بلدة حلاّن وآل الحلاني وفروعهم في لبنان*
يحضر التاريخ في المعركة الانتخابية المقبلة في دائرة جبيل، والأصح القول إنه يتم استحضاره لغايات تصنيع العصبيات الانتخابية. يمكن الربط بسهولة بين مداواة أوجاع انتخابية لمرشحين بنكأ جراح كان الأجدى أن تبقى مدفونة في ثرى التاريخ، أو فتحها في مناسبات أخرى، تتحول فيها قراءة الماضي لتعميق المصالحات، بالوقوف على أحداثه، واستعادتها، ليس بمنطق التجريم أو طلب التعويضات أو بناء قضايا، إنما بانتاج وعي يكون فيه العيش الواحد في هذا الحاضر، بمثابة تأثيم لشيء من الماضي، وانتاج قيم جديدة تعزز التسامح ولا تتبرم من الاختلاف والتنوع وقبول الآخر، بكلفة لا تنال من وحدة الشعب والدولة.
هذه مقالة من تحقيق القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو (نشرها في إطلالىة جبيلية)، هي في جانب منها توضح كيفية تشكل الديموغرافيا في منطقة بعلبك وجبل لبنان، وارتباطها بالترانسفير المملوكي، وللمقالة صلة بالسجال الذي دار حول إعادة ترميم مسجد بلدة حلّان، وإذ ننشرها في “مناطق نت”، ليس بغرض تسييس أحداث طوى مفاعيلها الزمن، إنما لإعادة بناء وعي قادر على تدوير أوجاع الماضي عقاقير يتداوى بها هذا الحاضر العليل…إلى المقالة:
********************************* مناطق نت
الوثيقة التاريخية
يقول المؤرخ العشائريّ المرحوم الشيخ كامل محمد الحاج كاظم عمرو المتوفى سنة 1977 في أوراقه:[قال الشهيد الأوّل محمد بن مكي الجزينيّ العامليّ (قده) كان رجل ساكن في قرية حلين(1) ـ جبل لبنان يدعى محمد بن ترغاي بن ايفاس من قبيلة تدعى قادجين من قرية تسمى خواحيه ايلقار وهي من أعمال الكسن قبيلة من التركمان.
يقول المؤرخ تخلّف المدعو محمد بعائلة لقبت بآل الحلاني نسبة للقرية الّذين كانوا ساكنين فيها».
يقول المؤرخ الشيخ علي بن عبد العال الميسي قبل الشهيد الثاني:« لما ذُبحت الشيعة والسادة بدور حكومة المماليك نزحت الشيعة إلى بلاد بعلبك وجبل عامل والبقاع وعكار وحمص فبقي من عائلة آل الحلاّني في بلاد بعلبك وجبل لبنان».
يقول المؤرخ الشيخ علي بن أحمد الملقب بزين الدين المعروف بإبن الحجّة الشهيد الثاني الجبعيّ العامليّ:« تفرّع من آل الحلاّني آل الدلبانيّ وآل شحاديّ وآل الملاح وآل سليم».
يقول المؤرخ:« تفرّع من آل الحلاّني آل المشنتف، آل موعاوية (2) القاطنين في بلاد بعلبك وآل زين الدين القاطنين بقرية يونين من أعمال بعلبك»(3)].
ثُمّ تكلّم عن عائلات تركمانيّة شيعيّة أخرى كانت تسكن في جبل لبنان ونزحت إلى بلاد بعلبك والبقاع وجبل عامل وعكار وحمص بعد أن قام المماليك بذبح الشيعة والسادة وتهجيرهم سنة 605 هـ. الموافق لسنة 1305م. من كسروان وجبل لبنان وتلك القبائل ترجع إلى قبيلة ربيعة العربيّة. وهذه العائلات التركمانيّة الشيعيّة هي: آل مصطفى وكانوا يسكنون بلدة (بسحل(4))، وقد تفرّع عنهم آل حسن قاسم. وبايزيد التركماني كان يسكن قرية رشعين تفرّع عنه آل الرشعيني نسبة إلى بلدة رشعين. وحسين ابن قاجين التركمانيّ كان يسكن في قرية الجورة (5) من جبل لبنان تخلّف بعائلة آل الحاج حسين.
إلى أن خَلَص إلى كلام المؤرخ الشيخ علي بن عبد العال الميسي قبل الشهيد الثاني عن العائلات الآنفة الذكر، بقوله:« يقول المؤرخ أنّ هذه العائلات جميعها تابعة إلى قبائل الّذين تنتسب إلى ربيعة بن نزار (6) كانوا أجدادهم(7) في كسروان تمَّ كلام المؤرخ.
الهوامش:
(1) حلين باللهجة العربيّة العامليّة اليمنيّة وهي بلدة حلاّن حيث يقع القسم الأكبر منها في منطقة غدراس العقاريّة والقسم الآخر يقع في منطقة غبالة العقاريّة والفاصل بينهما نهر الحصين في قضاء كسروان ـ الفتوح.
(2) آل موعاوية الساكنين في بلاد بعلبك وهم فرع من آل المشنتف الساكنين في جبيل والّذين هم أيضاً من آل الحلاني كما تقدّم الكلام. والصواب هو: معاوية في اللغة العربيّة، وأمّا موعاية فهي باللهجة البعلبكيّة أو الطرابلسيّة وهم من العائلات الشيعيّة المعروفة بولائها لأهل البيت i، ومنهم في أيامنا السفير الأستاذ جعفر معاوية.
(3) أوراق المؤرخ العشائريّ المرحوم الشيخ كامل عمرو، موجودة عند ولده الأستاذ علي كاظم، ومنها نسخة في جمعية قبس يقوم المؤرخ الأستاذ عليّ داود جابر بحفظها وتحقيقها. ونسخة أخرى بحيازة رئيس تحرير مجلة إطلالة جُبيليّة، ونسخة أخيرة في مكتبة بلديّة المعيصرة، مع التصرف.
(4) بلدة (بسحل) والصواب هي بلدة بزحل الواقعة جنوب نهر إبراهيم في قضاء كسروان ـ الفتوح.
(5) قرية الجورة بجبل لبنان يحتمل أنّها قرية: جورة الترمس أو قرية جورة بدران وكلتا القريتين كانتا قديماً من مزارع بلدة غبالة في قضاء كسروان ـ الفتوح.
(6) وقبائل ربيعة بن نزار شاركت في الفتوحات العربيّة الإسلاميّة في سوريا ولبنان وفلسطين وتشيعها للإمام عليّ بن أبي طالب ولأولاده i، قديم. حيث شاركت هذه القبيلة وفروعها بالجهاد تحت رايته t، في معركة صفين ضدَّ معاوية بن أبي سفيان. وقد وقع قسم من أراضي هذه القبيلة تحت حكم الأتراك أيام حكم السلاجقة الأتراك لبغداد وللدولة العباسيّة. ولا زال قسم منهم لغاية تاريخه خاضعاً للجمهوريّة التركيّة في منطقة ديار ربيعة القريبة من شمال العراق. وكذلك يوجد قبائل عربيّة أخرى لا زالت خاضعة لحكم الجمهوريّة التركيّة في ديار بكر وديار تغلب وانطاكية وجبال طوروس والإسكندرونة وغيرها من أقاليم عربيّة لم ينسحب منها العثمانيون الأتراك في الحرب العالميّة الأولى. ويغلب على العرب في تلك البلاد المذهب العلويّ والمذهب السُنيّ الحنفيّ مع الشيعة الإماميّة وهم أقلَّ طائفة بهذه المنطقة مع جيرانهم المسيحيين في إنطاكيّة.
(7) وقوله: كان أجدادهم مع أجدادهم في كسروان يعني: كان أسلاف وأجداد آل الحلاني وفروعهم وهم: آل الدلباني وآل شحادة وآل المشنتف وقد تفرّع عنهم آل موعاوية وآل زين الدين في بلاد بعلبك ويونين، وأجداد العائلات التركمانيّة الشيعيّة الأخرى التي نزحت إلى بلاد بعلبك وهي: آل مصطفى وآل حسن قاسم وآل الرشعيني وآل الحاج حسين كان أجدادهم يسكنون في كسروان. وترجع جذورهم البعيدة إلى قبيلة ربيعة بن نزار الواقعة تحت حكم التركمان منذ أيام السلاجقة ولغاية تاريخه في منطقة ديار ربيعة التابعة للجمهوريّة التركيّة القريبة لشمال العراق. وفي كتاب: «المعيصرة وعشيرة آل عمرو الوائليّة بين الماضي والحاضر» للدكتور عبد الحافظ شمص، قال عن آل سلوم في المعيصرة أنّهم فرع من آل الحلاني في كسروان ـ الفتوح. كما أنّ الأستاذ يوسف عماد في كتابه عن «شجرة العائلة القرقمازيّة» في فتوح كسروان وهم أكثر من عشرين عائلة كعائلة آل قرقماز وآل لطيف وآل غانم وغيرهم من ذريّة الأمير محمد قرقماز التركمانيّ من أمراء كسروان المسلمين السُنة. كما أنّ حكام كسروان بعد نكسة 1305م. كانوا أمراء آل عسّاف وهم تركمان مسلمون سُنّة تولوا كسروان من قبل المماليك ثُمّ من قبل العثمانيين وقد تفرّع عنهم عدّة عائلات لبنانيّة».
*تحقيق القاضي الدكتور الشيخ يوسف محمد عمرو.