغارات المتواصلة وأعمال التمشيط وقنابل الدرونات واصطياد العائدين إلى بيوتهم

يحتضن اتّحاد بلديّات صور غالبيّة اجتماعات المجالس البلديّة التابعة للبلدات المذكورة. وهو لا يبخل بحسب عديد منهم من تقديم الدعم اللوجستيّ.

أكثر ما تعانيه تلك البلدات المدمّرة بنسب مختلفة، غياب أهلها القسريّ عن تراب بلداتهم، وبالتالي غياب السلطات المحلّيّة المنتخبة ورؤسائها المنفيين قسرًا

طيرحرفا المدمّرة

يؤكّد رئيس بلديّة طيرحرفا المهندس ياسر عطايا أنّ طيرحرفا منكوبة ومغيّبة إعلاميًّا، وقد دُمّر فيها ما يقارب الـ 400 وحدة سكنيّة، أيّ بنسبة 95في المئة”. ويتابع في حديثه إلى “مناطق نت”: “لقد قمنا بإدخال سبعة بيوت جاهزة إلى القرية، بعد موافقة الجيش واليونيفيل ثمّ أتى العدوّ الإسرائيليّ ودمّرها جميعها”. ويصيف عطايا: “إنّ البلديّة السابقة تركت في الصندوق البلديّ مليارًا ونصف مليار ليرة لبنانية، وهذا المبلغ لا يكفي تغطية كلفة أيّة أضرار”.

وحول ما إذا كانت البلديّة الجديدة قد اتّخذت مقرًّا موقّتًا في البلدة بديلًا عن مقرّ المجلس البلديّ المهدّم يوضح عطايا “إنّنا نستعين بمكتب خاصّ قرب مدينة صور نجري فيه الاجتماعات، وفي أحيان أخرى في المقاهي”. ويتابع عطايا “نجتمع كلّ 15 يومًا ونناقش أمور القرية”. ويشير إلى أنّ “المجلس البلديّ وضع تصوّرًا لعمليّة إعادة الإعمار في طيرحرفا، لكن تلك العمليّة مرتبطة بطبيعة الحال بالجهات المانحة، بالإضافة إلى ذلك يساهم المجلس البلديّ في متابعة الحالات الصحّيّة لأبناء البلدة، من خلال تأمين ثمن الأدوية المستعصية وجمع التبرّعات من أجل القيام بعمليّات جراحيّة، فضلًا عن مساعدة بعض العائلات التي كانت تعمل في الزراعة ولا معيل لها، من خلال هذه التبرعات”.

يارين المنكوبة

تعدّ بلدة يارين المحاذية للحدود الفلسطينيّة مباشرة، ولم يسلم بيت واحد من بيوتها ومؤسّساتها ومن بينها مبنى البلديّة، من أكبر بلدات المنطقة، وتتوزّع غالبيّة أهلها النازحين بين منطقتيّ صور والزهراني. لم تعد إلى يارين منذ وقف إطلاق النار أيّ عائلة من عائلاتها، حيث لا مكانَ تأوي إليه ولا أمان.

بلدة طيرحرفا المدمرة

يفيد رئيس بلديّة يارين عدنان أبو دلّة لـ “مناطق نت” بأنّه “لا يوجد مقرّ لنتابع فيه عملنا البلديّ، هناك وعود بالحصول على مقرّ موقّت بالقرب من مدينة صور، وننتظر”. ويضيف: “هناك معاناة لناحية صعوبة التواصل مع الناس من أبناء بلدتنا الذين كانوا يعتمدون في معايشهم على الزراعة. وكلّ ما نقوم به حاليًّا هو تفقّد البلدة بين الحين والآخر والقيام بإعداد المشاريع (بنية تحتيّة) كتأمين المياه. يارين بلدة منكوبة إلى أقصى الحدود”.

مروحين المحتلّة

لا يزال قسم من بلدة مروحين محتلًّا، إذ يتمركز جنود الاحتلال في جبل بلاط التابع للبلدة إداريًا، وهو أحد النقاط الخمسة المحتلة بعد حرب الـ 66 يومًا.

كغيرها من البلدات المجاورة، لم يعد إلى مروحين المدمّرة كلّيًّا أيّ من عائلاتها النازحة إلى منطقة صور وبعض مراكز الإيواء.

يشرح رئيس البلديّة محمّد غنّام لـ “مناطق نت” حال القرية، فيقول “إنّ اجتماعات المجلس البلديّ تتمّ في مركز اتّحاد بلديّات صور في الشواكير، ويقتصر عملنا حاليًّا على متابعة وضع الأهالي النازحين مع الجمعيّات والمؤسّسات الإنسانيّة ومجلس الجنوب وهيئة إدارة الكوارث، وأيضًا متابعة أمور الأهالي ممّن يرغبون في تفقّد كروم الزيتون والفواكه وذلك بعد التنسيق مع الجيش اللبنانيّ وقوّات اليونيفيل”.

الدمار في بلدة مروحين

يتابع غنّام عن مشاريع البلديّة فيقول إنّها “مجمّدة حاليًّا، كون نصف البلدة تحت سيطرة العدوّ الإسرائيليّ المباشرة، والنصف الثاني تمّت السيطرة عليه بالنار، ولا يوجد أيّ عائلة تقطن في مروحين، ولا يوجد فيها أيّ مبنى قائم”.

الضهيرة موطن العرامشة

يحرم الإحتلال الإسرائيليّ أهالي حيّ الضهيرة الفوقا من تفقّد منازلهم المدمّرة الواقعة تحت مرمى موقعه العسكري في منطقة عرب العرامشة.

ويوضح رئيس البلديّة الشيخ ناجي السويد لـ “مناطق نت” أنّه “في ظل عدم وجود مركز للبلديّة، نتواصل مع الأعضاء عبر الواتساب، ويعقد المجلس البلديّ اجتماعاته الدوريّة في غرفة تُهيّئ مسبقًا في مبنى اتّحاد بلديّات صور. لقد بدأنا من الصفر وإلى الآن لم يتسنَّ لنا القيام بالأعمال التنفيذيّة، وحتّى هذه اللحظة لا نستطيع صرف أيّ مبلغ ماليّ”.

تعاني بلديات القرى الحدودية من فراغ صناديقها وافتقادها إلى مقرّات ومبانٍ تؤوي مجالسها البلديّة المنتخبة

يتابع: “لا توجد مقوّمات العمل البلديّ والأسباب كثيرة، إذ إنّ النزوح في الضهيرة هو نزوح كامل والعائلات مشتّتة، وهناك أسرٌ ما زالت تقيم في المدارس”. ويختم “إنّ عملنا يقتصر في الدرجة الأولى على اللقاءات والزيارات”.

الجبّين دمارها شامل

لم يبقَ في الجبّين سوى سبعة منازل من أصل أكثر من 200 منزل. فجميع منازلها سوّيت بالأرض، فيما تجهد البلديّة لإحداث خرق ولو طفيف لعودة الروح إلى البلدة على رغم كلّ الصعوبات والعقبات.

يؤكّد نائب رئيس البلديّة محسن عقيل أنّ “الاجتماعات تتمّ في الاتّحاد أو في أحد المنازل أو المكاتب، فلا مواردَ للبلديّة، إذ يتمّ العمل بالوسائل المتاحة لمساعدة أهالي البلدة”. ويشير عقيل لـ “مناطق نت” إلى أنّ “البلديّة تواكب على الأرض، وهي تتابع أعمال رفع الركام الذي يتولّاه مجلس الجنوب”، مؤكّدًا أنّ “أبناء البلدة النازحين بأمسّ الحاجة إلى الدعم والمؤازرة”.

إنّ معاناة بلديّات القرى الحدوديّة الواقعة في القطاع الغربيّ بقضاء صور، تمتدّ إلى جميع البلديّات الأخرى في المنطقة، والتي بدورها تعاني من فراغ صناديقها وافتقادها إلى مقرّات ومبانٍ تؤوي مجالسها البلديّة المنتخبة، إذ يعيش معظم رؤسائها في أماكن نزوحهم إسوة بأبناء بلداتهم الموزّعين خارج قراهم.

إعادة إعمار محدودة في بلدة الجبين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى