سوق المرج..بساطة شعبية وحكايات التاريخ والحاضر
كتب خالد صالح
اليوم ” السوق ” ..عبارة تحتلّ أفواه الناس على رأس كل أسبوع في بلدة المرج – البقاع الغربي، وتحتل إهتمام أهالي القرى البقاعية واللبنانية المعنية .
” سوق المرج الشعبي ” أحد أهم وأقدم الأسواق الشعبية في لبنان على الإطلاق، ويعود تاريخه إلى بدايات القرن الماضي، وحتى اليوم لا يزال يحافظ على طابعه الشعبي نظراً لما يوفّره من مساحة إقتصادية ” على قدر الحال ” لكل مواطن، في ظل التردي الإقتصادي الذي يعيشه لبنان .
لم يكن سوق المرج أو ” سوق الإثنين ” مجرّد تجمع شعبي لحركة إقتصادية بسيطة، بل أصبح ملتقىً للكثيرين من أبناء البقاع، وتشعر صباح كل إثنين أن هذه البلدة التي تتوسط السهل قد أصبحت مدينة تدب فيها الحياة على مدار ساعات النهار، وتعجّ بالناس المقيمين والوافدين من كل حدب وصوب .
تجوب ” البسطات ” التي تفترش مساحة تزيد عن 25 ألف متر مربع، تفقد تركيزك أحياناً على وقع صراخات الباعة، ينادون على معروضاتهم، بشكل فكاهي يرسم على محياك إبتسامة عفوية .. للخضار والفاكهة نداء، للألبسة والأواني المنزلية والأحذية، الجديدة والـ ” بالات ” نداء آخر، الحلويات والسندويشات لاسيما السندويش الأشهر يوم الإثنين ” الفلافل “، النقولات والبزورات والبهارات والألبان والأجبان، أما ما يًميز سوق المرج ويتفرّد به عن غيره من الأسواق الشعبية سواء في البقاع أو في لبنان، فهو القسم المخصص للمواشي، حيث يتم بيع المواشي نقداً وعبر المبادلة.
تطور سوق المرج الشعبي عبر السنين تطوراً مطرداً، وساهمت المجالس البلدية المتعاقبة على البلدة في تحسين مرافقه بشكل كبير، فمساحة الأرض التي يشغلها مغطاة بالإسفلت ويتوسطها أعمدة للإنارة، ومحاط بسور جميل أضفت البلدية عليها مسحة من الجمال عبر زرعها لأشجار الصنوبر، والسوق مجهز بالحمامات والمغاسل، وهذه التحسينات التي طرأت عليه لم تمس طابعه الشعبي .
رئيس بلدية المرج السيد منور الجراح أكد لموقع ” مناطق.نت ” : إن السوق الشعبي هو من العلامات التي تًميز بلدتنا، لذلك أوليناه الإهتمام اللازم، لاسيما وأنه مورد مهم لصندوق البلدية، حيث تتجاوز قيمة الإستثمار فيه الثلاثمئة وخمسين مليون ليرة سنوياً، وهذا يعود بالنفع على بلدة المرج، من هنا نحاول كل ما في وسعنا لتطويره وتحسينه من دون المس بطابعه الشعبي والتراثي، بل توفير كل السبل الآيلة لإزدهاره، ونحن في تواصل دائم مع كل المنظمات الدولية، لإستكمال الجزء المنفذ من ” الخيم ” المسقوفة بالقرميد، وصيانة أرضه بإستمرار .
ويؤكد الجراح : السوق الشعبي تاريخي بكل معنى الكلمة، وعلينا كمجلس بلدي أن نحافظ عليه، لهذا نهار الإثنين من كل أسبوع تتفرغ أجهزة الشرطة في البلدية لتسهيل حركة الناس والسيارات، وعند المساء بعد الإنتهاء من النهار الطويل، تدخل آليات البلدية لتنظيفه من كل بقايا الحركة الإقتصادية، لتعود ساحة السوق إلى حالتها النظيفة كواجهة من واجهات بلدتنا التي نفتخر بها .
وختم الجراح : رغم مرور قرن من الزمن على إنطلاقة السوق الشعبي، ورغم إنتشار الأسواق الشعبية في المنطقة على مدار أيام الأسبوع، لا يزال سوق المرج هو الأكبر والأهم والأوسع إنتشاراً، ولا يزال يحتل رأس القائمة كأكثر الأسواق حركة تجارية خصوصا في السنوات الأخيرة مع تزايد عدد النازحين من الأخوة السوريين، ويمكنني القول بأن حركة التداول التجاري فيه بين بيع وشراء من أهم الحركات التجارية في المنطقة.
سوق المرج الشعبي أو ” سوق الإثنين ” ليس فقط سوقاً للبيع والشراء، فهو محطة ” للفرجة “، للنوادر والإبتسامات العفوية التي تتطاير على مسامعك من أسلوب العرض، هو مساحة شعبية للمفاصلة والمجادلة على الأسعار بين البائع والمشتري، هو سوق ورغم التقدم الهائل في كل المرافق، بقي محافظاً على بساطته وشعبيته ولم ينل منه الزمن، وهو فرصة متاحة للتخفيف من الأعباء المالية التي تتعاظم يوما بعد يوم ..