بيوت جاهزة فوق ركام منازل بيت ليف الجنوبيّة

لا يختلف المشهد هنا في بلدة بيت ليف الواقعة ضمن بلدات الخط ّالثاني الحدوديّ، عن سواه في البلدات القريبة، حيث إنّ الهدوء سيّد الموقف تتخلّله حركة خفيفة لا تشي بعودة الحياة إلى طبيعتها، على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل تحقيقها.
هدوء المشهد في بيت ليف (قضاء بنت جبيل) التي تحدّها بلدات القوزح وصربين وياطر، بدّده مبادرة أبناء البلدة المغتربين في أستراليا لمؤازرة إخوانهم وأقاربهم في تدبّر أحوالهم، فقدّموا عشرة بيوت جاهزة لإقامة العائلات التي فقدت منازلها خلال الحرب بشكل مؤقّت، بانتظار عمليّة إعادة التعمير، على الرغم من الاستهدافات المستمرّة التي تتعرّض لها البيوت الجاهزة في القرى الحدوديّة من قبل قوّات الاحتلال الإسرائيليّ.
يبرز التعاضد الأهليّ بين أبناء بيت ليف المقيمين والمغتربين، إذ تدفعهم النخوة إلى مدّ يد العون للفئات الأكثر حاجة منهم، وبخاصّة ممّن دُمّرت منازلهم بشكل كامل، وباتوا بلا مأوى يلملمون أوجاع ما خلّفه العدوان الإسرائيليّ ونتائجه.
“مناطق نت” زارت بيت ليف وعاينت البيوت الجاهزة المقدّمة من “جمعيّة الحسن في أستراليا”، والتقت عائلات تسلّمت تلك البيوت، التي تشكّل جزءًا من المبادرة، إذ ستليها دفعات أخرى من البيوت سيتمّ إرسالها تباعًا، وذلك بالتنسيق والتعاون الكاملين مع البلديّة.

تمّ وضع هذه البيوت على أنقاض المنازل المدمّرة، بعدما جرى رفع الركام وتسوية الأرض. وتتراوح مساحة كلّ وحدة من تلك البيوت بين 40 و45 مترًا مربّعًا، مجهّزة بمطابخ ودورات مياه.
احتياجات كثيرة وإمكانيّات متواضعة
تسعى بلديّة بيت ليف، بإمكاناتها المتواضعة، مثل سائر البلديّات، إلى تحقيق الحدّ الأدنى من الاحتياجات التي من شأنها تمكين الأهالي من العودة إلى البلدة. وفي هذا الإطار يؤكّد رئيس البلديّة عزّت حمّود مواصلة البلديّة تكثيف جهودها واتّصالاتها لتأمين مقوّمات الحياة الرئيسة، وعلى رأسها الأدوية والطبابة والمساعدات التموينيّة، من خلال العلاقات مع “مالطا” والصليب الأحمر وقوّات الطوارئ (اليونيفيل).
ويتابع لـ “مناطق نت” بأنّ “الحياة بدأت تعود شيئًا فشيئا إلى القرية، حيث تمّ تأمين الكهرباء والمياه”. وشكر حمّود النائب أيّوب حميّد الذي كان على تواصل دائم مع الجهة المانحة وبدعم ومؤازرة من مجلس الجنوب وقيادة الجيش اللبنانيّ وجمعيّة الإمام الحسن في أستراليا التي قدّمت المنازل الجاهزة، وإصرار وعزيمة الأهالي في بلاد الاغتراب.
بيت ليف التي يبلغ عدد سكّانها حوالي 8500 نسمة، عاد إليها منذ تاريخ وقف إطلاق النار في الـ 27 من تشرين الثاني (نوڤمبر) الماضي نحو 400 عائلة، من أصل 5000 نسمة كانوا يقطنون البلدة بشكل دائم قبل الحرب.
أدّت الحرب إلى تدمير نحو 120 وحدة سكنيّة في بيت ليف بشكل كامل، وبين 400 إلى 500 بشكل جزئيّ
أدّت الحرب إلى تدمير نحو 120 وحدة سكنيّة في بيت ليف بشكل كامل، وبين 400 إلى 500 بشكل جزئيّ، فيما تعرّضت 300 وحدة سكنيّة لأضرار مختلفة من أصل 1100 كانت تشكّل مجمل الوحدات السكنيّة في البلدة.
زراعة متوقّفة
قبل الحرب، كانت بيت ليف تعتمد بشكل رئيس على زراعة التبغ والزيتون اللذين يشكّلان إحدى الركائز الاقتصاديّة والمعيشيّة لعدد كبير من أبناء البلدة، لكن منذ الثامن من تشرين الأوّل (أكتوبر) العام 2023، فقدت بيت ليف موسمين زراعيّين وهما الزيتون والتبغ، فضلًا عن تضرّر اليد العاملة بسبب غياب المغتربين الذين عادةً ما يقومون ببناء منازل عند قدومهم إلى البلدة.
أمّا اليوم، وبسبب تمركز قوّات الاحتلال في التلال الخمس، تشير إحدى سيّدات البلدة إلى أنّ الزراعة شبه معدومة وذلك لخطورة ذهاب الأهالي إلى أراضيهم من دون مرافقة الجيش اللبناني وقوّات اليونيفيل.
قلق وعدم اطمئنان
المواطن علي ملك، الذي فقد منزله إبّان العدوان الإسرائيليّ، وتسلّم أحد البيوت الجاهزة أخيرًا، لا يخفي قلقه من إقدام إسرائيل على استهداف هذا المنزل.
من ناحيتها أشارت الناشطة في البلدة حوراء حميّد إلى أنّ “المبادرة ممتازة، وقد جاءت في الوقت المناسب، حيث إنّ أهالي بلدتنا بأمسّ الحاجة إليها، إذ خفّفت عبئًا كبيرًا على العائلات التي دُمّرت بيوتها جرّاء العدوان الإسرائيلي”. وتابعت لـ “مناطق نت”: “بالتأكيد لدينا خوف من استهدافات إسرائيليّة لهذه البيوت، فليس غريبًا أبدًا على هذا الكيان الغاصب الأعمال العدوانيّة، لا سيّما أنّ بيت ليف بلدة تحدّت جميع العوائق وأصرّ أهلها على العودة وإعادة الحياة إليها، وهذا بحدّ ذاته تحدٍّ كبير لإسرائيل التي لم يتوقّف عدوانها على لبنان حتّى الآن”. وتختم “إسرائيل لا شي يردعها عن أيّ عمل تخريبي كاستهداف هذه البيوت”.

